السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
التعليم والمعرفة

سالم أبو جمهور: العزلة علمتني كيف أحبُّ الحياة

سالم أبو جمهور: العزلة علمتني كيف أحبُّ الحياة
9 مايو 2020 01:05

محمود إسماعيل بدر (الاتحاد) 
 
محنة لم تكن متوقعة، لعل لا أحد يصدّق ما يحدث اليوم، أن يجبرك فيروس مجهري على البقاء في البيت، وأن يحدّ من حركتك ونشاطك وبرامجك ومشاريعك، وأن تعيش عزلة من نوع مختلف، من الصعب أن يجد كائن حرّ نفسه في حالة من التباعد الجسدي بكل ما يحمله من دلالات وطرافة، لكن هذا الأمر يبدو مختلفاً تماماً لدى الشاعر الإماراتي سالم أبو جمهور الذي يرى في حديث لـ «الاتحاد» أن لا شيء تغير على حياتي لا بسبب «كورونا»، أو غيرها.
ويضيف أبو جمهور: «العزلة قد تكون أمراً قاسياً بالنسبة لبعض الناس في مختلف الأرجاء، لكنها تمنحني إحساساً جميلاً، وحُلواً، فلا مشكلة بالنسبة لدي، فأنا أمارس حياتي بشكل طبيعي، وقد عدت إلى الطبيعة فرحاً مطمئناً، بخاصة الزراعة المنزلية، حيث أعتني بحديقتي المنزلية، فلطالما كنت مولعاً بالطبيعة حتى في بعض قصائدي، وأجد في أيام العزلة فرصة للراحة، ولتصفح الكتب، والاستفادة من الإنترنت وثقافة العالم الافتراضي، وتأمل خطابات نوابغ البشرية في مختلف مجالات الإبداع. صرت أضبط يومي على إيقاع طقوس جديدة تمنحني بعض السكينة وسط أفراد أسرتي، لكنها لا تفصلني عما يحدث في الخارج. بصراحة أنا سعيد، وأنا أواجه هذه الجائحة بهدوء ودون جزع، لم أفكر في الخسائر المتوقعة على الصعيدين الثقافي والمعنوي، بقدر ما كنت أفكر في ضرورة التكيّف مع الوضع وتحمل تبعاته برزانة، وفي ما يمكن لنا أن نتعلمه من هذه التجربة الكورونية القاسية». وفي معرض رده على سؤال حول طقوسه الإبداعية في فترة العزلة، أجاب: «في الواقع لا أدّعي أن لي طقوساً كتابية خاصة أستدعي بها القصيدة، فالكتابة هي حالة من حالات التماهي بفكرة ما حينما أحسّ بأنها تقتحمني، أختلي بنفسي أو بها، فتكتبني». 
أبو جمهور الذي نشر مؤخراً ثلاثة دواوين هي: مدنيّا، أنت الجزائر، وهيمائيل، يختلف مع الرؤية العالمية السائدة حول فيروس كورونا والخوف منه، ويقول في ذلك: «لا أجد أن هلع العالم من خطورة كورونا في موضعه، وعلينا قبل أن نخاف من هذا الوباء القاتل أن نعرف قيمة الحياة أولاً، فكل ما نراه من آلام البشر بتأثير الحروب والمجاعات والجهل المتفشي في الدول الفقيرة وتدمير الطبيعة بفعل التكنولوجيا، أقل بكثير من خطورة ما يحدث في العالم هذه الأيام، علينا ونحن نتصدى ونحارب هذا العدو الخفي أن نغلق تماماً عالماً محفوفاً بالمخاطر والعنصرية والإرهاب والكراهية والتعصب الديني ومآسي اللاجئين العالقين اليوم في مخيمات معزولة، نحو تفاهم إنساني حقيقي، ونحو حوار عقلاني يؤكد قيمة وأهمية الحياة مقابل الموت». 
يعبّر أبو جمهور عن أمله بمشهد ثقافي عالمي جديد، يسوده إبداع يحمل صفة الإنساني بالدرجة الأولى، وعن القصيدة التي تصبّ في هذا الاتجاه يقول: «أنا شخصياً أميل إلى القصيدة التي تحتك بالواقع وتعبّر عن حيرة وهشاشة الكائن تحت وطأة اللحظة الجماعية بكامل تواترها، على اعتبار أن القصيدة الحقيقية هي إعادة صياغة لهذا التفاعل الخلاّق، محاولة للاشتباك مع قضايا المجتمع والعصر والتفاعل مع الأحداث في سبيل (شَعْرنَة) الألم الفردي والجماعي باعتباره ألماً إنسانياً». 
وفي نهاية هذا الحوار الممتع مع إحدى قامات الشعر في المشهد الأدبي الإماراتي، أشار إلى أنّه تجاوز الحالة بهدوء تام، وأعيش عزلتي بكل راحة وهدوء من أجل غد أفضل، بقيم إنسانية جديدة ومتجددة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©