الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

المستقبل يبدأ اليوم: كيف توسّع دولة الإمارات آفاقها الاقتصادية؟

ثاني الزيودي
25 ديسمبر 2022 15:02

خلال قمة الحكومات في عام 2015، تحدث صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد، رئيس الدولة «حفظه الله»، قائلاً: «نفكر ونخطط لخمسين سنة قادمة ولمصلحة الأجيال عبر بناء اقتصاد متنوع ومتين ومستدام لا يعتمد على الموارد التقليدية ويفتح آفاقاً واعدة تساهم في تعزيز مقومات وقدرات الدولة».
ومنذ تلك اللحظة؛ أي قبل ما يقرب من ثماني سنوات، تم تحديد وبلورة تطلعاتنا الوطنية في دولة الإمارات العربية المتحدة، والتركيز على تحويلها إلى خطط طموحة وقابلة للتنفيذ، تجسدت نجاحاتها لاحقاً من خلال تحقيق أرقام قياسية جديدة على الصعيدين التجاري والاستثماري، وذلك جنباً إلى جنب في رسم مسار جديد متسارع للتنمية الاقتصادية.
هذا وبالرغم من إحرازنا تقدماً كبيراً في كافة المستويات، إلا أن بلادنا تنظر إلى هذه الإنجازات على أنها محطات طريق في رحلة التحسين المستمر والتقدم المتواصل الذي نسير فيه لتحقيق أهدافنا الطموحة، ونحن كدولة الإمارات نبحث عما سيأتي، بعد ذلك نتطلع دائماً إلى الخطوة التالية، وتأكيداً على ذلك فقد أطلق صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي «رعاه الله»، هذا الشهر – ديسمبر 2022 - الرؤية الوطنية الجديدة للحكومة، «نحن الإمارات 2031»، قائلاً ومؤكداً إن دولة الإمارات العربية المتحدة.. «ستحافظ على مكانتها كوجهة اقتصادية وستركز على تعزيز الشراكات الاقتصادية مع العالم وترسيخ نموذجها التنموي».
تنسجم تطلعاتنا الطموحة مع الأرقام التي نستهدفها في المستقبل، حيث نتطلع على مدى السنوات التسع المقبلة إلى مضاعفة الناتج المحلي الإجمالي الوطني إلى 3 تريليونات درهم، ورفع قيمة التجارة الخارجية غير النفطية إلى 4 تريليونات درهم، ورفع الصادرات غير النفطية إلى 800 مليار درهم، وزيادة مساهمة قطاع السياحة في الناتج المحلي الإجمالي إلى 450 مليار درهم.
نحن واثقون من قدرتنا على تحقيق تطلعاتنا الطموحة والأرقام التي نستهدفها، وذلك استناداً إلى ما حققته دولة الإمارات خلال الفترة القريبة الماضية، حيث بلغت القيمة الإجمالية للتبادل التجاري غير النفطي لدولة الإمارات 1.6 تريليون درهم خلال الفترة بين يناير وسبتمبر 2022، بزيادة تقارب 20 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من عام 2021. كما أن نسبة الصادرات من إجمالي التجارة تتصاعد وتنمو بشكل دائم، حيث قفزت التجارة غير النفطية في الربع الثالث بشكل كبير، وتجاوزت الـ 580 مليار درهم محطمة بذلك جميع الأرقام القياسية، تُقدم أولوياتنا وتطلعاتنا في التجارة الخارجية نتائج غير مسبوقة، وتشجعنا على التوسع في خططنا وأهدافنا لتحقيق المزيد من النجاحات.

