السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الثقافة حاضنة لجودة الحياة ورافعة للتنمية

الثقافة حاضنة لجودة الحياة ورافعة للتنمية
11 أكتوبر 2020 00:42

هزاع أبوالريش (أبوظبي)

في ظل التغيرات الراهنة التي تمر على العالم، والتحديات التي يبدو وكأن البشرية تخوض معها امتحاناً عصيباً، يتعين على المجتمع الأكثر وعياً تخطي هذه المرحلة بسلام، وتجاوزها بأكثر الطرق فعالية. ولكل مرحلة من مراحل الزمن، بتحدياته وظروفه، ثقافة تسهم في صقل التجارب لتجعلها قادرة على مواكبة الأحداث للارتقاء بمستوى الحياة للتأقلم والتعايش معها. فالثقافة أساس وحاضنة لجودة الحياة، ومقياس من مقاييس الأمم الناجحة القادرة على مواجهة التحديات برؤية بصيرة، وإيمانٍ راسخ بالأفكار التي تصب في خدمة البشرية. وللثقافة إسهاماتها المهمة، والمُلهمة، في الحفاظ على المكتسبات الوطنية في خضم الظروف الراهنة لطرح الحلول العلمية والمبتكرة البناءة، والإسهام في إنجازها للسير في طريق التنمية الشاملة، والمضي قُدماً نحو مستقبلٍ مليء بالآمال والتطلعات والإنجازات المشرقة.

  • عبدالله آل علي
    عبدالله آل علي

وفي هذا السياق، يقول عبدالله ماجد آل علي، المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: كلنا يعرف أن مفهوم الثقافة ذو دلالات متشعبة، وإذا كانت الثقافة على مستوى الفرد تعبر عن الكم المعرفي الذي يملكه، فإنها على مستوى المجتمع تتجاوز حاجز المعرفة إلى السمات والخصائص والعادات المجتمعية، ومن هنا بات شائعاً لدينا استخدام تعابير مثل «ثقافة التسامح» و«ثقافة التعايش» و«ثقافة السلام»، مقابل تعابير مثل «ثقافة الكراهية» و«ثقافة التطرف» و«ثقافة الإقصاء».. إلخ، موضحاً: تؤدي الثقافة، سواء بمفهومها المعرفي أو المجتمعي، دوراً مهماً في رفع وعي الأفراد، وإيجاد بيئة حاضنة للعلم ومحفزة للفكر وتسريع عملية النهضة الشاملة.

رؤية استشرافية
وأضاف آل علي: ومنذ مطلع الألفية الثالثة، وتبلور مفهوم العولمة، كانت هناك نقاشات كثيرة حول حوار الحضارات أو صراع الحضارات، وثنائية الشرق والغرب وما تتضمنه من حديث التفاوت والاختلاف أو المصدّر والمستورد، وثنائية المركز والأطراف التي تقود دائماً إلى الحديث عن محاولات الهيمنة والسيطرة مقابل محاولة التمسك بالخصوصية والحد من بعض سلبيات العولمة، مؤكداً أننا اليوم حين نتحدث عن دور الثقافة في التغيرات التي يمر بها العالم، ولاسيما ما تشهده منطقة الشرق الأوسط، لا يمكننا إلا أن نعود لكل هذه المعطيات، فما نحن فيه اليوم هو استمرار لما حدث في العقدين الماضيين، مع إيماننا بأن مثل هذه المعطيات تظل في حالة مخاض دائم، وتستدعي قدراً كبيراً من التحصّن والثبات حين نتعامل معها، فضلاً عن الحاجة إلى رؤية استشرافية تعيننا على مواكبة مختلف التحولات التي تجري في العالم، والتي تتسم بالسرعة كونها تسير على إيقاع التطور التقني وثورة المعلومات والاتصالات والذكاء الاصطناعي.

الإمارات نموذج رائد
وأضاف المدير التنفيذي لقطاع دار الكتب في دائرة الثقافة والسياحة - أبوظبي: لقد أدركت دولة الإمارات العربية المتحدة مبكراً قيمة الثقافة وأهميتها، على مستوى الفرد والدولة والمجتمع، فإضافة إلى المشروعات الثقافية التي تهتم ببناء الفرد معرفياً، فإن أهم ما يميز دولة الإمارات داخلياً وخارجياً هو أيضاً ثقافة التعايش والتسامح والانفتاح على جميع الثقافات الأخرى، كما أنها كذلك تمثل نموذجاً رائداً للتفاعل الحضاري الإيجابي بين مختلف الجنسيات والديانات والثقافات. ولاشك في أن هذا كله قد أسهم في ترسيخ صورتها الإيجابية، وتعزيز قوتها الناعمة، وضمن لها الحضور الفاعل والمؤثر على الساحتين الإقليمية والعالمية. واختتم آل علي قائلاً: لقد حرصت قيادتنا الرشيدة على المواءمة بين الخصوصية الثقافية والعولمة، فقدمت الإمارات مثالاً يحتذى به للانفتاح على الآخر مع الحفاظ على الأصالة والخصوصية الثقافية والهوية الوطنية الإماراتية وكل ما هو مشرق في تراثنا وموروثنا، حيث استطاعت أن تكون دولة آمنة مستقرة في منطقة تموج باضطرابات كثيرة، واستطاعت أن تواجه مختلف الأزمات التي مرت بها المنطقة بقوة وثبات، وكانت قادرة على أن تخطو خطوتها الجسورة نحو توقيع اتفاقية السلام مع إسرائيل، لأنها تدرك قوتها وقدرتها على الحوار مع الآخر، مستندة في ذلك إلى تماسك مجتمعها وتلاحمه مع قيادته.

