الإثنين 6 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: الاقتصاد العالمي في 2024

محمد كركوتي يكتب: الاقتصاد العالمي في 2024
21 نوفمبر 2023 00:58

لم تكن حالة الاقتصاد العالمي جيدة في العام الجاري، بما يكفي لنزع المخاوف من شبح الركود. التباطؤ كان السمة السائدة في الأشهر الماضية، والتقلبات هي أيضاً كانت حاضرة على الساحة الدولية عموماً، خصوصاً في ظل تراجع النمو في اقتصادات كانت تعد محركاً للنمو العالمي ككل (الصين والهند وغيرهما). ولا شك في أن المصاعب التي جلبتها الموجة التضخمية، والنزاعات الجيوسياسية، والمعارك التجارية التي لم تتوقف خصوصاً بين اقتصادات مؤثرة على الساحة، كلها عوامل أبقت مؤشرات النمو للعام الحالي في حدود 3%. وهذه النسبة يمكن اعتبارها جيدة لأنها سُجلت في مرحلة من التباطؤ المقلق. إلا أن المسألة الآن باتت تتعلق بمسار النمو في العام المقبل، الذي سيكون بمثابة مؤشر حقيقي لأداء الاقتصاد العالمي فيما تبقى من العقد الحالي. 
 التوقعات بشأن النمو في 2024 لا تزال متفاوتة، ولكنها ليست متباعدة كثيراً. واللافت أن الجهات الدولية المختصة لا تخفي تفاؤلها بسنة يتكرس فيها التعافي المطلوب، بالرغم من استمرار المؤثرات السلبية وانتقالها إلى العام الجديد. ويرى صندوق النقد الدولي أن نسبة النمو في العام المقبل لن تتعدى 2.9%، أي أنه خفضها ولو بصورة طفيفة عن مستواها في العام الحالي. ورغم أن حالة التفاؤل ليست شاملة، إلا أن المؤشرات لن تكون سيئة كما كانت في العامين الماضيين على الأقل. فبنك الاستثمار الأميركي المعروف «جولدمان ساكس»، يتوقع نمو الناتج المحلي الإجمالي العالمي بنسبة 2.6%، وهي أقل من تلك التي أطلقها «النقد الدولي»، في حين أظهر استطلاع لعدد من الاقتصاديين أجرته مؤسسة «بلومبورج» بأن هؤلاء يتوقعون نمواً لهذا الناتج بحدود 2.1%.
وفي كل الأحوال، لا يمكن تجاهل النمو القوي المتوقع في الدخل في العام المقبل، في ظل الآثار الإيجابية التي يتركها التراجع المستمر للتضخم حول العالم. والعامل الأخير يمثل المحور الرئيس لتعزيز النمو العالمي، لأن البنوك المركزية، وإن تركت الباب مفتوحاً أمام رفع الفائدة مجدداً، إلا أنها لن تجد أي مبرر لهذا الرفع، إذا ما تمكن المشرعون من السيطرة على أسعار المستهلكين. فالنمو تأثر بصورة خطيرة جداً في أعقاب سلسلة لم تتوقف من التشديد النقدي عالمياً، إلى درجة الفائدة في بعض البلدان ارتفعت من الصفر تقريباً إلى 6 و7%. ولا يمكن تجاهل أيضاً أن العرض والطلب صار أكثر توازناً على الساحة الدولية، مع بعض الثغرات التي بالإمكان سدها إذا ما كان الأداء جديداً في العام المقبل. 
لا شك في أن المشاكل الكبرى التي واجهها الاقتصاد العالمي تتراجع حدتها بصورة مستمرة، وهذا ما يرفع من واقعية حالة التفاؤل المتوقعة للناتج المحلي العالمي حتى في النصف الأول من السنة المقبلة. وإذا ما هدأت بعض بؤر التوترات الاقتصادية قليلاً، وحدثت انفراجات هنا وهناك، ستكون الانطلاقة صحية في عام سيرسم شكل الاقتصاد العالمي للمرحلة المقبلة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©