الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: الملاذات الآمنة تنشط

محمد كركوتي يكتب: الملاذات الآمنة تنشط
20 مارس 2023 00:52

في الأزمات الاقتصادية والمالية عموماً، يتتبع أصحاب رؤوس الأموال مسارات الملاذات الآمنة، لكي يحافظوا على أكبر قدر من المكاسب، ويوفروا الحماية لأموالهم، خصوصاً إذا ما كانت الأوضاع متقلبة، مشوبة بحالة طويلة من عدم اليقين. 
هذا ما حدث في الأيام الماضية، عندما شهدت الأسواق إقبالاً كبيراً على الدولار الأميركي والين الياباني. المخاوف من أزمة مصرفية واسعة، دفعت المستثمرين نحو هاتين العملتين، بينما ينتظر العالم خلال الأيام المقبلة قرار المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي «البنك المركزي» برفع الفائدة، ومن المتوقع أن يزيدها ربع نقطة مئوية، ما يعزز قوة الجذب نحو العملة الأميركية. 
هذا التدفق الاستثماري، أتى بقوة في أعقاب تعثر بنك «كريدي سويس» الذي طلب العون من بنك سويسرا، وذلك بعد أيام قليلة من انهيار بنك «سيلكون فالي» الأميركي، ومشاكل بنك «سيلفرجيت»، وبعدهما «فرست ريبابليك» في الولايات المتحدة.
أسهم المصارف هوت بالفعل، وهذا أمر طبيعي عندما يتعرض القطاع المصرفي لهزة كهذه التي لا تزال على الساحة. فهذا القطاع على وجه الخصوص، يعتمد على ما يمكن تسميته بـ «لعبة الثقة»، وهذه الأخيرة تضعضعت في الأيام الماضية، بالرغم من التدخل السريع للمشرعين الأميركيين، لحماية أموال المودعين. 
الرئيس الأميركي جو بايدن كان واضحاً، لن تُدفع تعويضات للمستثمرين الذي اختاروا بإرادتهم ضخ أموالهم في البنك المتعثر، ولكن سيحظى المودعون بكامل التعويضات، وبإمكانهم سحب ودائعهم في أي لحظة. وأياً كانت الوضعية الراهنة لعدد من المصارف المتعثرة، لا توجد مؤشرات واقعية على أنها قد تسبب «العدوى» للنظام المصرفي العالمي ككل، لأسباب عديدة، في مقدمتها، أن هذه البنوك ليست كبيرة الحجم.
ومع ذلك، فإن المستثمرين في أسهم المصارف، دخلوا بالفعل مرحلة من القلق، ما دفع نسبة متصاعدة منهم إلى تحويل استثماراتهم نحو العملات القوية وعلى رأسها الدولار الذي بلغ آفاقاً عالية، مع الرفع التدريجي للفائدة عليه والتي وصلت إلى 4.5% ومن المتوقع أن ترتفع إلى ما فوق 5% في المراجعات المقبلة لـ «الفيدرالي الأميركي». 
والحق، أن التدفقات على الأسهم المصرفية تراجعت بصورة ملحوظة منذ بداية العام الماضي، أي أن الأمر لا يتعلق فقط بأزمة تعصف بعدد محدود جداً من البنوك في الوقت الراهن. ولكن في النهاية، لا يمكن التقليل من الآثار التي تركتها هذه «العواصف» على الساحة المصرفية العالمية عموماً، ولاسيما في ظل ضبابية تزداد انتشاراً. 
وعلى هذا الأساس، لن تعود أسهم المصارف في الأسواق العالمية إلى ما كانت عليه في وقت قريب، فضلاً عن أن الذي مرت به البنوك المتعثرة الأميركية ومعها البنك السويسري، دفع المشرعين مرة أخرى للعمل على تشديد آخر للوائح الرقابية على الأداء المصرفي العام، خصوصاً بعد أن تم وضع قيود صارمة بالفعل على القطاع المصرفي في أعقاب الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت في عام 2008، وكان سببها الرئيس القروض غير المضمونة، مع التسيب المالي للبنوك من كل الأحجام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©