الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

د. زكي أنور نسيبة لـ«الاتحاد»: إرث زايد الثقافي.. باقٍ على مرّ الزمن

د. زكي أنور نسيبة لـ«الاتحاد»: إرث زايد الثقافي.. باقٍ على مرّ الزمن
21 أكتوبر 2021 07:08

متابعة: عبد العزيز جاسم
حوار: سعد عبد الراضي 

الثقافة هي باب العبور إلى قمم المجد، وهي التي غيرت الإمارات، ونقلتها إلى مصاف الدول المتقدمة، وهذا ما أكده حكيم العرب المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان - طيب الله ثراه - في إحدى زياراته الداخلية حيث قال: «الإمارات تغيرت بالثقافة».
من هذا المنطلق طرقنا باباً مثالياً للمناقشة والوقوف عبر محطات ثقافية على نوافذ التنوير والمعرفة التي أضاءت الطريق نحو استشراف المستقبل، ألا وهو باب معالي الدكتور زكي أنور نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، ففتح لنا قلبه العاشق للأرض الطيبة وعقله العامر بالعلم والثقافة، وكان هذا الحوار: 

* ما رأي معاليكم في معرض العين للكتاب هذا العام مقارنة بالأعوام السابقة؟
- لقد قدّمت دولة الإمارات أنموذجاً رائداً في كيفية إدارة أزمة فيروس كورونا وتخفيف تداعياته، لتكون من أوائل الدول على الصعيد العالمي التي باتت على الطريق الصحيح في طريق التعافي الكامل من هذه الجائحة، في خطوة تدعو جميع بلدان العالم لاستخلاص الدروس والعبر من تجربتها المُتميّزة، وتأتي استضافة مدينة العين لمعرض العين للكتاب في دورته الـ 12، تحت رعاية سمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان، ممثل الحاكم في منطقة العين، وفعالياته التي استمرّت على مدار 10 أيام متواصلة، تؤكد ريادة الدولة في كافة المجالات وعلى جميع الأصعدة، فالمُشاركة الواسعة من قبل أكثر من 100 عارضٍ ودار نشرٍ، مع نُخبة مُتميّزة من الكُتاب والمثقفين، وإقامة نحو 24 جلسة حوارية لأكثر من 50 متحدّثاً أبرزت بلا شكٍ ثقتهم بالإجراءات الصحية والاحترازية الفعّالة والآمنة التي تُطبّقها الدولة، ويُسعدنا أن معرض العين للكتاب 2021، قدّم للجميع برنامجاً غنياً ومتنوّعاً شمل التراث، الأدب، الشعر، الفكر والفن، مُسلّطاً الضوء على الإرث الثقافي الغني للإمارات خلال الخمسين عاماً الماضية بشكل عام، وعلى مدينة العين التي تحتل موقعاً متميّزاً في قائمة التراث الثقافي العالمي غير المادي بشكل خاص، كما سلّط الضوء أيضاً على الحاضر والمواهب الناشئة في مجال الأدب والشعر والإبداع الفكري والفني، والتي نتطلّع إليها بعين التفاؤل لتصنع الخمسين المقبلة.

* ما رأيكم فيما يقوم به مركز اللغة العربية وما يقدمه من مبادرات؟
في الواقع نفتخر بمركز أبوظبي للغة العربية وإنجازاته المُتميّزة في مجال تنظيم معارض الكتاب في مدينتي أبوظبي والعين، وحرصه على حفظ وحماية تراث وثقافة إمارة أبوظبي والترويج لهما، ودعم إقامة الفعاليات الفكرية والأدبية والفنية، التي تُشكل جزءاً أساسياً من البيئة الثقافية الغنية للإمارة، وتُمثّل تظاهرة ثقافية رائدة لقطاع صناعة النشر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، واحتفالاً أدبياً سنوياً ضخماً يجمع الأدباء والمثقفين من جميع أنحاء العالم تحت سقف واحد، ويُسعدنا أن مبادرات مركز أبوظبي للغة العربية تدعم كافة المواهب العربية في مجالات الكتابة والترجمة والنشر والبحث العلمي وصناعة المحتوى المرئي والمسموع. 
