السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: ضغوط على الاقتصاد العالمي

محمد كركوتي يكتب: ضغوط على الاقتصاد العالمي
6 سبتمبر 2022 01:57

ليس هناك ما يدعم أي اعتقاد (إن وجد) بإمكانية خفض وتيرة تفاقم الصراعات حول العالم، ولا سيما تلك القائمة على المواجهات الجيوسياسية. وبالنظر إلى التطورات الراهنة والاصطفافات الدولية، وغياب المبادرات الفاعلة، ربما استمرت هذه الصراعات طوال سنوات العقد الحالي، ما يرفع من حدة المخاطر والضربات التي يتعرض لها الاقتصاد العالمي. وهذا الأخير لا يعاني فقط التهديد من جهة النمو، بل يواجه خسائر هائلة لم يسبق لها مثيل في التاريخ، بلغت التقديرات الأخيرة لها حوالي 1.6 تريليون دولار بنهاية العام الحالي (وفق بلومبورج)، أو ما يوازي 2.2% تقريباً من حجم الناتج المحلي الإجمالي العالمي. خسائر كبيرة لا يمكن تعويضها إلا في ظل أجواء سياسية عالمية مستقرة، وتفاهمات حقيقية تأخذ في الاعتبار استحقاقات مستقبل عالمي، يخص البشرية جمعاء.
شهد العالم على مدى ثلاثة عقود، انفراجات تجارية كبيرة، وذلك مع إزالة الحواجز أمام النشاط التجاري، ودخول جهات منتجة متعددة إلى الساحة، ما وفر منتجات منخفضة الأسعار، تصل إلى كل الشرائح الاجتماعية حول العالم. وأضافت الاتفاقات الدولية، مزيداً من الازدهار للتجارة بشكل عام، فضلاً عن تراجع وتيرة الصراعات أو المواجهات الجيوسياسية. هذه الأجواء عززت النمو الاقتصادي العالمي، ورفعت من جودة أداء اقتصادات في دول ناشئة وتلك التي توصف بالأشد فقراً. كما أنها خفضت كثيراً من السياسات الحمائية التي انتهجتها بعض الدول، بل وتراجعت وتيرة الإغراق، وإن بقيت موجودة حتى خلال الازدهار التجاري الدولي. صحيح أن الخلافات لم تنتهِ، إلا أنها وُضعت جانباً، بفعل تفاهمات صمدت لسنوات.
المشهد العام حالياً بات مختلفاً تماماً، مع اتساع رقعة التجارة الخاضعة للحظر أو العقوبات، الأمر الذي أعاد الخلافات التي كانت مركونة جانباً إلى الميدان. وإذا أضفنا مؤثرات جائحة «كورونا»، والحرب الدائرة في أوكرانيا، وتفاقم الأوضاع بين الولايات المتحدة والصين، واستفحال الموجة التضخمية، واختناقات سلاسل التوريد المتصاعدة. فإن الخسائر العالمية التي قدرت بـ 1.6 تريليون دولار تبدو طبيعية. الأمر الذي يطرح أسئلة عن الخسائر المتوقعة للعام المقبل، خصوصاً في ظل ترد مستمر للأوضاع بشكل عام. لا يمكن ضمان حلول ولو مرحلية، إذا ما ظلت الخلافات متفاقمة بين أكبر اقتصادين في العالم (الولايات المتحدة والصين). كما أن الحرب الدائرة في أوروبا تمر بمراحل متتالية خطيرة، فضلاً عن أن الصراعات الجيوسياسية، صارت تقريباً خبراً يومياً.
كل هذا لا يمكن حله إلا بالتفاهمات حتى ولو كانت آنية. وهذه التفاهمات لن تكون حاضرة في ظل غياب المرونة السياسية والاقتصادية في آن معاً. فكل الأطراف المعنية مباشرة بهذه الصراعات تعاني مشاكل اقتصادية ومعيشية كبيرة، بما فيها البلدان المتقدمة التي تستعد لتشهد تضخماً في خانة العشرات. ناهيك عن المصاعب التي تواجهها دول هشة لا تستطيع المقاومة لفترة طويلة في ميدان لا يبدو أن أي جهة يمكنها تحقيق الانتصار فيه.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©