السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مشاركون في فعاليات القمة العالمية لطاقة المستقبل: دور محوري للإمارات في اقتصاد الهيدروجين الأخضر

سهيل المزروعي يتحدث في قمة الهيدروجين الأخضر (الاتحاد)
19 يناير 2023 01:42

حسام عبدالنبي (أبوظبي) 

أكد مشاركون في القمة العالمية لطاقة المستقبل، أن الإمارات تتطلع إلى القيام بدور محوري في اقتصاد الهيدروجين الأخضر الذي يشهد نمواً متسارعاً، وقالوا، إن توقيع شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» عدداً من اتفاقيات التعاون والشراكات مع شركات أخرى ناشطة في مجال الهيدروجين الأخضر سيسهم في ترسيخ مكانة أبوظبي مركزاً رئيسياً لتطوير هذا المجال الحيوي، لافتين إلى أن قمة الهيدروجين الأخضر التي تنظمها «مصدر» استعرضت إنجازات أبوظبي الحالية وطموحاتها في التحول إلى مركز عالمي للابتكار والاستثمار في الهيدروجين الأخضر.

وأطلقت القمة العالمية لطاقة المستقبل 2023، مركز ابتكارات الهيدروجين الأخضر الأول من نوعه، والذي يستعرض حلولاً مبتكرة لتسريع الاعتماد على الهيدروجين، ودعم تحول قطاع الطاقة على مستوى المنطقة والعالم. ويجمع المركز بين التقنيات الرئيسية اللازمة لإنتاج الهيدروجين الأخضر ونقله وتخزينه واستخدامه. ويستعرض أيضاً إمكانات الهيدروجين الأخضر والابتكارات اللازمة لتطويره في ثمانية قطاعات رئيسية، تشمل تقنيات التحليل الكهربائي والتحويل، وحلول النقل، والتنقل عديم الانبعاثات، وخفض الانبعاثات الكربونية في عمليات الإنتاج الصناعي، واستهلاك الطاقة في المباني، إضافة إلى تخزين الهيدروجين على نطاق واسع والتقاط الكربون واستخدامه وتخزينه وتقنيات تحويل النفايات إلى هيدروجين وبعدها إلى أمونيا.ويجمع المركز باقة متنوعة من المبتكرين من جنوب أفريقيا وأستراليا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة وإسبانيا، لعرض حلول تتناول استخدامات الهيدروجين الأخضر وطرق تمويله وإنتاجه، وغيرها من الاستشارات ذات الصلة.

الهيدروجين الأخضر
وإلى ذلك، عرضت منصة هيئة كهرباء ومياه دبي في القمة العالمية لطاقة المستقبل مشروع الهيدروجين الأخضر، الذي نفذته «الهيئة» بالتعاون مع «إكسبو 2020 دبي»، وشركة سيمنس للطاقة في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية، ويُعد الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإنتاج الهيدروجين باستخدام الطاقة الشمسية، وقد تم تصميم وبناء المحطة التجريبية، التي تبلغ مساحتها نحو 10 آلاف متر مربع، بحيث تكون قادرة على استيعاب التطبيقات المستقبلية ومنصات اختبار الاستخدامات المختلفة للهيدروجين، بما في ذلك إنتاج الطاقة والتنقل. ويتم إنتاج الهيدروجين الأخضر، الذي يعتبره البعض وقود المستقبل، عن طريق التحليل الكهربائي باستخدام مصادر الطاقة المتجددة. 
وتسمح هذه التقنية بتخزين كميات كبيرة من الطاقة لفترات طويلة، ويمكن استخدام الهيدروجين لإنتاج الطاقة من خلال المحركات والتوربينات الغازية وخلايا الوقود، كما يمكن الاستفادة منه كمادة وسيطة للصناعات الكيماوية «مثل الأمونيا والوقود الصناعي وغيرها»، وكوقود لوسائل النقل، وكعامل خافض في صناعات الصلب، ولإنتاج الحرارة اللازمة للعمليات الصناعية، إضافة إلى إمكانية الاستفادة منه لأغراض التدفئة والطهي في المنازل، وكذلك كطاقة يمكن تصديرها. 
وفي مشروع رئيسي آخر، وقعت مجموعة «اينوك»، في وقت سابق اتفاقية مع شركة الصناعات الثقيلة اليابانية IHI بهدف إنشاء وحدة تصنيع هي الأولى من نوعها للأمونيا الخضراء التي تعتبر أحد أبرز حلول الوقود الخالي من انبعاثات الكربون ذات الجدوى الاقتصادية العالية من حيث فعاليتها العملية وتكلفتها المنخفضة وسهولة التعامل معها، فضلاً عن كونها تنتج الهيدروجين بمعدلات كثافة مرتفعة.

