الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: سقف الدين.. المواجهة المكررة

محمد كركوتي يكتب: سقف الدين.. المواجهة المكررة
15 مايو 2023 01:53

الخلافات بين الحزبين الجمهوري والديمقراطي في الولايات المتحدة حول رفع سقف الدين في البلاد، تكاد تكون موسمية، أي أنها لا بد أن تحدث رغم أي اعتبارات. 
وهذا الأمر ليس غريباً إذا ما كان البيت الأبيض (بصرف النظر عن هوية من يشغله) غير قادر من خلال حزبه على تمرير الموازنة المحلية بشكل عام. فرغم أغلبية ضئيلة جداً للديمقراطيين في مجلس الشيوخ، فإنهم لا يستطيعون المصادقة على رفع سقف الدين، لأن التصويت على المسائل الاقتصادية لا يتم على أساس النصف زائد واحد، بل يحتاج للثلثين، ناهيك عن سيطرة الجمهوريين على مجلس النواب أصلاً. 
وبصرف النظر عن هذه الإجراءات غير المعقدة، من الصعب تصور أن الولايات المتحدة ستعجز عن السداد في الشهر المقبل. حتى إن الرئيس جو بايدن قال، لو تم ذلك، فالمشكلة لن تكون أميركية فقط بل عالمية أيضاً.
وهذا صحيح إذا ما أخذنا في الاعتبار حجم الديون الأجنبية المستحقة على الولايات المتحدة من خلال السندات الهائلة الحجم. فأموال المستثمرين الأجانب تشكل 33% تقريباً من إجمالي سقف الدين الذي يبلغ 31.4 تريليون دولار، ما يعني أن هناك أزمة حقيقية ستحدث إذا فشلت إدارة بايدن في الوصول إلى اتفاق مع الجمهوريين، الذين يطلقون المطالبات التقليدية أيضاً بضرورة أن يقدم البيت الأبيض موازنة عامة تتضمن تخفيضات في الإنفاق العام. 
ويضغط الرئيس السابق دونالد ترمب الذي يسيطر بقوة على الحزب الجمهوري ولا يزال الأوفر حظاً للترشح في الانتخابات الرئاسية المقبلة ضمن قوائم الحزب، يضغط من أجل الحصول على التخفيضات المطلوبة. إلا أن بايدن (وفريقه في وزارة الخزانة) يرفض بقوة هذا المطلب الذي يعده غير واقعي، وسط أزمة التضخم المسيطرة على الساحة.
من هنا ستتواصل المواجهة حتى آخر هذا الشهر. والديون في الولايات المتحدة ليست جديدة بالطبع على اقتصاد هذا البلد. فقد سجل متوسط الدين منذ العام 1940 وحتى 2022 أكثر من 65% إجمالي الناتج المحلي، وبلغ إجمالي الدين العام الماضي 129% منه.
باختصار يعد سقف الدين الأميركي رقماً قياسياً لجميع الديون الحكومية على مستوى العالم بالقيمة المطلقة. لا أمل أمام البيت الأبيض الآن، سوى مواصلة ما يمكن وصفه بـ «المناورة التشريعية»، الأمر الذي يسمح بالاستمرار في دفع الرواتب والفواتير ومستحقات الدائنين. لكن مثل هذا الأمر سيعمق الاضطراب على الساحة الاقتصادية بشكل عام.
المشكلة الكبيرة التي تواجه بايدن أيضاً، أن نسبة متصاعدة من النواب الجمهوريين في الكونجرس لن تصوت لرفع سقف الدين، ليس لأنها تطالب بخفض الإنفاق فقط، بل بإصلاحات شاملة وجوهرية في الموازنة العامة. ويبدو واضحاً أن الرئيس ليس مستعداً لذلك، خصوصاً في ظل دخول البلاد بصورة أو بأخرى أجواء الانتخابات الرئاسية، التي تتطلب في النهاية الإبقاء على وتيرة الإنفاق بالنسبة لساكن البيت الأبيض.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©