الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الحوكمة تقود الشركات العائلية لأسواق الأسهم

الحوكمة تقود الشركات العائلية لأسواق الأسهم
14 نوفمبر 2022 02:00

حسام عبدالنبي (دبي) 

يتزايد الاهتمام بتطبيق مبادئ ومفاهيم الحوكمة، في ظل توجه شركات عائلية كبيرة في الدولة لطرح أسهمها للاكتتاب العام والإدراج في أسواق الأسهم المحلية، كما تنامى الاهتمام بمعايير الحوكمة بعد مواجهه شركات عائلية شهيرة مشاكل في الإرث وانتقال الملكية، إلى جانب تعرض شركات مدرجة للإفلاس وما تبع ذلك من إجراءات قانونية.
وتقود حكومة دولة الإمارات، مسيرة رفع الوعي حول القضايا البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وتطبيق ممارساتها، من خلال تضمينها في أجندتها ورؤيتها وخططها. كما تعدُّ المؤسسات والشركات العاملة في دولة الإمارات أبرز مثالٍ على ذلك، حيث تحرص على مواءمة أهدافها مع الرؤية الوطنية والعمل تحقيقاً لمستهدفات التنمية المستدامة الاستراتيجية للدولة.
ومؤخراً، شهد العالم توجهاً نحو تطبيق قواعد للتأكد من جودة حوكمة الممارسات البيئية والاجتماعية والالتزام بمفاهيم الاستدامة، بوصفها عاملاً تشغيلياً واستراتيجياً أساسياً في ضمان تنافسية ونجاح الشركات، وأحد المؤثرات المهمة على أدائها المالي على المدى الطويل.
 
الحوكمة العائلية
وتكتسب مبادئ الحوكمة أهمية خاصة في الشركات العائلية لتجنب أي مشاكل قد تطرأ في مسائل الإرث، ولضمان الانتقال السلس للملكية والإدارة من جيل إلى آخر، ويؤكد الدكتور أحمد حسن بن الشيخ، رئيس مجلس إدارة معهد حوكمة، التابع لسلطة مركز دبي المالي العالمي، أن الشركات العائلية تحتاج إلى نوعين من الحوكمة، أولهما حوكمة الشركات اللازمة لإدارة وتوجيه الأعمال، والثاني هو الحوكمة العائلية التي تشتمل على آليات حوكمة علاقة العائلة بأعمال الشركة؛ وذلك لأن الشركات العائلية تتميز بامتلاكها خصائص ومزايا متعددة، وتواجه تحدياتٍ متفردة.
وقال إن من أكبر التحديات التي يمكن أن تواجهها الشركات العائلية، لاسيما الأجيال المتتالية منها، هي التداخل ما بين الشؤون العائلية وأعمال الشركة، حيث إن الشركات العائلية التي تمتع بالقدرة على تنظيم وتوضيح العلاقة بين العائلة والشركة، هي التي تنجح بالاستمرار ما بعد الجيل الثالث، موضحاً أن الحوكمة العائلية تبدأ بتحديد احتياجات وأهداف كلٍّ من العائلة والشركة، والتي قد تتناقض في بعض الأحيان، بحيث يتحدد نجاح الشركة بمدى قدرتها على الموازنة بين هذه الاحتياجات المتناقضة، ووضع الأطر المناسبة للتعامل معها.
وأشار الشيخ إلى أن معهد «حوكمة» قادر على توفير الدعم لهذه العائلات من خلال وضع ضوابط/ تشريعات للعائلة، وتطوير أطر عمل الحوكمة العائلية (كمجلس العائلة وجمعية العائلة)، وتسهيل اجتماعات العائلة، وتخطيط تعاقب السلطة، فضلاً عن إتاحة فرص التدريب للأجيال الحالية والمستقبلية، منبهاً إلى أهمية الشركات العائلية في اقتصاد دولة الإمارات، خاصة في ظل تحقيق هذه الشركات نجاحاً مشهوداً، وتمكنها من التعامل مع الأسواق والمؤسسات الدولية ذات متطلبات الحوكمة والشفافية عالية المستوى، فيما وصل بعضها الآخر إلى مرحلة النظر في إدراج أسهمها في البورصات، ما يعني أنه من المتوقع أن تستمر الشركات العائلية بتبني هيكليات وممارسات الحوكمة أكثر كفاءة.

