الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

تعميق أسواق رؤوس الأموال أصبح مفتاحاً لدفع عجلة النمو

تعميق أسواق رؤوس الأموال أصبح مفتاحاً لدفع عجلة النمو
7 فبراير 2023 02:38

سعيد حمد الظاهري*

لا شك في أن أبوظبي كانت تسعى بثباتٍ نحو تعزيز مكانتها في قطاع الأسواق المالية خلال السنوات الأخيرة الماضية. وقد ساهم ما حققته من تحولٍ اقتصاديٍ سريعٍ في تسليط الأضواء عليها، لا سيما كون هذا التحول يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنمو دولتنا - هذا النمو الذي استقطب اهتمام الهيئات المؤسسية الفاعلة والأوساط الاستثمارية في مختلف أنحاء العالم. 
حيث تعمل أسواق رؤوس الأموال في منطقتنا بطريقة معاكسةٍ للتوجهات الاقتصادية للأسواق الدولية التي تبني تحركاتها على مبدأ انتظار الركود الاقتصادي وتوقعه، الأمر الذي ساهم في تبوّء سوق أبوظبي للأوراق المالية الصدارة ضمن قائمة الأسواق الأفضل أداءً في دول مجلس التعاون الخليجي لعامين متتاليين. واليوم، رسالتنا هي البناء على النجاحات التي حققناها خلال العام المنصرم، ومواصلة السعي نحو تحقيق عام واعدٍ ومزدهر جديد. 
وخلال العقود الخمسة الماضية في معظمها - وهو أمرٌ شائعٌ بالنسبة للأسواق التي وصلت إلى هذه المرحلة من النضج - شكّل النظام المصرفي المحلي القناة الرئيسية لرأس المال، حيث حقق الاقتصاد الإماراتي اتساعاً وتنوعاً منتظماً. ومع تسارع وتيرة النمو الاقتصادي الناجم عن اتباع رؤى قيادتنا الرشيدة وخططها التنموية الطموحة، أصبح وجود أسواق رؤوس الأموال التي تتبع معايير عالمية المستوى ضرورياً لتزويد الشركات المستحقة بمصادر رؤوس أموالٍ بديلة، وذلك بهدف دعم مطامح النمو وتعزيزها. 
إلّا أنَّ إنشاء سوقٍ للأوراق المالية لا يعد كافياً لتعزيز تدفق رؤوس الأموال، وخاصةً بالنسبة للأسواق الناشئة التي عادةً ما تواجه تحدياتٍ نمطيةٍ تتعلق بتوافر رؤوس الأموال، وتنوعها، وعملية تحديد أسعارها. فهنالك عددٌ من العوامل التي لا بد من اجتماعها لتتمكن الأسواق من العمل بشكل جيد، ومنها على سبيل المثال لا الحصر، وجود قاعدة عملاءٍ واسعةٍ وعميقة، وتوفر السيولة، والانخراط في الأسواق العالمية، وقيام جهات الإصدار بالمشاركة بصورةٍ كافية تتسم بالتنوع، وتطوير أصول مرجعية جديرةٍ بالثقة على هيئة سوق أوراق مالية قائم على تسييل الدين العام. وبدعمٍ من صناع السياسات والشركاء، تمكن سوق أبوظبي للأوراق المالية من اتخاذ خطواتٍ مهمة في سبيل معالجة هذه العوامل ليسطع نجمه بين نظرائه، والحقائق هي خير شاهدٍ على ذلك. 
ففي عام 2022، ارتفع صافي الاستثمار الأجنبي في سوق أبوظبي للأوراق المالية بنسبة 54% مقارنةً بالعام السابق لتصل قيمته إلى 24 مليار درهم، وذلك بفضل العوامل التنظيمية المساندة كرفع نسب التملك الأجنبي في أسهم الشركات المدرجة، ومن ناحيةٍ أخرى، تنامت أعداد المستثمرين المؤسسيين الجدد المسجلين في سوق الأوراق المالية بنسبة 12%، الأمر الذي يشير إلى الثقة التي تتمتع بها أسواق رؤوس الأموال في الإمارة، فضلًا عن رغبة دول العالم بالاطلاع على اقتصاد أبوظبي النابض بالحياة عبر سوق أبوظبي للأوراق المالية. وبالإضافة إلى ما سبق، فقد تنامت السيولة بشكل كبير، وذلك بفضل توافر بيئةٍ صحيةٍ من صناع الأسواق والمستثمرين، إذ ازدادت قيمة التداول العام الماضي بنسبة 21.9% نتيجة تنامي القيمة السوقية إلى ما يفوق 2.6 تريليون درهم.
