الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

«عام الخمسين والطريق إلى المستقبل» تضيء على سيرة ومجد الوطن

زكي نسيبة وعلي الأحمد وعلي بن تميم وفاطمة حمد المزروعي وسعيد النظري وحمد الكعبي وموزة الشامسي خلال الجلسة (تصوير: وليد أبو حمزة)
29 مايو 2021 01:20

سعد عبد الراضي (أبوظبي)

خمسون عاما والعقول والقلوب كلها مسكونة بالحب والوفاء للأب المؤسس، حافظة لعهده ماضية على نهجه، سائرة على دربه، ناشرة لغة محبته وحروف سلامه. خمسون عاما رقم، لكنه لا ينتمي إلى السنين؛ لأن ما أنجز في رحلتي البناء والتمكين، أكبر من الحصر والتدوين. ذلك ما تم الإضاءة عليه في الجلسة النقاشية «عام الخمسين والطريق إلى المستقبل» التي نُظمت بمعرض «أبوظبي الدولي للكتاب» أمس الأول، بحضور كل من: معالي زكي أنور نسيبة المستشار الثقافي لصاحب السمو رئيس الدولة والرئيس الأعلى لجامعة الإمارات العربية المتحدة، وعلي عبدالله الأحمد، سفير الدولة لدى الجمهورية الفرنسية، والكاتبة الناقدة الدكتورة فاطمة حمد المزروعي، وسعيد النظري مدير عام المؤسسة الاتحادية للشباب. كما حضر الجلسة النقاشية الدكتور على بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية، وموزة الشامسي، مديرة معرض أبوظبي الدولي للكتاب، وأدارها حمد الكعبي رئيس صحيفة الاتحاد.
في البداية رحب حمد الكعبي بالحاضرين قائلا: إن هذه الكوكبة لا تحتاج إلى مقدمة تفصيلية فكلهم أعلام في مجالاتهم ورموز في الدبلوماسية والمعرفة والإبداع لذا فإننا عندما نناقش معهم عام الخمسين والطريق إلى المستقبل نثق أننا نفتح فضاءات تتسع لآراء ووجهات نظر عميقة، إضافة إلى تجارب ومعارف تسلط الضوء على منجز الخمسين عاما الماضية من عمر دولتنا العزيزة، ونستشرف المستقبل الذي يرتكز على قاعدتين أساسيتين موصولتين هما: ماض عريق يزهو بأصالته وقيمه، وحاضر مشرق يمهد لمسيرة خمسينية جديدة قوامها التقدم والتطور والازدهار.
 وأشار الكعبي إلى أن أرشيف صحيفة الاتحاد أثبت أنه في عام 1974 أقيم أول معرض دولي للكتاب وليس 1975، لذا فإن هذه الدورة هي الواحدة والثلاثين وليست الثلاثين، ليكون قد مر على مسيرة المعرض تسعة وأربعين عاما، وأضاف: في ظل هذا التراكم من الخبرات لهذه المنصة الدولية، نجد أننا نزخر بتحقيق إنجاز حضاري غير مسبوق. كما ألمح الكعبي إلى أن حواراً دار بينه وبين الدكتور علي بن تميم رئيس مركز أبوظبي للغة العربية قبل الجلسة، مفاده أن المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه» كان يحمل عقلا محبا للكتاب، ولذلك فقد وجه بإقامة أول معرض دولي للكتاب بعد ثلاث سنوات من قيام الاتحاد.
ثم تحدث معالي الدكتور زكي نسيبة، قائلاً: لقدْ مثّلَ حِرصُ المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان«طيب الله ثراه» على بناء الإنسان بصورة موازيةٍ لبناءِ الوطن، الإنجازَ الأهمَّ لدولةِ الإمارات العربية المتحدة، وذلكَ انطلاقاً منْ قناعتهِ أنَّ الإنسان هو محور كل تقدّم حقيقي، وأنَّ الإنسان المتعلم هو الدعامة الأساسية التي تعتمد عليها دولة الاتحاد، كما يؤكد ذلك قوله:«إن الثروة ليستْ ثروة المال بلْ هي ثروة الرجالِ، فهم القوة الحقيقية التي نعتزُّ بها، وهم الزرع الذي نتفيأ ظلاله، والقناعة الراسخة بهذهِ الحقيقةِ هي التي مَكّنتنا من توجيهِ كلِ الجهودِ لبناءِ الإنسانِ وتسخيرِ الثرواتِ التي مَنَّ اللهُ بها علينا لخدمةِ أبناءِ هذا الوطنِ، حتى ينهضوا بالمسؤولياتِ الجِسامِ التي تقعُ على عاتِقهمْ ويكونوا عوناً لنا ولأشقائنا».
وأكد نسيبة أن حكومة دولةِ الإمارات تعملُ وفقاً لرؤىً استراتيجيةٍ واضحةٍ، وخريطةَ طريقٍ مُحدّدةٍ لتحقيقِ إنجازاتٍ نوعيةٍ شاملةٍ في شتى القطاعاتِ الحيويةِ التي منْ شأنها تعزيز ازدهار الدولةِ بشكلٍ مُستدامٍ، وضمان بناءِ مستقبلٍ راسخٍ لأجيالها عبْرَ الاستثمارِ في شبابِ الدولةِ، وتجهيزهِمْ بالمهاراتِ والمعارفِ التي تواكبُ التغيراتِ المتسارعةِ، والعمل كي تكون دولةُ الإماراتِ أفضلَ دولةٍ في العالمِ بحلولِ الذكرى المئويةِ لقيامِ دولةِ الإمارات العربية المتحدة وذلكَ في العام 2071، ونفتخرُ بأنَّ جامعةَ الإماراتِ العربيةِ المتحدة تلعبُ دوراً فعّالاً وإيجابياً في تحقيقِ ومواكبةِ توجّهاتِ دولةِ الإماراتِ العلميةِ في توظيفِ العلومِ المتقدّمةِ لتطويرِ وابتكارِ حلولٍ للتحدّياتِ المستقبليةِ، من خلالِ دعمِ المبادراتِ والمشاريعِ البحثيةِ المرتبطةِ بمُخرجاتِ العلومِ والتكنولوجيا، وذلكَ استعداداً للخمسينَ عاماً المقبلة.
لافتا إلى أن جامعة الإماراتِ تأسست في العامِ الخامسِ من قيامِ الدولةِ بتوجيهاتٍ كريمةٍ من مؤسسِ الدولةِ، المغفورِ له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان «طيب الله ثراه». ومِنَ البداياتِ المتواضعةِ حينها ارتقتْ الجامعةُ في قفزاتٍ متواليةٍ من خلالِ برامجها الأكاديميةِ وأبحاثها العلميةِ الرائدة، حيثُ كانتْ جامعةُ الإمارات من أحبِّ المشاريعِ للقائد الراحلِ الشيخ زايد، الرجلَ الذي نجحَ في تحويلِ صحراءٍ جرداءٍ تمتدُّ على هامشِ الربعِ الخالي إلى واحةٍ خضراءَ من الثقافةِ والعلمِ والحضارةِ. 
ثم تابع قائلا: لقدْ كانتِ الرؤيةُ وراءَ هذهِ المبادرةِ واضحةً، وتتمثلُ في تنشئةِ جيلٍ مُثقّفٍ قادرٍ على بناءِ الوطنِ، وهذا ما أنجزتهُ الجامعةُ في الماضي ولا تزالُ تُنجزهُ في الحاضرِ، وتتطلّعُ قُدماً إلى إنجازهِ خلالَ الخمسينَ عاماً القادمة، بفضلِ توجيهاتِ صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة، «حفظه الله»، ودعمِ صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، «رعاه الله» ومتابعةِ صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، الذي عزّز نموَ الجامعةِ وتطورّها.