إن تعزيز موقعنا كمركز تجاري رئيسي على مستوى العالم يعد في صميم طموحنا الاقتصادي، حيث إنه في عام 2022، وقعنا أول اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع الهند التي يعتبر اقتصادها الأسرع نمواً في العالم، والذي من المتوقع أيضاً أن يصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم، أدى ذلك إلى زيادة حجم التجارة الثنائية بحيث وصلت إلى 38.6 مليار دولار خلال الأشهر التسعة الأولى من عام 2022 - أي ضعف الرقم المسجل تقريباً في نفس الفترة من عام 2020.
كما أبرمنا اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة مع إندونيسيا، سابع أكبر اقتصاد في العالم من حيث حجم الناتج المحلي الإجمالي، واتفاقية أيضاً مع إسرائيل، «دولة الشركات الناشئة» التي تحتضن منظومة ديناميكية للتكنولوجيا المتقدمة. ونجري حالياً مفاوضات مع عدد من الدول التي تمثل اقتصادات سريعة النمو وهي مفاوضات باتت في مراحل متقدمة، التي سيكون لها تأثير جوهري على حجم التجارة والصادرات والناتج المحلي الإجمالي.
ونواصل مساعينا لعقد اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع دول في أفريقيا وآسيا وأوروبا وأميركا الجنوبية، ونسعى إلى تعزيز حضورنا كقادة لجنوب عالمي نابض بالحياة وطموح ومتجدد، يعد نقطة ارتكاز بين الشرق والغرب، نحن سوق عالمي، وبوابة إلى الاقتصادات الأسرع نمواً حول العالم.
والذي لا يقل أهمية عن ذلك، فإن كل هذه النشاطات ستساهم في جذب الاستثمارات والشركات والمواهب الجديدة إلى دولة الإمارات، حيث إنه وفقاً لتوقعات معهد التمويل الدولي ستجتذب دولة الإمارات ما قيمته 22 مليار دولار من تدفقات الاستثمارات الأجنبية المباشرة بحلول نهاية عام 2022، مما يجعلها وبحسب التوقعات الأفضل أداءً في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
كما أننا لا نكتفي فقط بالتفوق والريادة في مجالات استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، بل نعيد تعريفه أيضاً، حيث أطلقت وزارة الاقتصاد في يوليو 2022 المبادرة الرائدة «الجيل التالي للاستثمار الأجنبي المباشر «NextGen FDI»، التي صُممت لجذب شركات التكنولوجيا المتقدمة وشركات الـ Web3 إلى دولة الإمارات، ودعم تطوير منظومة رقمية عالمية، وخلال بضعة أشهر فقط، رحبت المبادرة برواد في مجالات الروبوتات وتكنولوجيا الأغذية والحوسبة السحابية والبلوك تشين والتكنولوجيا المالية إلى دولة الإمارات، إضافة إلى انضمام عشرات شركات الثورة الصناعية الرابعة الأخرى من كل أنحاء العالم بفاعلية واهتمام، حيث تركز تلك المبادرة بشكل أكبر على نقل التكنولوجيا وزيادة توليد القيمة المضافة على المدى البعيد، وليس مجرد اجتذاب تدفقات رأس المال قصيرة الأجل.
على مدى عام 2022، حولنا سياساتنا إلى نتائج ملموسة على أرض الواقع، وينعكس مدى نجاحنا من خلال ما تؤكده أحدث التوقعات لمصرف الإمارات العربية المتحدة المركزي، التي تشير إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة خلال 2022 سيصل إلى 7.6 بالمئة، وهو النمو الأعلى منذ أكثر من عقد لتكون دولة الإمارات من مراكز النمو العالمي، في الوقت الذي توقع فيه صندوق النقد الدولي تباطؤ النمو العالمي من 3.2% عام 2022 إلى 2.7% عام 2023، بما يثبت ذلك قوة الاقتصاد الإماراتي، وحيويته، ونجاح سياسات الدولة.
تتواصل نجاحات دولة الإمارات، على المستوى المحلي والإقليمي والدولي، وسننطلق خلال سنة 2023 من نجاح إكسبو نحو استضافة الدورة الثامنة والعشرين من مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP28) «مؤتمر الإمارات للمناخ»، والتي سيتبعها المؤتمر الوزاري الثالث عشر لمنظمة التجارة العالمية في أوائل عام 2024 في أبوظبي، الذي تجتمع خلاله قيادات الدول الأعضاء في المنظمة، البالغ عددها 164، بهدف تشكيل ملامح مستقبل التجارة، وهذا يؤكد أن دولة الإمارات العربية المتحدة، أصبحت موقعاً دولياً بارزاً له تأثيره الملموس. 
مع اقترابنا من عام 2023، وتركيز أنظارنا على أهداف رؤية «نحن الإمارات 2031»، يمكننا القول وبكل ثقة: مهما كان حجم الطموح، تظل دولة الإمارات على الطريق الصحيح وقادرة على تحقيقه.

بقلم: معالي الدكتور ثاني الزيودي
وزير دولة للتجارة الخارجية

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©