الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

رؤية الفيلسوف الراحل د. زكي نجيب محمود.. تطور الفكر العربي يبدأ باللغة

رؤية الفيلسوف الراحل د. زكي نجيب محمود.. تطور الفكر العربي يبدأ باللغة
22 ديسمبر 2020 00:08

إميل أمين (القاهرة)

في أسبوع اللغة العربية يعن لنا أن نعرج على آراء أحد أهم الفلاسفة العرب المعاصرين في معنى ومبنى اللغة العربية، وارتباطها بالفعل الإنساني.
حين نتوقف مع الفيلسوف الراحل الدكتور زكي نجيب محمود، في رؤيته لتجديد الفكر العربي، نجد أنه من عند حدود اللغة تبدأ ثورة التجديد، ومن شاطئ حضارة اللفظ، يمكن السباحة حتى بر حضارة الأداء.
فيلسوفنا الكبير لا يتصور لأمة من الأمم ثورة فكرية كاسحة للرواسب، إلا أن تكون بدايتها نظرة عميقة عريضة تراجع بها اللغة وطرائق استخدامها، لأن اللغة هي الفكر، ومحال أن يتغير هذا بغير ذلك.
لم يك ليغيب عن ناظري المفكر الراحل الكبير أن نهضتنا الحضارية في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، قد صحبتها بالضرورة نهضة في مجال اللغة، وقد أعتبر أن ذلك أمر محتوم في دورات التطور لا مفر منه.
 لكنه وبأعين الراصد المحقق والمدقق، أدرك أن النهضة اللغوية قد أخذت مجريين مختلفين، أما أحدهما فطريق سلكه فريق من الناهضين أرادوا باللغة العربية أن تنافس العامية في وسيلة أدائها، وأما الطريق الآخر فهو الذي سلكه فريق ظن أن النهوض باللغة، إنما يكون بإحياء القديم.
هنا طرح د. زكي نجيب محمود رؤيته لتطور اللغة، وأمله المنشود يتمثل في تحقيق شرطين:
الأول: أن تحافظ على عبقريتها الأدبية، وأن تكون أداة للتوصيل لا مجرد وسيلة لترنم المترنمين فحسب.
 الثاني: أن يكون التطوير بمثابة ثورة فكرية، ذلك لأنه من غير هذه الثورة في استخدامنا للغة، فلا رجاء في أن تحقق لنا الوسيلة الأولية التي ندخل بها مع سائر الناس، عصر التفكير العلمي الذي يحل المشكلات.
يضعنا الفيلسوف الراحل في مواجهة لا بد منها مع أزمنة العصر الحالي، ذاك الذي يسميه عصر التحول العظيم، وعنده أنه إذا سلمنا بأن عصرنا هو عصر التغيرات والتبدلات الكبيرة، فإنه من حقنا كذلك أن نسأل سؤالاً لا محيص عنه، وهو: تحول من ماذا ؟ والجواب الشافي الوافي لديه: من حضارة اللفظ إلى حضارة الأداء.
ما الذي يعنيه صاحب العديد من المؤلفات الفلسفية التي تركت حراكاً حول العقل والنقل في مسيرة العالم العربي؟
المؤكد أنه كان يعتبر المهمة الجديدة للغة العربية، هي قيادة العرب وريادتهم في دروب الحياة وعلى مختلف الأصعدة، وهو أمر لا يتم إلا من خلال الانتقال من ثقافة الكلمة إلى ثقافة العلم المؤدي إلى عمل. بل إن هذا العمل لم يعد يترك على إطلاقه، وإنما هو عمل محدد الخصائص، إذا أريد للأمة أن تكون معاصرة.
ولعل الخلاصة المفيدة هي أن التحول اللغوي في حياة العرب، لو جرى على هذا الوجه، لانتقل الإنسان العربي من فكر إلى فكر، ومن حياة إلى حياة، من أخلاق ومعايير إلى أخلاق ومعايير. إنه انتقال من ثقافة الكلمة إلى ثقافة التشكيل، الذي يغير به وجه الأرض.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©