الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
الرياضة

«كورونا» يُصيب جسد الرياضة العربية (2-3).. «أبطال على الرصيف» يبحثون عن «لقمة العيش»!

«كورونا» يُصيب جسد الرياضة العربية (2-3).. «أبطال على الرصيف» يبحثون عن «لقمة العيش»!
28 ديسمبر 2020 00:41

رضا سليم، مراد المصري (دبي) 

«أُعَلِّلُ النَّفْسَ بِالآمالِ أَرْقُبُهَا.. ما أَضْيَقَ العَيْشَ لَولَا فُسْحَةُ الأَمَلِ»، لم تحتاج الرياضة العربية أكثر من بيت في قصيدة الشاعر الطغرائي الشهيرة، لتكشف عن واقعها الأليم، ما بين أبطال يجلسون على «الرصيف» يبحثون عن «لقمة العيش» ينتظرون «أنصاف الفرص» يتمسكون بالأمل الضعيف، بحثاً عن غد تتحول فيه الأحلام إلى واقع، وبين أبطال هاجروا أوطانهم، بحثاً عن وطن جديد، يحققون فيه أحلامهم، خاطروا بأنفسهم في «قوارب الموت»، والتمسك بالخيط الرفيع، فما أقسى الرحيل للبحث عن وطن، وما أصعبها لحظات لأبطال عرب وقفوا على منصات التتويج، في بطولات قارية وعالمية وأولمبية يرفعون أعلام دول لا ينتمون إليها، إلا بجواز سفر.
شتان الفارق بين «أبطال على الرصيف» و«أبطال الهجرة الإجبارية»، إلا أن كلاهما يصب في اتجاه واحد، وهو أن الرياضة العربية تعيش «العشوائية»، وفي «زمن كورونا» زادت المعاناة وقضى الفيروس على الأمل الضئيل، وهو ما يدفعنا لطرح السؤال، ونحن نعرف إجابته مسبقاً، لماذا نفشل، وهم يتفوقون مع أنه اللاعب نفسه الذي فشل في بلاده، ونجح عندما توفرت له البيئة المناسبة لتحقيق الإنجاز؟
الأبطال يتسربون ويخرجون من المشهد الرياضي، فقد توقفت التدريبات، وغابت المشاركة في البطولات، ولم تعد «الرياضة» مهنة تكفي للعيش الآمن، والقصص والتجارب لا حصر لها، سواء من اعتزلوا اللعب، أو من يقفون في منتصف الطريق يفكرون في مصيرهم بالاستمرار أو الرحيل. 
ويؤكد أمير سعود نجم منتخب لبنان لكرة السلة، الذي أبدى حزنه لما وصل إليه الحال، وهو من أعلن نيته القيام بالهجرة خارج بلده، وترك الرياضة إلى الأبد، طالما استمر الوضع على هذا الحال، وقال: الأمر باختصار أنه لا يوجد أمل في الوقت الحالي، كرة السلة توقفت تماماً في لبنان، ولا توجد خطة واضحة للعبة، كانت «الرقم واحد» في الدولة، وحققت إنجازات عديدة، لكنها تعيش في الوقت الحالي أزمة كبيرة للغاية، يمكن تلخصيها بشكل بسيط في أنني لم أحصل على دخل مالي من الرياضة منذ نحو سنة وشهرين.