ويأتي مشروع «مئة كتاب وكتاب» كمبادرة رائدة ومُتميّزة لوضع قوائم موثوقة ومعتمدة للكتب العربية التي أثرت الثقافة العالمية ومثّلت إضافة إلى المعرفة الإنسانية، كما يلعب دوراً مهمّاً وأساسياً في سدّ الثُغرة التي تُعاني منها صناعة النشر العربية، وتوفير مادة معرفية يحتاج إليها القارئ العربي المقبل على اكتشاف الكنوز الإبداعية العربية على مرّ العصور، إضافة إلى توفير مادة غنية يستفيد منها أبناء الثقافات واللغات الأخرى من باحثين وناشرين ومترجمين ومؤرخين وقراء، وتسهيل وصولهم إلى هذه الأعمال والتعرف على مضمونها والمعلومات الأساسية المرتبطة بها، كما يعكس المشروع أيضاً ثراء الإنتاج الفكري والإبداعي العربي، ويفتح نافذة واسعة لكي يتعرف العالم على هذا الإنتاج الكبير ويتفاعل معه.
  
* حدثنا عن علاقة الشيخ زايد طيب الله ثراه بالكُتّاب والكِتاب؟
- بدأت ريادة الإمارات الثقافية منذ 30 عاماً، برؤية حكيمة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «رحمه الله»، الذي عمل على ترسيخ الفعل الثقافي بإطلاق سلسلة من المشاريع وأولها «معرض أبوظبي الكتاب» عام 1981، حيث قال إن «الكتاب هو وعاء العلم والحضارة والثقافة والمعرفة والآداب والفنون، وأنّ الأمم لا تقاس بثرواتها المادّية وحدها، وإنّما تقاس بفكرها وأصالتها الحضارية، لأن الكتاب سيظل هو أساس ومنبع هذه الأصالة»، ليُصبح المعرض فيما بعد حدثاً ثقافياً عالمياً، ونافذة حضارية تجمع ثقافات العالم تحت مظلة واحدة في العاصمة أبوظبي، وقد انعكست نشأة الشيخ زايد «رحمه الله» في مدينة العين ومحيطها الصحراوي القاسي عليه لتُشكّل منه شخصية حكيمة مرموقة، شغوفة بمعرفة وقائع وتاريخ المنطقة في شبه الجزيرة العربية، تُحبّ الشعر الذي كان أقرب في حكمته ومغزاه إلى ذاته، ليصبح حكيم العرب، كما درس القرآن والسيرة النبوية الشريفة وتاريخ القبائل والعرب، وعشق الشعر النبطي وحفظ الكثير منه والشعر الجاهلي والكلاسيكي وكان حافظاً للكثير من أشعار المتنبي وأبو العتاهية.
وأضاف معاليه: لقد آمن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان بالعلم والثقافة والمعرفة، واعتبرها ركائز أساسية للدولة القوية، وقد تمتّع، طيّب الله ثراه، بشخصية قيادية قلّ نظيرها، حيث أخذ على عاتقه بناء دولة حديثة نموذجية على مستوى المنطقة والعالم، وصياغة المستقبل الثقافي الهادف الذي يجمع بين الأصالة والحداثة، وشكّل الأثر الثقافي في عهد الشيخ زايد أحد أهم الإنجازات المُهمّة في بناء الدولة، لإيمانه الراسخ بالدور المُهم للثقافة في التنمية الشاملة، وكانت البداية مع فكرة إنشاء المركز الثقافي والمكتبة الوطنية عام 1971، وهو العام الذي شهد إعلان تأسيس دولة الاتحاد، وجاءت الفكرة تجسيداً لرؤية المغفور له ونابعة من حرصه على التعريف بالفن والتراث وتعزيز مشاركة المجتمع في ثقافة الحوار المفتوح، وهو أمر لم يكن قد نشأ مع تأسيس المجمّع الثقافي فحسب، بل ظل موضوعاً دائماً منذ بدايته، وكانت خطة إنشاء المجمّع الثقافي على قدر كبير من الأهمية، ما جعلها تترسخ في الإطار القانوني الأصلي للدولة في ثاني قانون صدر على الإطلاق في الدولة، وهو القانون رقم 2 لسنة 1971.
