السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

زكي نسيبة: الشيخ زايد آمن بقدرة شعبه على تحقيق المستحيلات

زكي نسيبة وعلي عبيد خلال جلسة «زايد والعين.. أثر المكان في وجدان القائد المؤسس» (الاتحاد)
26 سبتمبر 2021 00:04

هويدا الحسن (العين) 

شارك معالي زكي أنور نسيبة، المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة، الرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، في جلسة ثقافية، عقدت أمس الأول في معرض العين للكتاب، حول أثر مدينة العين في التكوين الفكري للمغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه»، ضمن البرنامج الثقافي للمعرض، حملت عنوان «زايد والعين.. أثر المكان في وجدان القائد المؤسس».
وقال معاليه، في المحاضرة التي قدمها الإعلامي علي عبيد: «أتشرّفُ بتواجدي مَعكمْ اليوم في هذا الحدث الثقافي المهم الذي يُعنى بأثر مدينةِ العين في وجدان القائد المؤسس، محتفياً برؤيةِ الشيخ زايد، رحِمه الله، وبتُراثِهِ الغنيّ بالإنجازاتِ التي أذهلتِ العالم بأسره»، مؤكداً إيمان الشيخ زايد العميق بأن الإنسان هو الثروة الحقيقية للشعوب، وأن لشعبه وبلادهِ القدرة على تحقيقِ المستحيلات.

شغف ومحبة
وأوضح «لو استعرضنا كلماتٍ تَفخرُ الأمم بوجودِها مثل: إنجازات، تنمية، بناء، تمكين، تعليمٍ وغيرها الكثير، لَوجدنا أنها وببساطة شديدة تلخِّص مسيرةَ المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، مؤسس دولة الإمارات، الذي أقامَ دولةً اتحاديةً متطوّرةً ومُتقدّمةً بالمقاييس كافة، وقادَ ريادتَها لتحتلّ مكانة سائدة في مصاف الدولِ الأكثرَ تقدماً في العالم. ولا تكاد تُذكَر الدول ذات الدخل الفردي المُرتفع ورفاهيةَ العيشِ، إلا وتكونُ الإمارات في طليعَتِها. كل هذا وأكثر بفضلِ جهودِ الشيخ زايد، رحمه الله، وإيمانه العميق بأن الإنسانَ هو الثروةُ الحقيقيةُ للشعوب وأنَّ لِشعبِهِ وبلادهِ القدرةَ على تحقيقِ المستحيلات».
وأوضح «عندما نريد الكلام َعن العلاقةِ الحميمة التي كانت تربط الشيخ زايد، رحِمَهُ الله، بمدينةِ العين، علينا أن نتصورها وأن نصورها على أنها كانت علاقة عِشقٍ وشغفٍ ومحبةٍ، رافقَته، رحمه الله، طوال مَسيرَتِه التاريخية.. وبقيَ على مر السنين، وعلى الُرغم من مشاغلهِ الجسيمة، يترَددُ عليها، ويتغنى بمفاتِنها، ويحرِصُ على نموِها وازدهارِها، وتأمينِ أرقى معاييرِ العيشِ الكريمِ لسكانِها».
وأضاف معاليه «بقدر اهتمامه الكبير بتنمية العين وتطويرها، للانتقالِ بها من قساوةِ العيشِ والحاجة، إلى مصافِ المدنِ العصريةِ الحديثة في زمنٍ قياسي، حرِص سموه في الوقت نفسه أن تُحافِظَ المدينةُ في تنميتِها الحضريةِ على خصائِصها العمرانِيةِ التراثية، بحيث لا ترتفعُ فيها ناطحاتُ سحابٍ تحجب النظر عن أشجارِ النخيل الزاهية في الأفق، أو عن كثبانِ المدينة الرملية الذهبية، وعن تضاريسَ جبل حفيت الشاهقة».
وتابع «حرِصَ كذلك، رحِمَه الله، على حِمايةِ واحاتِ العين الرئيسةَ ومواقِعَها الأثرية في قُراها المتناثرة، من تداخل التوسعِ العمراني الحثيث داخلَ تلك الواحاتِ والمواقع. هذا الحِرصُ على مُراعاةِ التُراثِ الحضري برُغمِ سُرعةِ وتيرة التغيير والنمو في جميع المرافقِ والبُنى التحتية دفع بمنظمةِ الأمم المتحدةِ للتربيةِ والعلوم والثقافة (اليونسكو) لإدراج المدينةِ في 2011 على لائحةِ مواقعِ التُراثِ الإنساني العالمي».

  • زكي نسيبة خلال الجلسة (من المصدر)
    زكي نسيبة خلال الجلسة (من المصدر)

