الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

البتراء.. عمارة النحت في الصخر

المدينة الوردية اكتشفت في العام 1812 (من المصدر)
14 ابريل 2021 00:43

محمود إسماعيل بدر (عمّان)

بترا أو البتراء، أو «سلع» كما عرفت قديماً، هي عروسُ الصحراء وابنةُ الجبال الشماء بلا منازع، هي العراقةُ والأصالةُ والعنفوانُ بأبهى معانيها، التي صهرت مع بعضها في بوتقة واحدة، فكانت البتراء الشامخة، دُرّة محافظة معان (240 كم جنوب العاصمة عمان)، تقع بين وادي عربة وصحراء النقب، في جنوبِ المملكة الأردنيّة الهاشميّة، والتي لا تزال حاضرة إلى يومِنا هذا، كسبيكةٍ من الذهب الخالص النفيس، على الرغم من غياب مَن صاغوها من العرب الأنباط، الذين أسسوها عام ثلاثمائة واثني عشر قبل الميلاد، وكانت لها مكانة مرموقة ورفيعة، لأنها تقع على طريق الحرير، بالإضافة إلى أن موقعها يتوسط حضارات بلاد الشام، وبلاد الرافدين، والحضارة الفرعونيّة في مصر، ما جعلها تحتل مركزاً مرموقاً في التجارة بين هذه الحضارات جميعها، فكانت حاضرة مملكة الأنباط التجاريّة، وممرّ القوافل العابرة لطريق الحرير، والتي تحملُ الحريرَ من دمشق، والتوابل من جنوب الحجاز، والخزف والأواني الزجاجيّة من صيدا وصور، واللؤلؤ من دول الخليج العربيّ، وصباغ الحنّاء من عسقلان. يشغلُ لواءُ البتراء مساحة تُقدّر بتسعمائة كم مربع، في حين تبلغُ مساحة المحميّة الأثرية فيها ما يقاربُ المائتيْن وأربعة وستين كم مربع.
من أهمّ معالم المدينة الأثريّة المنحوتة بالكامل في الصخر، ما يعرف بـ«السّيق»، وهو طريقٌ مشقوق بين الصخور، ويؤدّي إلى الخزنة، كما أُقيمتْ على جانبيْه قنوات لسحب المياه، بالإضافة لسدود مهمّتها حبسُ المياه وتجميعها لإعادة استخدامها وقت الحاجة، كما يزخرُ السيق بالمنحوتات الأثريّة التي تمثّلُ الآلهة، ومنحوتات خاصة بسابينوس ابن إسكندر المقدونيّ القادم من درعا السورية، أمّا الخزنة فهي أهمُّ معالم البتراء، وتتألّفُ من طابقين، وهي عبارة عن معبدٍ، وفي الطبقة السفلى توجدُ المدافن، والدير الذي كان يحتوي على تماثيل متحركة التيجان، وكانت واجهته مخصّصة لإقامة الرهبانِ في العصر البيزنطيّ.
أما المسرح فهو مدرجٌ منحوت في الصخور، مكوّن من صفوف عدّةِ تتسع لعشرة آلاف مشاهد، واجهته مزيّنة بألواحٍ من الرخام. أمّا قصر بنت فرعون فأساساته من خشب أشجار العرعر التي تنتشرُ في المنطقة، وهو معبدٌ نبطيّ اختلف الباحثون لأيّ آلهة يعود. وضريح الجندي الروماني حيث كانتْ تُقام في قاعة حوله المراسم الجنائزيّة، بالإضافة إلى معابدِ صغيرة الحجم كمعبد الأسود المجنحة، والبستان، وأضرحة ذات طراز فنيّ وعمراني فريد.
وفي العام 1985 أدرجت مدينة البتراء على لائحة التراث العالمي لليونسكو، وقد تم اكتشافها من قبل المستشرق السويسري يوهان لودفيغ بركهارت، عام 1812، من خلال رحلة استكشافية في كل من بلاد الشام ومصر والجزيرة العربية لحساب الجمعية الجغرافية الملكية البريطانية، لذلك يطلق العديد من العلماء والمستشرقين على البتراء بـ«المدينة الضائعة»، وذلك لتأخر إظهارها إلى العالم، وقد وصفها الشاعر الإنجليزي بيرجن بأنها المدينة الشرقية المذهلة، المدينة الوردية التي لا مثيل لها في العالم. وقد استحقت بجدارة أن تصنّف كثاني عجائب الدنيا السبع الجديدة، فهي تحتوي على فنون العمارة التي تأثرت بالعمارة الآشوريّة، والعمارة الفرعونيّة، والعمارة الإغريقيّة، خصوصاً في بناء المقابر الملكيّة، التي نحتها الأنباط في الصخر.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©