السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

الإنسانية تتوحد على أرض الخير

الإنسانية تتوحد على أرض الخير
21 مايو 2020 00:20

محمود إسماعيل بدر (الاتحاد) 

يمثل التبادل والحوار المنصفان بين الحضارات والثقافات والشعوب، على قاعدة التفاهم المتبادل، واحترام تساويها في الكرامة، شرطاً مسبقاً أساسياً لتحقيق مبادئ التنوع الثقافي والتماسك الاجتماعي، والمصالحة بين الشعوب والسلام بين الأمم، ولعل هذا أهم ما في محتوى «اليوم العالمي للتنوع الثقافي من أجل الحوار والتنمية»، الذي اعتمدته المنظمة العالمية للتربية والثقافة والعلم «يونسكو» في 21 مايو من كل عام، لتأكيد التزامها بأهمية تنوع الثقافات والحوار والتّسامح، في جوّ من الثقة والتفاهم والمحبة الكونية، وأن الاحتفال به هو إعلاء لشأن منهلٍ لا نظير له للتبادل والابتكار والإبداع، كما أنّه اعتراف بأن ثراء الثقافات هو الطّاقة التي ترسّخ مفهوم «الإنسانية»، نحو تعزيز نهج أمثل لحقوق الإنسان وكرامته وهويته.
يشير مصطلح «التّنوع الثقافي» إلى وجود ثقافات مختلفة، تتبادل فيما بينها الاحترام لهذه الاختلافات، ويستخدم هذا الاصطلاح في بعض الأحيان بمعنى تنوّع المجتمعات البشرية أو الثقافات في منطقة معيّنة أو في العالم ككل، ولا شك في أن مجيء هذا اليوم في زمن «جائحة كورونا»، يجعل الاحتفاء به بمثابة تحدٍ كبير لها صوب دمج التغيير الإيجابي في المجتمع العالمي، الذي يبدو أنّه أدرك متأخراً عدم جدوى «الصراعات الثقافية».

النموذج الإماراتي
تعتبر «الإمارات» نموذجاً فريداً ومعاشاً لهذا التنوع، باعتبارها حاضنة لثقافات العالم وجامعة لها، لا سيما وأنّه يعيش على أرضها، في تفاعل وتناغم قل نظيرهما، أكثر من 200 جنسية، بجانب أنها كانت من أوائل الدول التي وقّعت على الاتفاقية الدولية لحماية التّنوع الثقافي، وسط ارتقاء في جهودها الرامية إلى تعزيز قيم التّسامح والتّنوع الثقافي، وبخاصة أنها اعتمدت 2019 عاماً للتّسامح، استضافت خلاله العديد من الفاعليات والمبادرات التي تعزز من مناخات التلاقي والانفتاح على الثقافات الإنسانية، ونجاحها في التعامل مع كافة أشكال العولمة الثقافية، والتي توجتها باستضافة حوار الأخوة الإنسانية (3 – 5 فبراير 2019) بين قداسة البابا فرنسيس بابا الكنيسة الكاثوليكية، وفضيلة الإمام الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر. 
ويعتبر «متحف اللوفر أبوظبي» في المنطقة الثقافية بجزيرة السعديات، الذي افتتح في 17 نوفمبر 2017، واحداً من أهم الأيقونات المعمارية، وأكثرها انفتاحاً على التّنوع الثقافي والاحتفاء بالروابط ما بين الثقافات، التي تتجاوز الحدود الجغرافية وسياق الحضارات. 
ومنذ تأسيسه عام 2007، تميّز مشروع «كلمة» بنقل ثقافات العالم للقارئ العربي، من خلال ترجمة العديد من المؤلفات العالمية من مختلف اللغات إلى العربية، تحت مظلة استراتيجية بعيدة النظر، مؤداها أن الثقافات تتّصل وتتنوع وتتكامل. 
وامتد التواصل الثقافي لدولة الإمارات إلى مختلف دول العالم، ليعكس حقيقة الارتباط بين ثقافة الداخل بقيمها وهويتها الوطنية، والثقافات العالمية بروافدها المتعددة، لتصبح مع الوقت منصة تلاقي الثقافات، ومن ذلك استضافتها عام 2017، و2018 قمّة القيادات الثقافية التي تجمع قادة ورواد عالم الفنون والإعلام والسياسة العامة والتكنولوجيا، لمناقشة الطرق التي يمكن من خلالها أن تؤدي الثقافة، كقوة ناعمة، دوراً محورياً في زيادة الوعي، وبناء جسور التواصل بين ثقافات العالم، ولعل ذلك في الواقع يعكس الرؤية الاستشرافية للقيادة الحكيمة في إعلاء شأن قيمة الثقافة كمكون أساسي من مقوّمات التنمية المستدامة، وذلك يدعو بالضرورة للإشارة إلى «الأجندة الثقافية» الأولى من نوعها، والتي تمثل الإطار الاستراتيجي لتنمية القطاع الثقافي في الإمارات، للفترة من عام 2018 إلى عام 2031، بإشراف وزارة الثقافة وتنمية المعرفة، بهدف تطوير وبناء قطاع ثقافي رائد، يرسّخ مكانة الدّولة في المجالات الثقافية المتنوعة، نحو تحقيق محاور «مئوية الإمارات 2071». 
 أخيراً، ونحن نحتفل بهذه المناسبة الثقافية النّوعية، في ظل الوضع الرّاهن، علينا أن نتذكر أنّ «التّنوع الثقافي» لن يتحقق إلاّ من خلال حوار ثقافي عالمي محايد، دينياً وسياسياً واقتصادياً وعرقياً، حوار الإنسان للإنسان وفق قيم محايدة، وانطلاقاً من القواسم المشتركة وقواعد الفهم والاجتهاد والتأويل للمنطلقات الإنسانية الجامعة، إن التعدد الثقافي الذي وصلت إليه الإمارات، قادها للوصول إلى مفهوم «ثقافة المشاركة»، وترسيخ مبادئ إنسانية تنتصر- بلا شك- على خطابات الكراهية والعنصرية والإرهاب الفكري.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©