كما كانت مجالس الشيخ زايد «طيب الله ثراه»، تُمثّل مدارس خير وعلم وشعر، نهل من معينها الآباء والأجداد، حيث اعتاد على استضافة النخبة من العلماء ورجال الدين والشعراء، كما كان رحمه الله شاعراً مجيداً، وله مساجلات موثقة مع عدد من أبرز شعراء الإمارات والخليج، وكان جلياً أن يظهر في هذه المجالس مدى احترامه للعلم والعلماء، وتكريمهم وتقدير جهودهم في نشر الثقافة العربية والإسلامية، حتى انتشرت المجالس الثقافية في عهده في جميع إمارات الدولة، لتكون واجهة للقيم الأصيلة التي أرسى قواعدها.
  
* كيف ترون مستقبل الثقافة بالإمارات؟ 
نرفع جميعاً رؤوسنا فخراً واعتزازاً بأن أرض إمارات الخير باتت ملاذاً آمناً ووطناً مُستقراً لنحو 200 جنسية من كافة أرجاء العالم، يرتكز فيها التنوّع الثقافي الذي أرسى ثقافة التعايش والتسامح، مع اشتهارها على الصعيد العالمي بكونها نموذجاً للانفتاح على الثقافات الإنسانية العالمية ببعديها المُعاصر والتراثي.
عندما نتحدث عن الثقافة في دولة الإمارات لا يُمكننا إغفال حقيقة أن الشيخ زايد «رحمه الله» أثبت، وبما لا يدع مجالاً للشك، أن الرؤية القيادية الحكيمة والمستنيرة قادرة تماماً على تشكيل المجتمع، فقد كان يمتلك رؤية واضحة لمستقبل الإمارات، وإيماناً عميقاً بأن التعليم والثقافة والمعرفة تُمثّل البوابة الذهبية التي ينطلق منها أبناء الوطن إلى مسيرة واعدة من التطور والازدهار والتقدم الاقتصادي والريادة، والإبداع في مختلف المجالات التنموية، ونفتخر بأن إرث زايد الثقافي، يبقى على الدوام حاضراً لا يغيب عن الوجدان والذاكرة، فهو يُشعّ على مرّ الزمن، وتتقد جذوته كلما خطت الإمارات خطوة في سباق الحضارة، فقد بذل الشيخ زايد رحمه الله جهوداً مشهودة لترسيخ الثقافة في الإمارات كجزء من الهوية الوطنية التي يعتزّ بها أبناء الإمارات، في ظل اهتمام القيادة الرشيدة، بالقراءة والعلم والمعرفة، من خلال رؤية مستدامة وضعها القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد، لتركّز على بناء النهضة الثقافية بموازاة الاهتمام بالنهضة العمرانية، وتسهم في تحوّل الإمارات خلال فترة وجيزة، إلى مركز ومنارة للفنون والثقافة في المنطقة والعالم. 
كما إن اشتغال صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وأخيه صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة على التنمية الثقافية في الإمارات والوطن العربي، اشتغال العارفين المؤسسين لوعي عربي جديد ينطلق من الثقافة وتقدير العلم والعلماء نحو مستقبل يليق بطموح دولة الإمارات وتطلعات شعبها الكريم، فالوطن كله مهيأ لاستقبال الثقافة والاحتفاء بأهلها، ولدى الإمارات أفضل الفعاليات والمهرجانات التي تحتفي بالثقافة مثل معرض أبوظبي الدولي للكتاب، مسابقة «شاعر المليون»، إضافة إلى مسابقة وبرنامج «أمير الشعراء»، والمؤتمر العالمي للترجمة، وأيام الشارقة التراثية، ومهرجان الشارقة القرائي، وأشهر الجوائز التي على رأسها تلك الجائزة التي تحمل اسم زايد الخير، طيب الله ثراه.
