الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: فائدة أميركية لا تتوقف

محمد كركوتي يكتب: فائدة أميركية لا تتوقف
26 سبتمبر 2022 02:53

لم يعد تحريك الفائدة الأميركية خبراً منتظراً، لمعرفة ما إذا كان المشرعون الأميركيون سيرفعون معدلاتها أم سيخفضونها. الجميع يعرف بأن المجلس الاحتياطي الفيدرالي (البنك المركزي) لن يتوقف على زيادة الفائدة طوال الأشهر المتبقية من العام الجاري، مع الترجيح بأنه سيواصل هذا التوجه في العامين المقبلين، وسط تباطؤ للاقتصاد الأميركي يتعمق، مع إصرار إدارة الرئيس جو بايدن على أنه يبقى في حدود «التباطؤ» ولم يصل إلى الركود. 
وبصرف النظر عن التوصيفات، جاء الرفع الخامس للفائدة بمعدل 0.75% ضمن النطاق المستهدف لـ «المركزي» ليسجل 3%، وهذا أعلى مستوى للاقتراض منذ الأزمة الاقتصادية العالمية التي انفجرت في عام 2008. مسيرة الرفع مستمرة إلى أن تصل لـ 4.6% في غضون أقل من عامين، ما يطرح مجموعة من الأسئلة، في مقدمتها، إلى أي مدى سيتم السيطرة على التضخم في البلاد بهذه الآلية التقليدية؟
بالطبع كان الدولار الأميركي أكثر الرابحين، وهذا أمر طبيعي يفسر تدفقات لا تتوقف من رؤوس الأموال الخارجية إلى الولايات المتحدة، وسحبها عملياً من الأسواق الاستثمارية كالسندات والأسهم. فالعملة الأميركية تبقى (بحسب المستثمرين) أكثر أماناً على الساحة الاستثمارية، في هذا الزمن المتغير بسرعة الذي يعيشه الاقتصاد العالمي. 
لكن المشكلة الكبرى تبقى على ما هي عليه. فالتضخم في الولايات المتحدة يترفع، بحيث وصل إلى ما فوق 8%، وهو يقترب بسرعة من الخانة العشرية المعدل الذي يشكل رعباً لأي اقتصاد في العالم. صحيح أن نسبة البطالة لا تزال منخفضة، لكن الصحيح أيضاً أن السيطرة على التضخم ليست بالمستوى المطلوب. ناهيك عن أن جلب التضخم إلى الحد الأقصى المقرر من الإدارة الأميركية 2%، صار حلماً لن يتحقق ربما قبل نهاية العقد الحالي، وفي أحسن الأحوال قبل منتصف هذا العقد.
بالطبع لا أحد يتحدث عن النمو في الولايات المتحدة في الوقت الراهن. فالفائدة المرتفعة تضغط تلقائياً على النمو في أي دولة. فكيف الحال باقتصاد أميركي اتبع سياسة التيسير الكمي لسنوات عديدة؟ فتحت آفاق النمو والاستثمارات المحلية، والتشغيل، وزاد من وتيرة الإنتاج، وغير ذلك من آثار إيجابية أخرى للفائدة المنخفضة. 
ولأنه لا توجد آلية أخرى متاحة لكبح جماح التضخم، فليس أمام المشرعين الأميركيين سوى الاستمرار برفع الفائدة، بعد أن فشلوا عملياً في إقناع الشركات بتثبيت الأسعار لفترات محدودة في إطار البحث عن عامل مساعد لمواجهة التضخم. دون أن ننسى، الآثار التي تتركها الحرب في أوكرانيا على الاقتصاد العالمي ككل، في حين لا توجد مؤشرات واقعية لحل سياسي قريب لهذه المشكلة التي تتفاقم في قلب أوروبا.
يبدو واضحاً أن الأعوام التي تفصلنا عن منتصف العقد الحالي، ستكون مليئة بالمشاكل الاقتصادية المختلفة. فالمسألة لا تتعلق فقط بمستوى التضخم في أكبر اقتصاد في العالم، بل تشمل أيضاً ديون البلدان النامية والناشئة التي زادت تكاليفها منذ أن قرر «الفيدرالي الأميركي» اتباع سياسة رفع الفائدة الذي تردد في اللجوء إليها بعض الوقت.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©