الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: المياه.. المشكلة متفاعلة

محمد كركوتي يكتب: المياه.. المشكلة متفاعلة
27 مارس 2023 02:04

تتعاظم المخاطر على صعيد توفير المياه الصالحة للشرب حول العالم، مع الضغوط الناجمة عن ازدياد عدد سكان الأرض، وبالطبع غياب الثقافة المعيشية اللازمة في مناطق تحتاج بالفعل لها، ناهيك عن التحولات المناخية التي صارت جزءاً أصيلاً من المشهد العام، بالإضافة إلى تراجع منسوب المياه العذبة حتى في البلدان التي تتمتع بوفرة فيها. 
كما أن تراجع الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي، ساهم أيضاً في رفع مخاطر ندرة المياه. ويؤكد المختصون أن الوضع الراهن للإمدادات المائية يتطلب مضاعفة الاستثمار فيها ثلاث مرات على الأقل. 
البعض يعتقد، أن تفاقم المشكلة ربما سيكون سبباً رئيسياً لنشوب حروب في المستقبل، خصوصاً بين الأطراف التي تواجه خلافات طويلة الأمد بسببها.
الأسباب متعددة، من بينها أيضاً عدم الاهتمام العالمي حقاً بما يكفي لمواجهة الآثار المترتبة على ندرة المياه. 
وتكفي الإشارة هنا، إلى أن مؤتمراً كبيراً عقد في نيويورك الأسبوع الماضي لمناقشة الأوضاع المائية على الساحة العالمية، كان الأول من نوعه منذ ما يقرب من نصف قرن. أي أنه على مدى خمسين عاماً لم تكن هناك فعاليات ولا تحركات توازي المخاطر التي يحذر منها المختصون حول العالم. 
صحيح أن المياه تغطي 70% من مساحة الأرض، لكن الصحيح أيضاً، أن المياه العذبة لا تمثل سوى 2.5% منها، في ظل تراجع عمليات استخراج المياه الجوفية، بالإضافة إلى نقطة مهمة للغاية، وهي تعرض بعض مصادر المياه للتلوث، في مناطق تفتقر إلى التوجيه المطلوب بهذا الخصوص. 
واللافت أيضاً، أن الاستخدام المتزايد للمياه في الزراعة، لا يخضع في بعض المناطق إلى الترشيد اللازم، مع ارتفاع الطلب العالمي على الإنتاج الزراعي.
كل هذه العوامل والمعطيات، تجمعت في المؤتمر العالمي المشار إليه الذي طالب (كما كانت متوقعاً) باتخاذ إجراءات سريعة وأساسية لمعالجة المشاكل التي تحيق بأهم المصادر الطبيعية للحياة. وإذا لم يتم ذلك، فإن ما بين 40 و50% من سكان كوكبنا، سيعانون نقصاً في خدمات الصرف الصحي، وما بين 20 و25% منهم سيواجهون شحاً متزايداً للمياه الصالحة للشرب. وفيما يرتبط بالآثار السلبية على خدمات الصرف الصحي، فهناك مخاطر جمة ستنتج في مجال الصحة العامة، بما في ذلك انتشار الأمراض والأوبئة وفيروسات جديدة. بمعنى آخر، ستكون هناك مصيبة صحية لا يمكن الاستهانة بها. 
بالطبع هناك حلول مطروحة، وكلها تبدأ بالتوجيه في استهلاك المياه، وتوفير الآليات الزراعية للدول الفقيرة وتلك التي توصف بالأشد فقراً، بحيث تضمن استهلاكاً مثالياً للمياه بشكل عام، إلى جانب رفع زخم الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي الذي يوفر بالمناسبة عوائد مالية كبيرة على أصحاب رؤوس الأموال.
 إنها مهمة عالمية لا يمكن أن تحقق أهدافها من دون تعاون يُبنى على صيانة مستقبل البشرية في أهم مصادر حياتها. وهذا التعاون بحد ذاته، يمكن أن يكون أساساً لعلاقات دولية أكثر استدامة، وأكبر من ناحية المصالح المشتركة لكل الأطراف.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©