لقد نجحت الإمارات في تبوؤ مركزها الحالي كمنارة ومركز إشعاع حضاري وثقافي، من خلال مبادراتها العديدة التي تعمل على إيجاد جسور بين العديد من الجنسيات المختلفة المقيمة على أرض الدولة، وإزالة الحواجز الثقافية المُتعلّقة بالعادات والتقاليد والدين بين مواطني الدولة، والمقيمين على أرضها والزوار القادمين إليها، ويُسعدنا أن الإمارات باتت تُعدّ، وخلال سنوات قليلة، كأكبر محطة ثقافية إقليمية، وأحد أهم الوجهات الثقافية العالمية بفضل المشاريع الثقافية الاستثنائية في مختلف إمارات الدولة، والتي نورد منها على سبيل الذكر لا الحصر، المتاحف التي تحتضنها المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات في أبوظبي مثل «متحف زايد الوطني» الذي تمّ بناؤه تخليداً لذكرى الشيخ زايد، طيب الله ثراه، ويوثق تاريخ الدولة من خلال سرد حياة ومآثر الوالد المؤسس، و«متحف جوجنهايم أبوظبي» الذي يُعدّ منبراً عالمياً للفنون والثقافة المعاصرة، كما نفتخر جميعاً بوجود «متحف اللوفر أبوظبي» الأول من نوعه في العالم العربي بمقتنياته التاريخية والحضارية النادرة، وبهندسته المعمارية الفريدة، والذي افتتح عام 2017 في منارة السعديات بحضور عدد من الملوك ورؤساء الدول، لتصبح دولة الإمارات مركز إشعاع ثقافي ومنارة للتسامح والتعايش السلمي بين الشعوب.
وبهدف رسم تصوّرٍ لمستقبل الثقافة في الإمارات، يتوجّب علينا وضع التراث والهوية الإماراتية نُصب أعيننا وتعريف الأجيال القادمة بأهميتها، فهي السبيل لتحقيق تنمية قائمة على تاريخنا الغني الذي يمتدّ إلى آلاف السنين، مع ضمان وجود مشهد ثقافي مُستدام يكون التعبير الإبداعي الناجح محلياً هو القاعدة، عبر دعم وتخطيط وتنفيذ المبادرات الثقافية بهدف دعم الفكر الإبداعي أمام كافة القاطنين على أرض الدولة.
وبالتأكيد لا يُمكننا إغفال الدور الكبير الذي يلعبه معرض «إكسبو 2020 دبي» في الارتقاء بقوة التبادل الثقافي عبر استضافة المبدعين والمفكّرين والباحثين والمواهب الإبداعية تحت سقف واحد على مدار ستة أشهر متواصلة، وتعزيز مبدأ بأن الحوار بين الثقافات هو أساس إزالة الحواجز بين الناس، والسبيل لتمكين أفراد أكثر اطلاعاً ومدركين للصلات والروابط بين الناس وثقافات العالم بدلاً من التركيز على أوجه الانقسام. 

* ماهو دور الجامعات المنشود في دعم الثقافة المحلية، ورفدها بكل ما يوصلها للعالمية؟
- تُمثّل الجامعات المكان الأمثل لتعزيز ثقافة الرؤى الإبداعية والمفاهيم الفكرية والقناعات الإنسانية ومواكبة الثورة المعرفية المبنية على اقتصاد المعرفة وعلى تقنيات العصر في البحث والاستكشاف لخدمة الإنسانية، وتلعب الجامعات دوراً مهماً في إثراء طلابها بالأفكار والرؤى اللازمة لصون وتعزيز التراث الثقافي والتاريخي الغني لوطنهم عبر مجموعة واسعة من البرامج الأكاديمية المُتخصّصة والفعاليات الثقافية، والتي تُعزّز من مساهمتهم في الارتقاء به كوجهة ثقافية سياحية عالمية.