مستهدفات الإنتاج
وأعلنت شركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» مؤخراً، عن هيكليتها الجديدة التي شملت إطلاق أعمال الشركة في مجال الهيدروجين الأخضر، لتصبح بذلك واحدة من أكبر الشركات العالمية في مجال الطاقة النظيفة، مع توقعات بأن تصل القدرة الإجمالية لمشاريعها إلى 100 جيجاواط من الطاقة المتجددة وإنتاج مليون طن سنوياً من الهيدروجين الأخضر بحلول عام 2030.
وتنشط «مصدر» في أكثر من 40 دولة حول العالم، وتستثمر في محفظة من مشاريع الطاقة المتجددة بقيمة إجمالية تزيد عن 20 مليار دولار أميركي منذ عام 2006، حيث تبلغ حصة «مصدر» في هذه الاستثمارات 8.7 مليارات دولار.
 ووقعت «مصدر»، اتفاقيات مع شركة النفط الوطنية في أذربيجان «سوكار» لتطوير مشاريع في مجالات الطاقة الشمسية الكهروضوئية وطاقة الرياح البرية، ومشاريع متكاملة لطاقة الرياح البحرية والهيدروجين الأخضر، بقدرة إجمالية تبلغ 4 جيجاواط. ووقعت «مصدر» كذلك مذكرة تفاهم مع شركة «جيرا» اليابانية بشأن التعاون في مجال الهيدروجين الأخضر والطاقة المتجددة في الأسواق ذات الاهتمام المشترك، وذلك في إطار الشراكة الاستراتيجية الشاملة بين البلدين والتي تم توقيعها في سبتمبر 2022. 
وأعلنت «مصدر»، وائتلاف شركائها «انفنيتي باور القابضة»، وشركة «حسن علام للمرافق»، عن توقيع اتفاقية إطارية مع جهات حكومية في جمهورية مصر العربية لتطوير مشروع للهيدروجين الأخضر بقدرة 2 جيجاواط ضمن المنطقة الاقتصادية لقناة السويس، وذلك كمرحلة أولى من برنامج إنتاج 4 جيجاواط من هذا المورد الحيوي. ويسعى الائتلاف لإنتاج ما يصل إلى 480 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً، من خلال محللات كهربائية بقدرة 4 جيجاواط بحلول عام 2030. ومن المخطط أن تدخل أول محطة حيز التشغيل بحلول عام 2026.

ريادة السوق
ومن جهتها، قالت لين السباعي، رئيسة القمة العالمية لطاقة المستقبل، إن دولة الإمارات والدول التي تعاني شح المياه، تخطط لريادة السوق في مجال تصنيع الهيدروجين وتوريده، غير أنها ستكون مضطرة لإيجاد حلول تضمن انسجام هذه الطموحات مع استراتيجياتها للأمن الغذائي والمائي، لا سيما من حيث معدلات استهلاك المياه، معلنة أن منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا تشهد حالياً حوالي 46 مشروعاً لإنتاج الهيدروجين الأخضر، إلى جانب تعهدات بتنفيذ 40 استثماراً تزيد قيمتها على 20 مليار دولار أميركي بحلول عام 2030. 
وأوضحت السباعي، أن أهمية الهيدروجين الأخضر بالنسبة لمصادر الطاقة الإقليمية، تبرز اليوم أكثر من أي وقت مضى، حيث أثمر مؤتمر الأطراف (كوب 27) عن توقيع العديد من الاتفاقيات الجديدة لدعم إمكانات الهيدروجين الأخضر، بما فيها شراكة لتطوير مشروع هيدروجين أخضر في مصر بقدرة إنتاجية تصل إلى 220 ألف طن من الهيدروجين الأخضر سنوياً، فضلاً عن نجاح دول مثل تشيلي في تأمين تمويل بملايين الدولارات لتعزيز إمكاناتها في إنتاج الهيدروجين الأخضر، مؤكدة وجود قدر كبير من الفرص المتاحة في قطاع الهيدروجين الأخضر على المستوى الإقليمي والعالمي.