  • أمير سعود
    أمير سعود

ويعتبر سعود من أبرز نجوم كرة السلة اللبنانية والعربية في الفترة الماضية، وحقق ألقاباً عديدة مع ناديه الرياضي، وأسهم بشكل مؤثر مع منتخب بلاده، إلا أن حديثه يكشف «الغصة» التي لا يعاني منها بمفرده فقط، ولكن أغلب الرياضيين في بلاده والوطن العربي.
وأضاف: تبقى أحوالي جيدة، مقارنة بزملاء آخرين، حيث كنت أحصل على 150 ألف دولار سنوياً سابقاً، وهو ما جعلني أقوم بشراء منزل، وأمتلك بعض السيولة لتيسير أموري، خلال الفترة الماضية، لكنني أبحث عن حل دائم ورغبة بالتطور في الجانب الحياتي، لأن مسيرتي ستنتهي بكل الأحوال، ويجب أن أجد مصدر دخل ثابت أعيل به عائلتي.
وأشار إلى أنه فكر في الهجرة بشكل دائم إلى كندا، في ظل الظروف الحالية التي فرضتها «كورونا» وما قبل ذلك من أحداث بلده أدت إلى هدم الرياضة بالكامل، وقال: شقيقتي تعيش في كندا، وطلبت مني القدوم لرؤية إمكانية العيش هناك، وإكمال حياتي بالعمل وترك الرياضة، وهو الخيار الذي أفكر به بكل جدية، نظراً لأن الرياضي في النهاية بشر، يحتاج إلى مصدر للعيش وحياة كريمة، عوضاً عن الجلوس عاطلاً عن العمل في الوقت الحالي، جراء ما حدث بالرياضة خلال «جائحة كورونا».
وفي تونس، يجلس رمزي المناعي لاعب كرة القدم عاطلاً عن العمل في الوقت الحالي، حاله مثل حال العديد من زملائه، بعدما تضرر القطاع الرياضي جراء «جائحة كورونا»، وألقت الأزمة المالية ظلالها على الأندية، وقال: العديد من الأندية لم تعد قادرة على تقديم عقود مالية مجزية، وأغلبها تتأخر لأشهر في دفع المستحقات، والظروف العامة في المجمل جعلت اللاعبين يفضلون البقاء في منزلهم، أو البحث عن مصدر دخل آخر، من خلال العمل في مجالات مختلفة، عوضاً عن هذا الوضع الصعب.
وأضاف: دفع الرواتب في الأندية لم يعد مضموناً، هذا الأمر كان موجوداً في السابق وعانينا منه، لكن في الوقت الحالي، فإنه أصبح حالة بارزة وأمراً معتاداً، وهي عملية لا نلوم بها الأندية في المقام الأول، بقدر المنظومة الرياضية بشكل عام، بالنظر إلى تراجع إيرادات الشركات المعلنة والداعمة، وغياب مصدر دخل حضور الجماهير، إلى جانب الدعم المادي البسيط الذي تحصل عليه من اتحاد الكرة، من دون وجود آلية واضحة لدعم الرياضة، مما اضطر اللاعبين للبقاء عاطلين عن العمل في الوقت الحالي.

ميداليات أولمبية بـ «جهود ذاتية»
حققت الرياضة العربية إنجازات عديدة على صعيد الفرق والفردي، لعل أبرزها حصد 108 ميداليات أولمبية على مدار تاريخ المشاركات السابقة، لعل القاسم الأبرز فيها هو التضحيات «الفردية»، وبجهود ذاتية في أغلب الأحيان، وسط برامج كانت تطبق بمبادرات من بعض الاتحادات الرياضية تارة، وفي أحيان أخرى بصفة شبه فردية تماماً، وهو ما تجسد أن هذه الميداليات جميعها جاءت في رياضات فردية، من دون أي ميدالية أولمبية في لعبة جماعية إلى الآن، لكن دون انتقاص من جهود الرياضيين في الألعاب الجماعية التي دونت العديد من الإنجازات على الصعيد القاري بدورها للمنتخبات والأندية التي حصدت ألقاباً عديدة، ورسمت البسمة على وجوه المواطنين العرب في ألعاب مثل كرة القدم والسلة واليد والطائرة وغيرها.

غادة شعاع: «المستقبل الأسود» يطاردنا في «أولمبياد طوكيو»!
أكدت البطلة الأولمبية السورية غادة شعاع، أن ما حدث في فترة «كورونا»، كشف حالة «الزيف» و«الفساد» الذي يعيشه القطاع الرياضي العربي، وهو الحال الموجود منذ ما قبل «كورونا»، لكن جاءت «الجائحة» لتكشف «الوجه الأسود»، و«الواقع المؤلم» الذي يعاصره الرياضيون، في ظل غياب أي خطة حقيقية على أرض الواقع، وقالت: لا توجد خطط واعية أو منظمة للرياضة في الدول العربية، من دون استثناء، وهي مجرد خطط وأرقام يرددها المسؤولون على الورق، ولكن على أرض الواقع، فإن جميع الجهات الأولمبية، ووزارات الشباب، وبقية العناصر المسؤولة عن القطاع الرياضي، لا تملك عملاً حقيقياً، كما نفتقد في الدول العربية لوجود صندوق إنمائي يتولى تمويل تجهيز الرياضيين وضمان استمرارية نشاطهم.

