السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رنا حتاملة: أنسنة الجامد تعيش طويلاً في المدرك البصري

رنا حتاملة تعمل على الحفاظ على هوية المكان (من المصدر)
3 سبتمبر 2021 01:11

محمود إسماعيل بدر (عمان)

المتتبّع لتجربة التشكيلية الأردنية رنا حتاملة، يجد أنّها تعمل جاهدة إلى الحفاظ على هوية المكان وبيئتها المحلّية، كإرث ثقافي، حتى لا يسقط من الذاكرة الجمعية، فتسرد بريشتها وألوانها المتدفقة ما بين الزرقاويات والرماديات والأصفر القشي بلون الأرض أعمالاً خارج النّمطي تلامس الواقع، معبّرة عن قضاياه القائمة على «أنسنة» الجامد في الطبيعة، فتحوّله إلى عوالم إنسانية ممتلئة بالجماليات وسحر التناغم اللّوني، تجعله يعيش طويلاً في المدرك البصري، على نحو ما نجده في معرضها «فضاءات» المقام حالياً في «غاليري الفينيق» في العاصمة الأردنية عمّان.

«ثيمة البحر» تجلّت بطقوسها ومناخاتها في مجموعة من اللوحات، بطلها «حوت أزرق» يشي بقفزاته الحركية نحو ماء داكن ملوّث، إلى فكر خاص لدى حتاملة، التي تبعث من ظلال ألوانها وأنسنتها المركبة لهذه الحالة رسائل إدانة للعالم على ما أحدثه البشر من تلوث في البيئة البحرية والطبيعة، في المقابل تتجلى ثيمة التواصل الإنساني مع الطبيعة في لوحات بالأسود والأبيض، وفق ثلاثية الإنسان والحيوان والطبيعة مثل لوحتها التي تصوّر فتاة تنظر إلى قطّ هادئ يجلس على السّور واللوحة التي تصور شاباً يعانق حصاناً حزين العينين، بينما يجلس عصفور مكسور على رأس حصان أبيض، وهي لوحات انتهجت فيها أسلوب المدرسة التكعيبية، في التماهي مع المناسبات الدينية، مثل استثمار «الأهلة» لعرض صورة رمزية تشير إلى طقوس الشرق وتقاليده، حيث يحيل «الهلال» غالباً للأعياد الخاصة بالمسلمين والتقويم الهجري، ثم لوحات مستلهمة من بلدتها الريفية «الحصن»، شمال عمّان، في توثيقيات تشكيلية للبيئة والمكان والبيوت القديمة والمتاحف والكنائس والأدوات التراثية كالبسط ودلال القهوة وجرار الفخار المستخدمة في تبريد الماء في مجتمع البداوة.

إلى ذلك، تقول حتمالة لـ«الاتحاد»: «حواري مع الأماكن والاستماع إليها عبر اللوحة يمثل بالنسبة لي مشروعاً وطنياً، ينعش ذاكرتي من جهة، ويحفظ للناس موروثهم الشعبي وهويتهم الثقافية من جهة أخرى، فأنا لا أشعر بأنني على قيد الحياة إلا عندما أكون في حالة خاصة مع المكان ممثلاً بالأرض أساس الكون». 
وتزيد: «الإبداع لحظة مخاض حقيقي، ولادة لا تنتظر أي شكل من أشكال البروتوكولات، لذا يجب ألا تنضوي أفكار المبدع تحت عباءة التكلّف واصطناع الألوان والأفكار خارج مساحة الزمن وفق موضات الرسم في العالم». وتشير إلى أن وجع المكان حينما يرسم في لوحة، فإنه يختصر وجع العالم، فملامسة الحجارة مثلاً، وتحويل هذه الحالة إلى عمل فني في الذاكرة البصرية، هو غاية التجديد واختطاف اللقطة الفريدة التي تعيش في المدرك البصري طويلاً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©