كما تعمل الجامعات كمُحفّزٍ إبداعي تُلهم طلابها المحليين والعالميين في مجال الفنون والآداب والموسيقى مع المحافظة على الموروث الثقافي التقليدي بهدف إبراز الإمارات مركزاً للامتياز المعرفي والثقافي، ونموذجاً رائداً لمجتمع يعتزّ بهويته الوطنية وثقافته عالمياً.
لقد آمن الشيخ زايد بن سلطان «رحمه الله» بأن «بناء الإنسان هو بناء صعب ولكن هو الثروة الحقيقية»، كما تملك دولة الإمارات كنوزاً من التراث تحافظ عليها بقدر سعيها إلى الانطلاق للمستقبل، وهذا ما حفظ التوازن للشخصية الإماراتية، لذا تؤكد جامعة الإمارات على أهمية الهوية الوطنية، خاصة في ظلّ الانفتاح العالمي على الأفراد والشعوب، ودورها الكبير في الحفاظ على مكتسبات الدولة، تاريخها وتراثها ونقله إلى الأجيال جيلاً بعد جيل، وتعمل لمجاراة طموحات وخطط الإمارات تتويجاً لمئويتها الأولى وفق منظومة علمية مُتكاملة تُحقّق الأمل المنشود.
من هذا المنطلق يتوجّب على كافة الجامعات الحكومية والخاصّة الالتزام بالمُشاركة في تعزيز الثقافة المحلية، عبر توفير منصات لدعم المُبدعين والموهوبين في مختلف المجالات الثقافية المحلية، وأن تكون الأساس في الارتقاء بالمُنجز الثقافي الإماراتي عبر بناء القدرات وغرس ثقافة الابتكار وريادة الأعمال التي تجمع الثقافة المحلية القوية بالمُعاصرة، وأن تكون حاضنة للابتكار الثقافي المُتميّز، إضافة إلى دعم التواصل الثقافي والتعرّف على ثقافات العالم، لتخريج أجيالٍ من أصحاب العقول والمواهب الاستثنائية ليكونوا شركاء في ترسيخ ريادة الدولة ومكانتها كوجهة استقطاب ومصدر إلهام وحاضنة للإبداع في قطاعي الثقافة والمعرفة.
 
* حدثنا عن جديد جامعة الإمارات في الشأن الثقافي؟
- تلتزم جامعة الإمارات بتأهيل كوادر شبابية مُبتكرة في مسارات تتلاءم مع استراتيجية الجامعة وتتناغم مع مُتطلّبات الأجندة الوطنية لدولة الإمارات في مجال الابتكار والإبداع والتميّز، عبر تنظيم الفعاليات التي من شأنها صقل مهارات الطالب وخلق ثقافة ريادية عالية، إضافة إلى طرح حزم من المناهج الدراسية الأكاديمية المتوافقة مع أرقى المعايير العالمية في مجال الإبداع، فضلاً عن إقامة الشراكات مع الجامعة العالمية الرائدة لتوسيع آفاق الطلبة وتعزيز إمكاناتهم وتفجير مواهبهم الكامنة.
كما يُسعدنا أن كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية في جامعة الإمارات تضمّ الاستديو التلفزيوني الأول من نوعه في مدينة العين، والذي تمّ تزويده بأحدث التقنيات والبرامج وفقاً لأعلى المواصفات والمعايير المُعتمدة لخدمة طلبة الإعلام وتنمية مهاراتهم، كما تضمّ الكلية أيضاً جناحاً يتضمّن لوحات فنية وخرائط تاريخية وكتباً نادرة ومقتطفات من أنشطة النادي الفرنسي.