  • صفية الشحي
    صفية الشحي

دور المثقف
ومن جانبها، قالت الكاتبة والإعلامية صفية الشحي: يبدو لي أننا نعيش في عصر سمته الفردية الصرفة، مدفوعة باتجاهات عالمية متأثرة بالتكنولوجيات السائدة التي تسعى لشخصنة كل المجالات من اقتصاد وتعليم وصحة، فالفرد هو صاحب قراراته أولاً وأخيراً، وكل ذلك يحدث بضغطة زر ومن خلال أجهزة ذكية تحقق للمتلقي الإشباع اليومي من الأخبار والمعلومات والذوق الأدبي والفني إلى آخره، مشيرة إلى أن الثقافة ليست بمنأى عن كل ذلك، وخصوصاً في زمن تراجع فيه دور المؤسسات الثقافية بشكل متنامٍ، وذلك لأسباب خارجة عن النسق الذي بنيت عليه بعض تلك المؤسسات.
وتابعت الشحي: ربما كان السؤال هو، ما الدور الذي يقوم به المثقف الفرد في مواجهة لحظة كهذه، وكيف يمكن أن يمثل جزءاً من حراك ثقافي؟ نحن نشهد نهوضاً في المنابر الثقافية الفردية والجمعية، وتراجعاً محسوساً على مستوى العمل المؤسسي، إلا من بعض النماذج الخاصة، وهو تراجع لصالح الضروريات، التي قد يرى البعض أن الثقافة لم تعد جزءاً منها، مثل الغذاء والدواء والأمن، مؤكدة: سيعود للثقافة دورها عندما يقتنع الجميع بأنها ضرورة كغيرها من الضرورات، وبأنه دون استثمار قوة التعبير من خلال إبداعاتنا وفننا وموسيقانا، ودون قدرة على الحكاية، لن يبقى للأجيال القادمة ما يستندون عليه، عندما يعيدون التفكير في النظام الأخلاقي والاجتماعي الذي يجمعهم، فالثقافة يجب أن تكون «حكاءة» تجمعنا حولها كل ليلة، وتعيننا على طرح الأسئلة الأكثر صعوبة، لنكون أقرب إلى الفهم، وأكثر قدرة على التأقلم مع الأوضاع والظروف المتحولة مع تغير أحوال الزمن والعالم.

  • نجيب الشامسي
    نجيب الشامسي

تنمية ثقافية ناجحة
وبدوره، أوضح الكاتب والباحث نجيب الشامسي، أن الثقافة والاقتصاد صنوان، أو جناحا تحليق الأمم والشعوب والدول والمجتمعات التي ترنو إلى التقدم والازدهار والنهضة والتنمية ومواجهة التحديات والأزمات ومعرفة حقيقة المتغيرات والمفاهيم الحديثة، وبالتالي تحصين ذاتها أمام الانهيارات والتصدعات التي تحدث في دول ومناطق أخرى في العالم. إنهما وجهان لعملة واحدة وجناحان بهما معاً يستطيع الوطن التحليق عالياً. ومن هنا فإن إحداث التنمية المستدامة مقروناً بوجود اقتصاد حقيقي ونوعي وقوي وتنمية ثقافية فعالة كل ذلك يشكل منظومة أساسية في تحقيق اقتصاد صاعد أو تنمية اقتصادية ناجحة. وتستند التنمية الثقافية على المحتوى التعليمي، ضمن أوعية الثقافة الأخرى العديدة، حيث يشكل التعليم النوعي المنصة الأساسية في بناء الإنسان الواعي والمحصن في ذاته أمام أي استهدافات أو أخبار زائفة قد يتعرض لها، وخاصة عندما تكثر الإشاعات والأخبار المضللة كتلك المتعلقة بشائعات فيروس كورونا مثلاً، حيث يستوجب هنا وجود الإنسان المثقف، والواعي، القادر على فهم حقيقة وأبعاد مثل تلك الإشاعات ودحضها وعدم القبول بها كي لا تتحول إلى وسيلة للتأثير عليه سلباً، أو زرع المعلومات المغلوطة في صفوف أفراد المجتمع.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©