أهمية الحوكمة
ويسود اعتقاد بأن الشركات الإماراتية والمجتمع لا يدركون أهمية تبني معايير الحوكمة خاصة الشركات العائلية التي تفضل عدم الالتزام بقواعد ملزمة، ورداً على ذلك يرى الدكتور أحمد حسن بن الشيخ، أن دولة الإمارات والمنطقة، بشركاتها ومجتمعاتها، باتت أكثر إدراكاً واقتناعاً عما قبل بفوائد توظيف معايير الحوكمة وتبنيها لهذه الممارسات كجزء لا يتجزأ من ثقافتهم، وتمّ تحقيق التقدم في عملية توظيف هذه المعايير، إلا أنه لا يزال هنالك مجال للتطوير بمستويات متفاوتة في العديد من المنظمات والصناعات، والمهم أننا على الطريق السليم، ولدينا الأدوات المناسبة لذلك.
وقال إن تعرض بعض الشركات المعروفة لمشكلات وما تبعها من إجراءات قانونية يعكس مدى أهمية هذا الموضوع، والتبعات التي تترتب على الضعف في تبني أخلاقيات مهنية وممارسات الحوكمة في المؤسسات. وأضاف أنه على الرغم من أن الشركات المدرجة أكثر وضوحاً حول تبني معايير الحوكمة، وذلك نتيجة للمتطلبات التنظيمية والإفصاح، إلا أنه يمكن للشركات العائلية الاستفادة من التقدم والشروع الفعال في تبني هذه المعايير، لاسيما أنه يزيد من أهمية ذلك أن هناك توجه واضح من مجموعة من الشركات العائلية في الدولة والمنطقة نحو إدراج أسهمها في أسواق المال، مبيناً أنه بالنسبة للشركات التي لا تعتزم طرح أسهمها للاكتتاب بعد، فإن تبني إطار عمل للحوكمة كفيل بدعم عملية رفع مستوى رأس المال وإصدار الصكوك.

الحوكمة والممارسات 
يمكن أن يساهم تطوير وتطبيق برنامجٍ متكامل للممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات في توسيع آفاق نجاح الشركات من نواحٍ متعددة، بما في ذلك جذب رأس المال، وتعزيز علامتها التجارية، وزيادة فرصها في النمو المستدام الذي يعود بالفائدة على الشركة والمستثمرين على حدٍّ سواء وكل أصحاب المصالح المرتبطين بالشركة. كما أن الإدارة الفعالة والسباقة في التصدي لهذه القضايا من شأنها وضع شركاتها في المقدمة ليس فقط في المنافسة بالأسواق وإنما في الاستعداد لمها هو قادم من الناحية التشريعية المحلية والدولية. 
وعادة ما يرتبط مفهوم الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بشكل وثيق مع تغير المناخ، إلَّا أن هناك مجالاً أوسع من القضايا الجوهرية الأخرى المؤثرة، بما فيها الثقافة المؤسسية، وسلامة بيئة العمل، ومدى صلابة سلاسل التوريد، والمساواة.  وتؤكد هذه العوامل أهمية الممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات بوصفها عاملاً تشغيلياً واستراتيجياً أساسياً في ضمان تنافسية ونجاح الشركات، وأحد المؤثرات المهمة على أدائها المالي على المدى الطويل، أن بشكل إيجابي أو سلبي. 
ولا يقصد بالربط بين المواضيع البيئية والاجتماعية والحوكمة أن يتم ذلك على مستوى مجلس الإدارة فحسب، وإنما يجب التشجيع على اتخاذ الإجراءات المناسبة لتبني ممارسات الحوكمة في استراتيجيات الشركة المتوسطة والطويلة الأمد، إلى جانب التأكد من تنفيذها ودمجها في أسلوب عمل مجلس الإدارة والإدارة التنفيذية والعمليات التجارية.

