الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

لماذا يعد الاستثمار في سلاسل التوريد الذكية ضرورة لدعم الاقتصاد؟

ياب كالكمان
30 سبتمبر 2022 17:24

 


يقف قطاع الخدمات اللوجستية على أعتاب تحولّ رقميّ كبير، ولتسريع عمليّة التحوّل تلك وضمان التكامل وكفاءة الأداء للوصول إلى اقتصاد قوي، ينبغي العمل على دمج الحلول التقنية المتقدّمة في جميع مراحل سلسلة التوريد، حيث يعتمد المستهلكون والشركات والحكومات جميعًا على سلاسل التوريد المتداخلة للحصول على السّلع الأساسية التي تحفّز حركة التجارة، بدءًا من المنتجات الطازجة والأدوية، ووصولًا إلى الطرود البريدية والسّلع المغلفة.
وأدى الاضطراب في سلاسل التوريد حول العالم، الذي صحب انتشار الجائحة مؤخرًا، إلى عدم توفّر بعض المنتجات، ومن الأمثلة على ذلك ما حدث في ميناءي لوس أنجلوس ولونج بيتش في شهر يناير 2022، حيث شهد الميناءان تسجيل رقم قياسيّ لعدد سفن الحاويات التي تنتظر الرسوّ، بلغ 105 سفن، الأمر الذي كان له بالغ الأثر على حركة الشحن وخصوصًا أن 90% من تدفّق حركة التجارة العالمية يأتي عبر البحر.  
وتتميز دولة الإمارات بموانئها ذات البنية التحتية المتطوّرة، وبقدراتها التقنية، وموقعها الإستراتيجي، ممّا يجعلها محطّ أنظار المستثمرين العالميين في قطاع سلاسل التوريد الذكيّة.
ومع توجّه المزيد من الأشخاص إلى العمل عن بُعد، ارتفع معدّل ذروة إنفاق المستهلكين من 39 إلى 47% منذ عام 2020، مما أضاف مزيدًا من الضغط على سلاسل التوريد. 

وخلال العامين الماضيين، شجّعت وتيرة نموّ قطاع التجارة الإلكترونية والتحوّل الرقمي شركات الخدمات اللوجستية على توجيه أولوياتها نحو رفع كفاءة عمليات التوزيع، من خلال نشر الأتمتة وإنترنت الأشياء وتقنيّة "البلوك تشين" واتّباع أحدث الإجراءات لإدارة المستودعات.ورغم ذلك، لا تزال الخدمات اللوجستية، في كثير من المناطق الجغرافية، تعتمد إلى حدّ كبير على عمليات المستندات الورقية اليدوية، والتي تجاوزتها القطاعات الأخرى بصورة ملحوظة.
وتم إحراز تقدّم ملحوظٍ في المنظومات اللوجستية  المتداخلة والمدعومة رقميًا، ومن الأمثلة الناجحة على ذلك، "إئتلاف الأمل" في إمارة أبوظبي، الذي أظهر إمكانيّة الجمع بين الجهات الرائدة في هذا القطاع، مثل دائرة الصحّة – أبوظبي، والاتحاد للشحن، و"مجموعة موانئ أبوظبي"، و"رافد" و"سكاي سيل"، بهدف توزيع اللقاحات على مستوى العالم. 
من المؤكد أن الاستثمار في شبكة لوجستية تعتمد على التقنية يُعدّ ضرورة للحدّ من الاختناقات في سلاسل التوريد، وقد انعكست فائدة تحقيق ذلك على قطاع الأعمال، حيث أظهر تقرير نُشر مؤخرًا أن معظم المؤسسات التي تنتقل من منظومة سلسلة التوريد الورقيّة إلى الرقمية قد وفرت حوالي 7% من تكاليف التشغيل.
ونشرت "مجموعة موانئ أبوظبي"، التابعة لمحفظة "القابضة" (ADQ)، أوّل "نظام لمجتمع الموانئ" (PCS) في دولة الإمارات، ومن خلال "بوابة المقطع" أنجزت المجموعة أكثر من 30 مليون معاملة عبر الإنترنت.
ولا تقتصر فائدة هذه الحلول التطويرية على المساعدة في ترسيخ مكانة إمارة أبوظبي كمركز تجاري ولوجستي عالمي رائد فحسب، بل ستسهم أيضًا في تحسين الكفاءة والإجراءات مع زيادة الشفافية والقدرة على استشراف المستجدّات ضمن شبكة التوريد.
وتُعدّ زيادة المرونة في سلاسل التوريد أمرًا ضروريًا للصمود أمام التقلّبات الاقتصادية، ولتحسين الكفاءات في قطاع الخدمات اللوجستية العالمية.
وتُمثل القدرة على التنسيق بين تدفّق المعلومات الإلكترونية وإعداد التقارير خطوة أولى كبيرة على هذا المسار، ولكن ذلك يعتمد بشكل خاص على توفّر أنظمة قابلة للتشغيل البينيّ، ومتوافقة تمامًا مع اللوائح التنظيميّة، مما يُسهل في نهاية المطاف تكامل سلاسل التوريد متعدّدة الوسائط، ولتحقيق ذلك، يجب إيلاء اهتمام أكبر للشراكات بين القطاعين العام والخاص والموانئ وشركات الخدمات اللوجستية ووكلاء الشحن وسلطات الجمارك والمؤسسات الحكوميّة.
كذلك، لا يمكننا تجاهل أهمية الاستثمار في الارتقاء بالمعرفة والمهارات الأساسية الضرورية للمواهب المحلية، وذلك بهدف تطوير واعتماد التقنيات التي يمكنها الحفاظ على شبكة إمداد ملائمة للمستقبل. وسيسهم الموقع الإستراتيجي الذي تتمتّع به دولة الإمارات، والبنية التحتية ذات الجودة العالية، وقنوات التوزيع المتطوّرة في ضمان تواصل الإمدادات دون انقطاع.
وفي صميم ذلك كلّه تكمن الفرص الكبيرة من خلال الاستثمار في سلاسل التوريد المرنة تلك، وتحفيز الريادة في هذا القطاع الذي يُعزز من قدرات التجارة العالمية، وإذا ما تحقّق ذلك، فإن مكانة إمارة أبوظبي ودولة الإمارات ستترسخ كونهما مناطق محفّزة للنموّ داخليًا وعلى صعيد الاقتصادات العالمية.

 

 بقلم: الدكتور ياب كالكمان، رئيس مجموعة المحافظ الاستثمارية في "القابضة" (ADQ)

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©