  • غادة شعاع بطلة ألعاب القوى السورية
    غادة شعاع بطلة ألعاب القوى السورية

وأشارت شعاع إلى أن الرياضة العربية تعيش كارثة بمعنى الكلمة خلال «كورونا»، وأن الرياضيين الذين سيشاركون في دورة الألعاب الأولمبية المقبلة نرى الكثير منهم خلال الوقت الحالي في «الشارع»، وبعضهم  عاطل عن العمل، جراء توقف النشاط الرياضي، وعدم حصولهم على رواتب، وبالنسبة لهم المستقبل يبدو مجهولاً، وحتى مع تأجيل موعد الحدث المقبل، فإنهم ما زالوا يعانون من عدم وجود تحضير صحيح.
وشددت غادة شعاع على أن قرار الهجرة الذي يقوم به بعض الرياضيين العرب، لا يأتي من فراغ، ولكن نتيجة واقع مرير يجعلهم يذهبون بحثاً عن الدول التي تضع خططاً، ولديها الرياضة عمل، وقالت: أنا أعيش في ألمانيا، وهنا قاموا بالتدرج في عودة بطولات ألعاب القوى، كما عادت الملتقيات الكبرى في أوروبا، من دون جمهور، بهدف مساندة الرياضيين ودعمهم، وليس كما يحدث في الدول العربية، من غياب النشاط والمداخيل، في أصعب وقت للرياضيين مما يؤدي إلى تحطيم معنوياتهم.

«ميداليات عربية» تحمل ألوان «منتخبات أجنبية»
هل تابعتم الأولمبياد، هل سمعتم عن محمد وأحمد وكريم ومازن وخالد ومريم وزينب أبطال وبطلات عرب يقفون على منصات التتويج، وهم يحملون أعلام دول أجنبية .. التجربة مريرة، خاصة عندما تشاهد الأعلام العربية في مدرجات البطولات، ترتفع وتشجع أبطالاً عرباً يلعبون لحساب دول أخرى، والمؤلم أن البطل العربي يُسرع إلى بعثة بلاده الأم التي تشارك في الحدث على استحياء، كي يحتفوا معه بميدالية ليست لهم.
الهجرة، هو الخيار الأصعب، لكنه أمر واقعي، في ظل معاناة الرياضيين، في عدد من الألعاب الرياضية، وبينما يعانون مشقات الحياة، من دون اعتراف رسمي بهم، وغياب الضمان المالي والحياتي على المدى الطويل، بسبب عدم وجود برامج رسمية ترعى الرياضة، في أغلب الدول العربية، فإنهم على طريقة «مجبر أخاك لا بطل»، يضطرون لتمثيل دول غربية وارتداء ألوان مختلفة، والوقوف على منصة التتويج، وتبدو الظاهرة الأبرز في دول شمال أفريقيا، ما تقوم به الدول الأجنبية، بخطف المواهب في ألعاب القوى، مثل أميركا وإسبانيا وفرنسا وإيطاليا.
فيما برزت ظاهرة هجرة لاعبي منتخبات مصر للمصارعة، في السنوات الأخيرة، ومنهم طارق عبدالسلام، الذي تعرض لإصابة خلال أحد معسكرات المنتخب، واضطر للعلاج على نفقته الخاصة، حتى قرر السفر إلى بلغاريا، وهناك عمل «معلم شاورما»، قبل أن يخطف اهتمام مسؤولي الرياضة البلغارية الذين قاموا بضمه إلى صفوف منتخبهم، مستفيدين من زواجه من فتاة بلغارية لمنحه الجنسية، حتى ظهرت صورته، وهو يعتلي منصة التتويج، بطلاً لأوروبا عام 2017.
ولعل أبرز المشاهد الصادمة ما تم تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي بالمغرب، عندما ظهر أنور بورخصة أحد أبطال رياضة التايكواندو، وهو يركب أحد قوارب الهجرة السرية إلى أوروبا المعروفة باسم «قوارب الموت»، ويغامر بحياته فيها، من أجل الوصول إلى أوروبا، طمعاً في حياة أفضل، بعدما خذلته الرياضة العربية.
وما زاد من قيمة الصدمة، قيامه بإلقاء إحدى الميداليات التي حققها مؤخراً في عرض البحر، في إشارة منه أن إنجازاته الرياضية لم تساعده على إيجاد الحياة المستقرة التي يبحث عنها.
ويرى المغربي يحيى سعيدي الخبير في القانون الرياضي، أن هناك فجوة قانونية في هذا الجانب الخاص بهروب رياضيين، من أجل تمثيل دول أخرى، وقال: يجب في البداية وضع الرياضة عموماً، في إطار قانوني واضح في الدول العربية، ومن ثم التحرك للحفاظ على المواهب، منعاً من خطفها من الدول الغربية.