إلى جانب ذلك تضم جامعة الإمارات حالياً اثنتين من أبرز المكتبات وهما المكتبة الرئيسة والمكتبة الطبية الوطنية، ونظراً للدور الهام الذي تلعبه المكتبات باعتبارها بوابة الحصول على مجموعة واسعة من المصادر والخدمات مجتمعة لدعم التعلّم والتدريس والبحث العلمي في المجتمع الجامعي، تقوم مكتبة جامعة الإمارات بتوفير خدمات بحثية نوعية جيدة بما في ذلك المصادر، وتلبية الاحتياجات من المعلومات والبرامج الأكاديمية المتنوعة في الجامعة، كما تلعب مكتبة جامعة الإمارات في العين دوراً محورياً في توفير المصادر المعرفية في كل مجالاتها، إضافة إلى دورها التربوي والتعليمي في تدعيم المناهج الدراسية، وتوفير المعلومات، إذ إنها تدعم البحث وتُفعّل الأنشطة البحثية، بموازاة تنمية عادة القراءة والاطلاع وصقل المهارات والملكات الفكرية، كعصب رئيس في تطوير المعرفة البحثية، إضافة إلى دورها المحوري كشريك فعّال في تطوير الحراك الثقافي، إلى جانب المكتبات الوطنية.
وتُعدّ مكتبة جامعة الإمارات واحدة من أهم المكتبات التي تؤدي دوراً نشطاً في توفير مصادر البحث والمعرفة، سواءً للطالب أو الباحثين، إذ تضمّ في جنباتها أكثر من 355 ألف عنوان، سيما بعد أن انتقلت إلى مقرها الحديث في الحرم الجامعي، وتخدم أكثر من 14 ألف طالب وطالبة من مختلف الكليات والتخصصات العلمية.
إضافة إلى دورها ومكانتها المهمة بالنسبة لروادها من الباحثين والقراء، ويتمّ رفد المكتبة على الدوام بأحدث الكتب والمجلدات والأبحاث الحديثة التي تخدم توجهات الجامعة وتُسهم في دعم مسيرة المواهب الإبداعية في الجامعة في كافة المجالات والتخصّصات.

* من المعروف أن الجامعة قد رفدت المشهد بمواهب عديدة في الأدب، حدثنا عن ذلك؟ 
- الشباب هم رأسمالنا وثروتنا الحقيقة لصناعة غدٍ أفضل وتحويل التحدّيات إلى فرص، وتسعى جامعة الإمارات لتوفير بيئة مُحفّزة وحاضنة لمشاريع وابتكارات الطلبة، وتمكينهم بالمعارف والخبرات، وتوفير فرص التميز لهم لخوض غمار المستقبل، لذلك تحرص جامعة الإمارات على رعاية هؤلاء الشباب ودعم قدراتهم، ومنح الطلبة الفرصة لاكتشاف مواهبهم واستثمارها لتتحوّل إلى عمل إبداعي حقيقي، من خلال تنظيم العديد من المسابقات الكبرى للمواهب، والتي تُشكّل نافذة كبيرة لأصحاب المواهب الفنية والأدبية لتقديم مواهبهم بطرقٍ إبداعية ومُبتكرة، كما تُسهم هذه المسابقات في تعزيز روح التنافس بين الطلبة، والتعرّف على جوانب الإبداع فيهم باعتبارها جانباً مهماً يوازي العملية التعليمية، مما يُسهم في خلق بيئة محفّزة للإبداع.
ونفتخر بفوز مجموعة من طالباتنا مؤخراً بالمراكز الثلاثة الأولى في مسابقة «مسبار الأمل الأدبية» في مجال كتابة القصّة القصيرة التي ساهمت في إبراز مواهبهن الأدبية الشابّة، وتحفيزهن على إظهار إبداعاتهن، وتقديم قراءات نقدية لتطوير نتاجاتهن الإبداعية، وغرس الثقة الإبداعية في نفوسهن، مع إزالة الرهبة من مواجهة النقد من خلال الحوار.