وعلى الرغم من أن تعميق أسواق رؤوس الأموال يُعد رمزاً للنمو الاقتصادي، إلا أن الأهم من ذلك هو كون الاهتمام المتزايد بأسواق الأسهم وأسواق الدين الرأسمالي في أبوظبي يدل على أنه قد بات عاملاً أساسياً لدفع عجلة النمو الاقتصادي المحلي. 
وعلى مدار العامين المنصرمين، شهد سوق أبوظبي للأوراق المالية إدراج أكثر من 40 ورقة مالية جديدة تنوعت بين الأسهم، صناديق الاستثمار المتداولة و أدوات الدين. توزعت هذه الأوراق المالية ضمن مختلف القطاعات، القائمة منها والجديدة، وعمل السوق على تعزيز مكانة اقتصاد أبوظبي في الأسواق المالية، ويذكر من هذه القطاعات ما يلي: الرعاية الصحية وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والمرافق والبتروكيماويات للمواد الأساسية والتكنولوجيا والبنى التحتية والخدمات اللوجستية. ويتخذ هذا العام مساراً قوياً يتمثل بوجود المزيد من الشركات المدرجة والتي تعود ملكيتها للدولة إلى جانب المؤسسات الضخمة.أما صندوق أبوظبي للاكتتاب وقيمته 5 مليارات درهم، فيعمل أصلاً على دعم إدراج الشركات الخاصة دعماً فاعلاً، ومن جانبٍ آخر، تمت إعادة إطلاق «سوق نمو» التابع لسوق أبوظبي للأوراق المالية بهدف استقطاب الشركات الصغيرة والمتوسطة ذات النمو السريع، والتي ترغب بتنفيذ أهدافها الطموحة بسهولة عبر قناةٍ موثوقةٍ تتيح لها الاستفادة من الأسواق الإقليمية والعالمية.
ويقف خلف هذه التطورات، مجموعة منتجات وخدمات سوق أبوظبي للأوراق المالية دائمة التطور، ومنها إطلاق سوق المشتقات المالية ذات السيولة العالية في عام 2021، وإنشاء أول أطر عمل شركات الاستحواذ والاندماج في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومضاعفة الصناديق المتداولة في الأسواق المالية.
إن سوق أبوظبي للأوراق المالية بصدد التعاون مع العديد من الجهات بهدف تعزيز مدى فعالية السوق وسهولة الوصول إليه، ابتداءً من الشراكة التكنولوجية التي قمنا بعقدها مع نظام تحديد الأسعار المؤتمت التابع للمؤسسة القومية لوسطاء الأوراق المالية «ناسداك»، وحتى قيامنا بالتعاون مع «فوتسي راسل» لتطوير مؤشرات مشتركة تحمل اسمينا. ويعد إطلاقنا «تبادل» أحد أكثر مبادراتنا التعاونية طموحاً حتى اليوم، ويشكّل حلقة وصلٍ ما بين الأسواق المالية الإقليمية، بدءاً من سوق أبوظبي للأوراق المالية وحتى بورصة البحرين وبورصة مسقط، ويهدف إلى توسيع مدى وصول المستثمرين وتعزيز الخيارات المتاحة أمامهم. 
نتوقع لاقتصاد أبوظبي عاماً مشرقاً، حيث تعمل أسواق رؤوس الأموال المحلية لدينا على توفير منصةٍ مستقرةٍ للشركات بعيدة النظر بما يتيح لها الازدهار والمساهمة في تنمية اقتصادنا، وكذلك للمستثمرين بما يتيح لهم أن يشاركوا في هذه الرحلة المثيرة. ومع توجه أنظار العالم نحو دولة الإمارات قبل انطلاق مؤتمر الأطراف بشأن التغير المناخي «كوب 28»، بات الوقت مناسباً للتركيز على استقطاب الاستثمارات وتعزيز الثقة وتسليط الضوء على الدور الهام الذي تلعبه أسواق رؤوس الأموال في دفع عجلة النمو في أنحاء المنطقة كافة.

* العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لسوق أبوظبي للأوراق المالية (ADX)

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©