11 لعبة تعانق المجد الأولمبي
تتنوع الألعاب الرياضية في الوطن العربي، وهناك عمل واجتهاد من قطاع كبير من الرياضيين، يدل عليه تنوع الألعاب التي حصدت المجد الأولمبي بواقع 11 لعبة، حققت 108 ميداليات في الدورات السابقة.

أفضل لاعب.. «بائع في الميدان»
يعد طارق الجزار الحائز على جائزة أفضل لاعب في العالم لكرة القدم للصم والبكم، خلال كأس العالم في إيطاليا، التي حقق فيها المنتخب المصري المركز الخامس، أول لاعب أفريقي وآسيوي يحصل على الجائزة، وحرص وزير الشباب والرياضة على تكريمه، إلا أن الهداف لجأ إلى العمل بائع فاكهة في ميدان الجيزة.

«رباع» اليمن.. «عربة بطاطا»!
حقق البطل اليمني حيدر الفقيه 3 ميداليات ملونة لليمن، في البطولة العربية الآسيوية لرفع الأثقال، بمشاركة أكثر من 500 رباع ورباعة، يمثلون أكثر من 40 دولة عربية وآسيوية، إلا أن الإنجازات لم تشفع له للحصول على وظيفة، واضطر للخروج إلى الشارع لبيع «البطاطا»، والأغرب أن الفقيه اختار مكاناً لعربته أمام وزارة الشباب والرياضة اليمنية.

بطل الكاراتيه.. «بائع كشري» !
نجح السيد عواد «52 عاماً»، ابن محافظة الغربية المصرية في الفوز بـ 17 بطولة دولية، وصل إلى العالمية في الكاراتيه، ورفع عَلَم مصر، وحقق البطولات الدولية والعربية، وكرمه رئيس وزراء مصر ووزير الشباب والرياضة، ولعب في كل دول العالم. وكافح «عواد» من أجل الوصول إلى حلمه، بأن يكون بطلاً معروفاً في كل دول العالم، في لعبته الفردية، فحقق ما لم يحققه أحد، وحصل على شهادات والتكريم من دول عدة، حتى تمكن من الحصول على شهادة مدرب من الدرجة الأولى بامتياز، لكن نهاية المطاف كانت في نادي السكة الحديد براتب 400 جنيه، فلجأ إلى العمل «بائع كشري» لمواجهة ظروف الحياة.

7 عرب.. «أولمبي اللاجئين»
شهدت أولمبياد «ريو دي جانيرو 2016»، مشاركة فريق اللاجئين، والذي يضم 10 رياضيين، من بينهم 7 عرب شاركوا في ألعاب القوى والسباحة والجودو تحت العلم الأولمبي، كما أن فريق اللاجئين الذين يشاركون في «أولمبياد طوكيو» يضم أيضاً لاعبين عرباً، وامتد الأمر إلى أن اللجنة الأولمبية الدولية أسست «مؤسسة اللاجئين الأولمبية»، والتي تعمل على مساعدة اللاجئين، من خلال الرياضة، وعقدت شراكة مع المفوضية السامية للاجئين التابعة للأمم المتحدة، من أجل ممارسة الرياضة في بيئة آمنة، خاصة أن 65 مليون لاجئ ونازح، أجبروا على ترك منازلهم، هرباً من الحرب والاضطهاد.  وشاركت السباحة السورية يسرا مارديني التي تعيش وعائلتها في العاصمة الألمانية برلين، بعد فرارهم من وطنهم عام 2017، في أولمبياد ريو دي جانيرو، وعُينت سفيرة نوايا حسنة للمفوضية السامية، كما ألفت كتاباً حمل اسم «الفراشة»، روت فيه قصتها مع اللجوء، كما شارك أيضاً السباح السوري رامس أنيس الذي يعيش في بلجيكا.

اقرأ أيضاً.. «كورونا» يُصيب جسد الرياضة العربية (1-3).. 2020 الأسوأ في «مؤشر الإنجازات»
اقرأ أيضاً.. «كورونا» يُصيب جسد الرياضة العربية (3-3): مهنة «رياضي».. الملف المنسي!

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©