وحازت طالبات برنامج دراسة الترجمة من قسم اللغات والآداب بجامعة الإمارات، درعاً تذكاري في مسابقة جامعة الأمير سلطان الإقليمية للترجمة في موسمها السابع على مستوى منطقة الخليج العربي 2021.
كما فاز الدكتور يوسف حطيني، المحاضر في برنامج اللغة العربية بالكلية الجامعية في جامعة الإمارات، على المركز الثالث في جائزة الشارقة لنقد الشعر العربي المعاصر عن عمله «السياق السردي في الشعر العربي المُعاصر) من بين 107 باحثين من مختلف الأقطار العربية، كما شارك كعضو في لجان تحكيم أدبية متعددة من مثل (جائزة الشارقة للإبداع العربي لعدة سنوات)، وجائزة أفضل رواية إماراتية (معرض الشارقة للكتاب)، وجائزة أفضل رواية عربية (معرض الشارقة للكتاب).

نظرة نحو المستقبل
حول خطط الجامعة المستقبلية في دعم المواهب، قال د. نسيبة: تُشجع جامعة الإمارات الشباب والشابات على النظر إلى المستقبل بطريقة مُبتكرة وخارجة عن المألوف، لأننا نرى بأن المستقبل يحتاج إلى عقول ابتكارية مُبدعة تواكب مسيرة الوطن وتُثبت للعالم بأسره أنه لا مستحيل في الإمارات.
وقد تشرّفنا مؤخراً بافتتاح معالي نورة الكعبي، وزيرة الثقافة والشباب لمختبر ريادة الأعمال بكلية الإدارة والاقتصاد في جامعة الإمارات انطلاقاً من رؤية حكومة الإمارات لعام 2071، حيث تلتزم الجامعة بالمُساهمة في بناء جيل يواكب مسيرة ريادة الأعمال والابتكار لخلق فرص أفضل للشباب في ريادة الأعمال المؤسسية والتجارية في الخمسين القادمة مع ترك بصمة في شتى مجالات الابتكار والتمكين.
كما أطلق قسم التربية الخاصة بكلية التربية في جامعة الإمارات مؤخراً برنامج «التلمذة الإلكتروني» الدولي بمشاركة عدد من الطلبة والطالبات الموهوبين، الذين تمّ اختيارهم من عدة مدارس حكومية وخاصة في إمارة أبوظبي ممن تتراوح أعمارهم بين 14 و16سنة، وفق معايير اختيار الطلبة ببرنامج «التميز» في التحصيل الدراسي وميول الطلبة ومجالات اهتماماتهم، وتأتي أهمية مثل هذه البرامج التي تُركّز على إثراء تجربة الطلبة في مجال البحث، الفنون والأدب، لدورها المحوري في صقل وتطوير مواهب الطلبة، تماشياً مع توجه الدولة في تشجيع الابتكار والتنافسية العالمية، وأهمية البرامج الإثرائية لتطوير مهارات الطلبة والارتقاء بمستوى تحصيلهم العلمي، وزيادة إحساس الطالب بالانتماء وتقدير الذات، والمنافسة وتبادل الخبرات.
ومن المتوقّع أن يُسهم البرنامج، الذي يتلقّى الطلاب خلاله مساعدة من فريق عمل مُتخصّص من جامعة أريزونا بالولايات المتحدة الأميركية، في تشجيع التميز والابتكار في مجال اهتمام مُعيّن لدى الطلبة الموهوبين، عن طريق اكتشاف قدراتهم الكامنة وتزويدهم بالأدوات اللازمة لتطوير تميزهم في هذا المجال، ومساعدة الطالب على اختيار مساره المهني وتطوير رؤيته لوظيفته المستقبلية والوصول إلى هدف محدد، والعمل عن قرب مع مرشد خبير في تناول موضوع أو مشروع من اختيار الطلبة بصورة متعمقة، وتنمية مهارات البحث العلمي والتعلّم الذاتي وحلّ المشكلات المحلية والعالمية بطرق مبتكرة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©