استخدامات متعددة
من جانبه، أفاد ستيفان جوبيرت، نائب الرئيس الأول لقسم الهيدروجين لدى شركة «إنجي»، بأن لدى الإمارات فرصة للتطلع إلى تحقيق الريادة في مستوى الإنتاج واسع النطاق للهيدروجين المتجدد من خلال استكشاف الإمكانات الهائلة التي يزخر بها القطاع وفهمها. وقال إن انخفاض تكاليف الهيدروجين الأخضر يتيح الفرصة لتوسيع نطاق استخداماته ضمن مزيد من التطبيقات الجديدة، لا سيما الشاحنات الثقيلة وتوليد الكهرباء خارج الشبكات الرئيسية، وغيرها من التطبيقات في القطاعات الأخرى كالتعدين مثلاً. وأضاف أن نطاق هذه التطبيقات سيتسع مستقبلاً وصولاً إلى التدفئة المنزلية والصناعية ومحطات توليد الكهرباء الثابتة وتطبيقات تخزين الكهرباء طويل الأمد، منبهاً إلى أن الجدوى التجارية لهذه التطبيقات تعتمد على الآفاق طويلة الأمد للتكاليف والعلاقة التفاعلية بين حجم السوق واللوائح التنظيمية والالتزامات الطوعية بالحياد المناخي، وغيرها من العوامل المحركة لمساعي إزالة الكربون.

مركز رئيسي
وبدورها توقعت دينيزا فاينيس، الأمينة العامة لجمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية، أن تنتج منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا نسبة تصل إلى 20% من إنتاج الهيدروجين الأخضر عالمياً، في ظل الإمكانيات الإنتاجية والتي يمكنها أن تحول المنطقة إلى مركز رئيسي لسلاسل التوريد بفضل موقعها الجغرافي المتميز بين قارتي آسيا وأوروبا. وقالت إنه من المرجح أيضاً أن تتحول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا إلى ثاني أكبر سوق للمحللات الكهربائية في العالم بحلول 2040، بفضل مشاريع إنتاج الهيدروجين الأخضر المستدام من الطاقة الشمسية، مشيرة إلى أن جمعية الشرق الأوسط لصناعات الطاقة الشمسية تتوقع تأسيس مصانع إنتاج الهيدروجين الأخضر في عدد من دول المنطقة، وفي مقدمتها الإمارات ومصر والمغرب وسلطنة عُمان والسعودية.

التصدير إلى السوق الأوروبية
خلال توقيع «مصدر»، اتفاقية مع كل «ميناء أمستردام» و«سكاي ان آر جي»، و«ايفوس أمستردام» و«زينيث انرجي»، لاستكشاف سبل تطوير سلسلة توريد الهيدروجين الأخضر بين أبوظبي وأمستردام لدعم احتياجات السوق الهولندية والأوروبية، صرح معالي فوبكه هوكسترا، وزير الخارجية بمملكة هولندا، بأن هولندا تحرص على تعزيز علاقات الشراكة مع الدول الرئيسية المصدّرة للهيدروجين الأخضر في المستقبل، مثل دولة الإمارات العربية المتحدة. وقال إنه بموجب الاتفاقية، ستتعاون جميع الأطراف لتطوير سلسلة توريد للهيدروجين الأخضر، مع التركيز على الإنتاج في أبوظبي والتصدير إلى هولندا عبر ميناء أمستردام. وأشار إلى أنه سيتم تسليم الهيدروجين الأخضر المُصدَر إلى القطاعات الأوروبية الرئيسية والتي تشمل، وقود الطيران المستدام، وصناعة الحديد، وتوفير الوقود لسفن الشحن البحري، كما سيتم نقله إلى الشركات الأوروبية الجديدة والناشئة المشترية للطاقة عبر خطوط الأنابيب والشاحنات والبارجات، منوهاً بأن الأطراف ستعمل على استكشاف عدد من الطرق لنقل الهيدروجين الأخضر، مع التركيز على حاملات الهيدروجين العضوي السائل والهيدروجين السائل.