الحوكمة والجائحة
مثَّلت جائحة «كوفيد-19» اختباراً حقيقياً لقدرات الشركات على إدارة المخاطر وتطبيق نظم العمل والتدابير للحد من تأثيرها، كما أثبتت «الجائحة» أن الشركات غير قادرة على العمل بمفردها وبمعزلٍ عن محيطها، إذ يرتبط بقاء واستمرارية الشركات بشكلٍ أساسي بأصحاب المصالح والمعنيين بها، من موظفين وعملاء وحكوماتٍ ومجتمعاتٍ، وغيرها.  وانطلاقاً من ذلك، ساهمت «الجائحة» في تعزيز الإدراك العالمي بأهمية العوامل البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، بصفة خاصة الاجتماعية، في استدامة الأعمال بمختلف أشكالها.
وتقود الحكومات في دول المنطقة، ودولة الإمارات، مسيرة رفع الوعي حول القضايا البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات وتطبيق ممارساتها من خلال تضمينها في أجندتها ورؤيتها وخططها. وتعدُّ المؤسسات والشركات العاملة في دولة الإمارات أبرز مثالٍ على ذلك، حيث تحرص على مواءمة أهدافها مع الرؤية الوطنية والعمل تحقيقاً لمستهدفات التنمية المستدامة الاستراتيجية للدولة. 
من ناحيةٍ أخرى، ساهم تنامي الاستثمار المؤسسي، إلى جانب التوجيهات الناظمة للممارسات البيئية والاجتماعية وحوكمة الشركات، في تعزيز الوعي لدى المؤسسات بأهمية تبني هذه الممارسات، حيث بات من الواضح أن هذه القضايا يمكن أن تكون لها تداعيات على المديين المتوسط وطويل الأمد على نظم إدارة المخاطر الخاصة بالشركات وأدائها المالي وقيمتها. وتمثل الزيادة في معدلات نشر تقارير الاستدامة وزيادة حجمها ومضمونها الثري، خلال السنوات الخمس الماضية، مؤشراً على التقدم في الاتجاه الصحيح.

مؤتمر الحوكمة 
وتبذل الجهات الرسمية في دولة الإمارات جهوداً حثيثة لزيادة الوعي بأهمية تطبيق والالتزام بمعايير الحوكمة، ومن هذا المنطلق ينظم «معهد حوكمة» يوم غدٍ الثلاثاء مؤتمره السنوي الخامس عشر تحت عنوان «بناء ثقة المستثمر من خلال الحوكمة»، وستتناول نسخة هذا العام من المؤتمر البحث في مفهوم الاستدامة من أبعاده كافة، حيث يغطي المؤتمر ثلاثة محاور رئيسية، هي: الإطار التنظيمي والمعايير المستحدثة للممارسات البيئية والمسؤولية الاجتماعية وحوكمة الشركات، ما يطالب به، ويبحث عنه، المستثمرين في الشركات كشرط للاستثمار بها، وما هو دور وكيفية إشراف مجالس الإدارة على اختيار وتطبيق أطر الممارسات المسؤولة في الشركات. 
وسيشهد المؤتمر مشاركة الخبراء الإقليميين والعالميين، إلى جانب رواد الأعمال، وأهم صناع السياسات والمنظمين والمستثمرين في المنطقة والعالم، حيث ستشمل قضايا النقاش مستقبل التنظيمات والممارسات العالمية، ونطاق تطبيق الحوكمة المؤسسية في المنطقة، والخطوات المستقبلية نحو مسيرة تقدم الحوكمة واستدامة الشركات. كما سيتم النظر بشكلٍ خاص إلى كيفية تبنِّي المنظمات والحكومات في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا للممارسات الأفضل في ظل المتطلبات الهيكلية والمؤسسية والثقافية الخاصة بالمنطقة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©