بين زمنين
أما علي عبد الله الأحمد، سفير الدولة بفرنسا، فارتكز في مداخلته على ثلاثة محاور، وهي: رسالتنا للخارج، وسرعة التعافي، وبناء الجسور الثقافية. وعن المحور الأول قال: إن رسالتنا للخارج مختلفة باختلاف الجمهور من واقع تجربتي. مضيفا أننا لابد أن نوضح للعالم من أين بدأنا، وصاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، يقول إن في بدايات الخمسين كان يموت طفل من بين كل طفلين يولدا، بالإضافة إلى غياب البنى التحتية والمستوى المتدني للتعليم في ذلك الوقت، كما أكد أن الطريق لم يكن مفروشا بالورود، وكانت هناك تحديات كبيرة جدا تواجه الدولة. وأشار الأحمد إلى أن مشاركة المرأة في القيادة كان له أثر كبير أبهر المجتمع الغربي لذا يتوجب علينا أن نوضح للعالم كيف ستمضي الإمارات خلال الخمسين سنة القادمة؛ لأن التحديات مختلفة والظروف كذلك. وعن المحور الثاني الذي أسماه الأحمد بسرعة التعافي، قال: قد نشهد في المرحلة القادمة تكتلات اقتصادية كبيرة في قارات العالم، كما أشار إلى أن دول الخليج تمتلك أربعة من أكبر الصناديق السيادية في العالم، وهذا يعطي الكثير من المصداقية والاطمئنان، لذا يجب أن ندرك جيدا توجهات الدولة في المرحلة القادمة، خاصة أن الدولة أصبحت تستثمر في الفضاء والصناعات الدوائية وتقنيات الزراعة المتقدمة. أما عن الثالث الذي يختص ببناء الجسور الثقافية، فقد أكد من خلال تجربته كسفير للدولة لدى فرنسا، أن تجربة النماذج والتعاون الثقافي بين الإمارات وفرنسا من خلال متحف اللوفر في أبوظبي وجامعة السوربون، جعل من الإمارات بوابة لكل الثقافات العالمية.
وتحدث الأحمد في نقطة غاية في الأهمية وهي تلك التي تتعلق بالتنوع الثقافي حيث يعيش على أرض الإمارات أكثر من مئتي جنسية، فقد كان ذلك التنوع في الماضي بالنسبة لفكر بعض المتابعين يمثل نقطة ضعف للدولة، ولكن الزمن أكد حكمة المغفور له الشيخ زايد «طيب الله ثراه» والقيادة الرشيدة، وأصبح التوسع الثقافي على أرض الدولة التي لاتميز بين جنس ودين وعرق نموذجا مشرفا وواجهة معبرة في حين أننا نجد أن المجتمعات الغربية تعيش رغم كل التقدم والتطور في فلك حرائر الكراهية.

