السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الخطّ العربي.. حامِلُ الهويَّة.. وحامِيها

من أعمال الفنان أحمد مصطفى في معرض الفن الإسلامي بالشارقة (أرشيفية)
23 يونيو 2020 00:18

محمد عبدالسميع (الشارقة)

تجيء أهميّة الخط العربيّ من أمرين: الأول أنّه يعبّر عن لغتنا ويظل مستمراً ما دامت الكتابة باللغة العربية، حاملاً معه ثقافتنا وتراثنا وكينونتنا الثقافية والمعرفية إلى العالم، والأمر الثاني هو جمال هذا الفن الذي جعله محطّ إعجاب عالمي، هذا فضلاً عن كونه قد أسهم في الحضارات الإنسانيّة إسهاماً جميلاً، ولذلك فإنّ تدريسه وإقامة معارض له ودخوله في المسابقات والمهرجانات عنصراً أصيلاً لقيمته التشكيلية والفكرية، هو عمل نبيل يجب أن يستمر ويتم تناقله بحب واهتمام بين الأجيال. وقد أكّد عدد من الخطاطين، في حديثهم لـ«الاتحاد»، القيمة الثقافية والتراثية والجمالية للخطّ العربي الإسلامي الأصيل.

عراقة وتفرد
ويؤكّد الخطاط محمد مندي القيمة الاستثنائيّة للخط والمتمثّلة في عراقته وتفرّده، باعتباره رافداً قويّاً من روافد الهوية الثقافية العربية والإسلامية، ولذلك فإن هذا العنصر الجمالي المهم والمعبّر أيضاً، سيظل محلّ اهتمام الخبراء وشغف المعنيين بالثقافة والإرث الإنساني والحضاري في العالم العربي، فهو فنّ إنساني بامتياز.
كما يعرب الخطاط مندي عن تقديره وشكره الكبير لكلّ الجهود المبذولة للعناية به واحترامه في الإمارات، وتحديداً في الشارقة التي عملت على حفظ هذا الإرث الثقافي الرائع.

من أركان الثقافة
وينطلق الخطاط علي الحمادي من أنّ الخطّ العربي هو من المظاهر المهمّة لحضارتنا العربية والإسلامية، هذا عدا كونه ركناً أصيلاً من أركان الهوية، وجزءاً مهماً من التراث الحيّ للأمّة، لأنّ قصّة الكتابة هي قصة الحضارة الإنسانيّة نفسها، ولأنّه ما من أمّة أوْلتْ الخط وفنونه عبر العصور اهتماماً مثل الحضارة الإسلامية، إذ شهدت ألواناً وأشكالاً من الفنون والرسومات، حيث تميّز كل مجتمع من المجتمعات الإسلامية بفن من الفنون، وجد فيه التعبير الحقيقي عن روحه وشخصيته، واستمد منه روح الابتكار اللازمة لنهضته.

نشأة ذات قداسة
ويؤكّد د. محمد حمزة إسماعيل الحداد أستاذ الفن الإسلامي والآثار الإسلامية وعميد كليّة الآثار بجامعة القاهرة أنّ فن الخطّ العربي يُعدُّ من أَجملّ الفنون الإسلامية، وذلك لنشأته في «حرم كلام الله» عزّ وجلّ، فاكتسب منه قدسيته، وارتقى على سمات معتبرة من تشكيل فني ذي قيم جمالية بنسب مدروسة.
ويرى الحداد أنّ فن الخط ناطق بلسانين: بلاغي وجمالي، فهو يخاطب العقل بمضمونه، ويناجي الوجدان بجماله وحسن تنسيقه، وقد تطور على مر القرون، وشاركت غالبية الأقطار الإسلامية في تحسينه وتجويده،  وبلوغه أعلى مراتب الجمال وقمة الإبداع، وهو ما تشهد به وتؤكده الآثار الخطية الباقية، ومن هذا المنطلق يمكن القول بوجود طراز إسلامي عام للخط العربي، انبثقت منه أو تفرعت عنه طرز محلية تنتمي إلى عدة مدارس فنية، مثل: طراز الجزيرة العربية، والطراز العراقي، والشامي، والمصري، والمغربي، والأندلسي، والفارسي.. وغير ذلك.

فن الكتابة
ويؤكّد د. روضان بهية، رئيس جمعية الخطاطين العراقيين، أنّ الخطاطين حينما يخطّون عبارتهم المشهورة: «إن الخط العربي أينما ظهر بهر»، لا يجافون الحقيقة، إذ أصبح لفنّ الخط العربي حضوره الجمالي الأخاذ، ولاسيما أنه لا يقف فقط عند حدود مهمَّة التدوين، انطلاقاً من كونه الشكل المنمق المولود من رحم الكتابة.
فالكتابة من الناحية الشكلية واحدة، ولكنَّ الخط متنوع، وبعبارة أوضح فالخط هو فن الكتابة، كما أنّ تطوّر الخط العربي على المستويين الفني والمعرفي على تعاقب القرون أوجد عالماً من المصطلحات الفنية التي تناولت شتى مناحيه ومجالاته فتولدت ونُحتت مصطلحات كثيرة لم تكن موجودة قبل ولادة فن الخط العربي إلا في حدود جذورها اللغوية.  
 حضور عالميويرى محمد نوري، مدرس الخط العربي في مركز الشارقة للخط العربي، أنّ الخط العربي انطلق انطلاقةً قوية من الأرض العربية إلى بقية الدول، فأصبح فناً عالمياً له حضوره وخصائصه وكينونته الجمالية والثقافية، مؤكّداً قيمة الجوانب التراثية التاريخية التي يجب الاعتناء والاهتمام بها، وأهميّة أن يُدرّس ويشكّل ذوقاً لشبابنا، فهو عنصر أصيل من عناصر الفنون العربية الإسلامية، وفي الوقت ذاته له قيمته الجمالية في تشكيله وحروفياته وبنيته ومقاطعه، ولذلك فيجب أن يظل حاضراً في وجداننا العربي على الدوام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©