الأربعاء 8 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

حان وقت وضع الشباب على جدول أعمال المناخ

حان وقت وضع الشباب على جدول أعمال المناخ
8 يناير 2023 01:04

د. نوال الحوسني * 

طُلب مني مؤخراً كتابة مقدمة لكتاب أطفال شهير يناقش قضايا التغير المناخي والطاقة والحفاظ على الموارد ويتوجه لطلاب المدارس الابتدائية. 
وبالنسبة لي، أعتبر التفاعل مع الشباب حول قضايا المناخ والاستدامة والبيئة أمراً بالغ الأهمية. لذا، بادرت لقبول الدعوة بسرور ودون تردد.
وخلال التفكير في محتوى ما سأكتبه والأسلوب الذي من خلاله سأتناول أهمية الطاقة المتجددة بأسلوب يفهمه أطفال تتراوح أعمارهم بين 7 و12 عاماً، تبيّن لي أن عملية التفكير تلك تبتعد كثيراً عن التيار السائد للتفكير حول التحول في مجال الطاقة والنقاشات المناخية.
ففي الواقع، كم مرة فكرنا في العمل المناخي من منظور طفل يبلغ من العمر 7 سنوات، وقد يكون اليوم على مقاعد الدراسة يسعى للحصول على شهادة في إحدى مجالات العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات بعد عشر سنوات؟ كم مرة صممنا جدول أعمال قمة المناخ (COP) لتشمل الشباب البالغ سنهم 15 عاماً الذين يرون العالم دون التعقيدات الروتينية التي كثيراً ما تعترض طريق التقدم؟ كم عدد السياسات التي صُممت بإسهامات من طلاب البكالوريوس أو الدراسات العليا الذين كرّسوا سنوات نشأتهم للتعلم من أحدث الأبحاث الأكاديمية في مجالات الطاقة والمناخ والاستدامة؟
الإجابة ببساطة: لم نفعل ما يلزم على هذا الصعيد.
لقد همّشت الاجتماعات العالمية الرفيعة حول المناخ، لأكثر من ثلاثة عقود، رؤى الشباب، ورغم ذلك، لم تنخفض الانبعاثات، بل تفاقمت. ولم تتراجع أعداد النازحين بسبب الظواهر المناخية القاسية، بل ازدادت. ولم تنحسر الحاجة الماسة للعمل المناخي، بل تصاعدت.
حان وقت تغيير ذلك التوجه. حان وقت إيجاد سبل جديدة للاستفادة من الفكر الإبداعي الفطري لشبابنا والتفاعل معهم حول القرارات التي ستشكل في النهاية ملامح العالم الذي سيرثونه.
ثلث سكان العالم حالياً هم دون سن العشرين عاماً. وتتراوح أعمار 1.2 مليار شخص بين 15 و24 عاماً، أي ضمن الفئة العمرية التي تعرّفها الأمم المتحدة باسم «الشباب»، وتمثّل وحدها 16 بالمئة من إجمالي سكان العالم. وبالتالي، فإن المدة الطويلة التي جرى خلالها إغفال رأي تلك النسبة الهائلة من البشر في القرارات والسياسات التي تُعتمد لحماية الكوكب الذي سيرثونه أمر صادم وقصير النظر.
ويتفاعل شباب اليوم حول موضوع التغير المناخي أكثر من أي وقت مضى. وبحسب أبحاث الأمم المتحدة، يعتبر الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً التغير المناخي حالة طوارئ عالمية. يرتفع هذا الرقم إلى 69 بالمئة بين من لم يبلغوا سن 18 عاماً.
ويتضح باستمرار أن العمل المناخي يتصدر جدول أعمال الشباب. لذا، حان وقت وضع الشباب على رأس جدول أعمال المناخ.
بالتزامن مع انعقاد الدورة الثالثة عشرة للجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا» وأسبوع أبوظبي للاستدامة وقمة المناخ COP28 في دولة الإمارات عام 2023، نمتلك فرصة للارتقاء بدور الشباب وإرساء سابقة بهدف الوصول إلى مستقبل مليء بالحوارات الشاملة للجميع حول المناخ والطاقة.
وبذلك المعنى، ستبني الإمارات و«آيرينا» على عقود من العمل التمهيدي الذي أسهم في التفاعل مع الشباب وتمكينهم عالمياً وإقليمياً ومحلياً، ومنحهم سبيلاً للتحول من رواد شباب إلى قادة وصانعي قرار في مجال المناخ.
سيعمل منتدى «آيرينا» الرابع للشباب، الذي يُقام يوم 13 يناير قبيل انعقاد الجمعية العامة لآيرينا بين يومي 14 و15 يناير، على ضمان مكان الجيل الجديد من صانعي القرار على طاولة النقاش مرة جديدة، وتعزيز شبكات الشباب وربطهم بقادة الفكر وممثلي الحكومات، وخبراء «آيرينا» العالميين.
سينشئ المنتدى مساحة للشباب تتيح لهم المساهمة في رسالة الوكالة المتمثلة في تسريع اعتماد الطاقة المتجددة لتحقيق الأهداف المناخية والارتقاء بأجندة التنمية المستدامة.
وبعد اختتام الجمعية العامة لـ«آيرينا»، سيشهد منتدى الشباب الرابع للاستدامة مشاركة الشباب بشكل أكبر من أي وقت مضى، مع حضور 20 رائداً شاباً في مجال الطاقة للفعالية، إضافة إلى 40 شاباً سيشاركون في جائزة زايد للاستدامة، وسيتوجهون إلى أبوظبي للمشاركة في أسبوع أبوظبي للاستدامة.
صُمم منتدى «آيرينا» للشباب وجائزة زايد للاستدامة لعرض الطرق الجديدة والمبتكرة التي يتعامل بها الشباب مع أكبر تحديات مجالي المناخ والطاقة، والتي ما كنا لنصل إليها لو لم نعمل بصورة استباقية على منحهم مكاناً على طاولة النقاش.
يشكّل التعليم جزءاً أساسياً من عملية إشراك المزيد من الشباب في تصميم حلول أكثر شمولية وتكاملية نحو مستقبل يمكننا فيه التكيف مع التغير المناخي، ويعد إطلاق شبكة التعليم حول انتقال الطاقة، التي أُعلن عنها خلال قمة COP27 في شرم الشيخ، آخر مثال على تعاوننا حول التفاعل مع الشباب.
يجب علينا وضع شبابنا في مقدمة فكرنا، في اجتماعنا وتواصلنا مع المجتمع الدولي خلال العام المقبل، حيث ستؤدي دولة الإمارات دوراً عالمياً مركزياً في دفع عجلة العمل المناخي وتحول الطاقة.
كما يجب علينا تذكير أنفسنا بأن استمرار التغير المناخي دون رادع ليس تهديداً للكوكب فحسب، بل هو تهديد لنا نحن ولأبنائنا وبناتنا وأحفادنا وحفيداتنا وأقربائنا والناس والإنسانية بشكل عام.. نحن الذين لن ننجو.
كيف يمكننا سرد تلك الرواية للأجيال المقبلة؟ وبحال لم نسرد تلك الرواية، كيف يمكننا تغيير النهاية؟
يجب علينا الانطلاق من إشراك وإدماج وجمع من سيتأثرون أكثر من غيرهم بالعواقب: شبابنا. من واجبنا تسليم الشعلة للشباب لمواصلة قصة الإنسانية، برواية يمكنهم كتابتها بأنفسهم، مع إتاحة كل مسارات العمل الممكنة لهم.


* المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©