أهمية عالمية
وذكر معاليه أن اختيار مدينةِ العينِ، أتى كما خطَّطَ له الشيخ زايد، واستمرَّ على نهجهِ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، حفظه الله، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، وسمو الشيخ طحنون بن محمد آل نهيان ممثل الحاكم في منطقة العين، لتُميزَ المواقعَ الثقافيةَ فيها، وبشكلٍ خاص الأهميةَ الجيولوجيةَ والأثريةَ والتاريخيةَ لجبلِ حفيت، وحضارةِ هيلي، وبِدِع بنت سعود، ومناطق الواحات، ونظامُ الأفلاج، التي تعطيها الكمالية والتنوع التي يصعب تواجدها في مواقع أخرى من هذا النوع في العالم.
وأوضح أن الشيخ زايد، طيب الله ثراه، أول من تجولَ في تلك المواقعِ وحدد حيثيات مواقعِ الحضارات القديمة لبعثاتِ الآثار في خمسينياتِ القرنِ الماضي أثناء تِرحالِه الدائمِ في صباه في كلِّ المناطقِ المحيطةِ بالواحات، في رحلاتِه الدؤوبة للاطلاعِ على شؤونِ شعبِهِ وللقنص والاستكشاف. وقال: «أذكرُ أن بعثةَ (اليونسكو) التي أتت بدعوة من هيئة أبوظبي للثقافة والتراث لِتُقيّمَ مدينةَ العين كموقع مرشح على لائحةِ الُتراثِ الإنساني أبلغت المسؤولينَ آنذاك أن المدينةَ بأكَملِها عبارةٌ عن مُتحفٍ حضاري وثقافي».
وأكد معاليه أن الشيخ زايد، رحِمَهُ الله، عمل على إنشاء أول مدينةِ ألعاب عالمية كموقِعِ ترفيهٍ مثالي، وأول حديقة حيوانات، وأول مُتحف أثري أمر دائرةَ الثقافة بالإمارة آنذاك -وكنتُ أعملُ فيها، ببِنائِهِ في عام 1971، هو «متحفُ العينِ الوطنيِّ» الذي يقعُ بالقربِ من قلعةِ الشيخ سلطان، وهوَ أقدمُ مُتحفٍ في الدَّولةِ وأرادهُ أن ينقسمَ إلى قسمين رئيسين هما «قسمُ الآثار» الذي يقدمُ للزائرِ نبذةً شاملةً عن عاداتِ وتقاليدِ البلادِ، كما يحكي تاريخَ أوائلِ النَّاسِ الذينَ سكنوا المنطقة قبلَ أكثرِ من 8000 عام. وقِسْم آخر يستعرضُ تاريخَ حَقبةِ ما قبلِ النِّفطِ، وعرضاً لمهنةِ صيدِ السَّمكِ، والغوصِ بحثاً عن اللؤلؤِ، بالإضافةِ إلى عرضٍ للآلاتِ الموسيقيةِ والمشغولاتِ الفنيةِ.
وذلك كلُهُ قبل أن تنتهي أعمال البنى التحتية التي كانت المدينةُ بأشد الحاجةٍ إليها، إيماناً منه بأن المرافقَ الاجتماعيةَ والحضريةَ والثقافيةَ، التي تُعنى براحةِ المواطنِ والزائر، وتُحافِظُ على الثرواتِ الطبيعية والبيئية، وتُعرِّفُ المواطنَ والزائر بتُراثِ الوطن، يجِبُ أن تكونَ أيضاً في أعلى مراتبِ أولوياتهِ. وقال: «أذكرُ كيف أنه كان يحرِصُ، رحِمَهُ الله، منذ سبعينيات القرن الماضي على أن نُرافقَ جميعَ زُوّارِ الدولةِ من الملوكِ ورؤساءِ الدولِ وكِبارِ المسؤولينَ إلى مدينةِ العين كجزءٍ رئيس من برامجِ زياراتِهم الرسمية».

زراعة وتعليم
وأكد معاليه أن اهتمامُ الشيخ زايد، رحِمَه الله، بالزراعةِ وبشجرةِ النخيل، وحِرصُه على مُحاربةِ التصحرِ، وتوسيعِ الرقعِ الخضراءِ، والعمل على تحقيقِ الأمن الغذائي، مع المحافظةِ على البيئة، أصبحت اليومَ جزءاً من الذاكرةِ الشعبية لدولةِ الإمارات، وهو نهج يسير على هُداه الجيل الحالي من قيادتنا الرشيدة.
وقال نسيبة: «لا أستطيع أن أنهي مداخلَتي حول أثر العين في التطوير الفكري لدى الشيخ زايد، رحمه الله، دونَ أن أتطرق إلى الحديثِ حول رؤيتِه للتعليم»، مؤكداً أن المغفور لهُ الشيخ زايد قطع على نفسهِ عهداً بأنْ يكونَ التعليم كالماءِ والهواء، فالتعليم في فكرِه، كانَ نافذة وعَتَبة مُهمة من عتباتِ الثَّقافةِ والفِكْر، وقد أصرَّ على التَّعليمِ الإجباريِّ والمجاني مِنَ الريف إلى الحضر، واستطاع خلال 30 عاماً أنْ يمحوَ الأميةَ بالكاملِ في دولةِ الإماراتِ.
وأضاف: «كانَ التَّعليم العالي بِمفهومِهِ الحالي حلماً بعيد المنال، ولمْ يَكن هناكَ خيار أمامَ القائد الذي اختار العُلا طريقاً ومنهجاً لبناءِ شعبهِ على أُسُسٍ حضارية عريقة إلا أنْ يدشّن جامعة الإماراتِ العربيةِ المتحدةِ، ففي سيوحِ منطقةِ عودِ التوبةِ بالعينِ اختار زايد تلكَ البقعةَ لتكونَ مَركزاً للإشعاعِ الحضاري والفكري على صعيدِ الدولةِ والمنطقةِ بلْ والعالمِ، كانَ يؤمن بأنَّ جامعةَ الإماراتِ ستكونُ قاطرة التَّنمية البشرية في الدولة، فهيأَ لها أسبابَ النَّجاحِ، وحدَّد رسالتَها وأهدافهَا بنفسهِ، وأكَّدَ أنَّها جامعة عربية إسلامية تغرسُ القيمَ وتُعزز ثوابتَ الأمة، وتصقُل قدراتِ الشَّبابِ، وتُكسبهُم مهاراتِ العصرِ، وتؤهلُهُم لِخدمةِ مجتمعِهِم».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©