تمكين المرأة الإماراتية
من جهتها تناولت الكاتبة الدكتورة فاطمة المزروعي موضوع تمكين المرأة الإماراتية، فقالت: كان المغفور له الشيخ زايد «طيب الله ثراه» يؤمن بالمرأة وبأنها نصف المجتمع، من حيث المشاركة في المسؤولية، وتنشئة الأجيال الصاعدة والمشاركة في بناء الوطن. ولا بد أن نذكر جهود سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية، وهي الداعم الأساسي للمرأة في الإمارات عبر مبادراتها العديدة والمستمرة، بمتابعة مستمرة للمشاريع الكبرى ولأبسط الحوادث، فهي قدوة ومثل أعلى لنساء الوطن، وللنساء الرائدات في الوطن العربي. 
 وأضافت أن مجموعة من العوامل ساعدت على نجاح المرأة أولها رؤية الدولة الواضحة للمرأة وللإنسان عامة وبأنه الثروة الحقيقية، ولا يوجد فرق بين الرجل والمرأة في تحمل المسؤوليات، ثم وجود بيئة تشريعية من خلال الدستور والقوانين الاتحادية والمحلية، ثم وجود الاستراتيجية الوطنية لتمكين المرأة، الذي بدأ عام 2004 بتوقيع اتفاقية سيداو للقضاء على أشكال التمييز بين المرأة والرجل، وكذلك وجود الآليات التي تعمل حتى تمكين المرأة وعلى رأسها الاتحاد النسائي الذي يهدف إلى تذليل أي صعوبات تواجه المرأة وإطلاق الكثير من المبادرات. 
واستطردت د. فاطمة المزروعي: كان أول دخول للمرأة في المجال السياسي في 2007، وأفتخر أني كنت عضوة في المجلس الوطني الاتحادي في الدورة الرابعة عشر، أما في الدورة الخامسة عشر، أصبحت المرأة نائبة لرئيس المجلس الوطني، وفي 2012 ترأست المرأة المجلس الوطني، ومن ضمن الآليات أيضا وجود مجلس التوازن بين الجنسين عام 2015. ثم أشارت المزروعي إلى الحضور البارز للمرأة الإماراتية في العمل الوزاري ومجالات السلك الدبلوماسي والأمن والدفاع والاقتصاد والثقافة والفنون. 

الشباب والمستقبل
أما سعيد النظري فقد دارت مداخلته حول تجربة الشباب والتطلع إلى المستقبل، وارتكز في مداخلته على سؤال يبدو للوهلة الأولى أنه بسيط ولكنه يحمل في طياته طرحا عميقا وهو: ماذا سنقدم لبلادنا؟ حيث تختلف الإجابات من شخص إلى آخر ولكن الهدف في النهاية أن المجتمع الشبابي كله يجب أن يرى الجميل للمؤسسين ويشارك في رحلة الخمسين القادمة وأضاف أنه سعد خلال تجوله بالمعرض بمجموعة من الشباب قد أنتجوا كتبا تدون ماضي أهلهم وهذا مايجب أن يفعله كل الشباب وتقوم به كل الأجيال القادمة حتى تستمر الإنجازات وتتوالى المخرجات الناجحة، مشيرا إلى أن صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد استثمر في مئة شاب وشابة من ثماني عشرة دولة وعندما التقى بهم سأله أحد الشباب سؤالا فريدا عن هوايته فأجابه سموه بكلمة واحدة هي الشغف لذا فإن دولتنا التي بنيت بالشغف ستستمر في بنائها بالشغف أيضا.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©