سهيل المزروعي: 10 أهداف استراتيجية لوقود المستقبل
قال معالي سهيل بن محمد المزروعي، وزير الطاقة والبنية التحتية، خلال فعاليات «قمة الهيدروجين الأخضر»: «إن للهيدروجين إمكانات واعدة في أن يصبح وقوداً خالياً من الكربون، ويمثل فرصة حقيقية لتسريع التحول في قطاع الطاقة، وإنه من خلال العمل المشترك وتكثيف التعاون إقليمياً ودولياً والمواءمة بين العرض والطلب، يمكن تحويل التحديات إلى فرص، وتطوير اقتصاد الهيدروجين، بما يسهم في تحقيق المنفعة لدولة الإمارات وسوق الطاقة العالمي».
وأضاف معاليه: «إن المرحلة الحالية والمقبلة تتطلب تكثيف جهود حكومات العالم لتطوير الخطط والاستراتيجيات المستقبلية المرتبطة بالهيدروجين، لتسريع التحول العالمي في قطاع الطاقة وزيادة التركيز على مصادره النظيفة والمتجددة، لا سيما الهيدروجين»، وإن الإمارات تسعى بقوة إلى جعل الهيدروجين مصدراً عالمياً موثوق للطاقة، وأن تكون منتجاً تقليدياً له، كما تمتلك الموارد الطبيعية والتكنولوجية التي تدعم التوجه المستقبلي للدولة القائم على استغلال مصادر هذا الغاز للحصول على الطاقة، حيث تُعد السوق الأسرع نمواً لمصادر الطاقة النظيفة والمتجددة على مستوى المنطقة.
وأوضح معاليه أنه من منطلق إدراك الإمارات بالإمكانات الواعدة التي يوفرها الهيدروجين كمصدر جديد للطاقة منخفضة الكربون، حددت 10 أهداف استراتيجية من شأنها تمكين الهيدروجين كمصدر موثوق لطاقة المستقبل، تتمثل في تحديد الأهداف والسياسات لزيادة الطلب على الهيدروجين النظيف، والاستثمار في البحث والتطوير لتعزيز التكنولوجيا، وخفض تكلفة إنتاجه وتخزينه، وإنشاء الأطر التنظيمية التي ستدعم تطوير وتوسيع نطاقه وبنيته التحتية، مثل قوانين البناء ومعايير محطات الوقود الخاصة به وتحسين الموارد وكفاءة الاستثمار، إضافة إلى تعزيز التعاون الدولي، وتسهيل الطلب المستقبلي والوصول إلى الأسواق، وبناء الأطر التنظيمية وتمكين البنية التحتية عبر سلسلة القيمة لتقديم الهيدروجين للمستخدمين النهائيين، وسد الفجوة بين الابتكار التكنولوجي والاستعداد التكنولوجي، إلى جانب معالجة أوجه عدم اليقين بشأن مصادر ومعايير الطاقة، الأمر الذي يساهم في الحصول على مصدر للطاقة والتكنولوجيا مستدام وبأسعار معقولة.
وأضاف معاليه: «تعمل الدولة على إطلاق المشاريع والمبادرات الاستراتيجية النوعية الداعمة لمستهدفات التحول نحو الطاقة النظيفة، لا سيما الهيدروجين، والتي بدورها ستسهم في خفض البصمة الكربونية، وأبرزها الاستراتيجية الوطنية للطاقة 2050، التي تستهدف الوزارة تطويرها، لتواكب مستهدفات الدولة».

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©