الجمعة 29 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الكوادر النسائية.. دور قيادي في التنمية المستدامة وأهدافها

الكوادر النسائية.. دور قيادي في التنمية المستدامة وأهدافها
29 أغسطس 2022 03:34

د. نوال الحوسني*

في وقتٍ سابق من هذا العام وبالتزامن مع اليوم العالمي للمرأة، أكدت دولة الإمارات أن الطريق إلى مستقبل مستدام للبشرية يتمثل في تحقيق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة، وهو التوازن بين الجنسين.
ونثق اليوم بأن كل هدف من أهداف التنمية المستدامة الـ17 التي وضعتها المنظمة الأممية وأجمعت عليها الدول عام 2015، سيتحقق بشكل أسرع، إذا ما واصلنا تمكين الشابات والنساء بالرؤى والأدوات التي تجعلهن يحدثن فرقاً إيجابياً فاعلاً في عالمهن، وأن هناك أسباباً وجيهة تجعل الهدف الخامس يحظى بلقب «أهم أهداف التنمية المستدامة».

التوازن بين الجنسين
فلا مجال لتحقيق مستويات رعاية صحية وجودة حياة، كما في الهدف الثالث، وتعليم جيد للجميع، كما في الهدف الرابع، وفرص عمل ونمو اقتصادي، كما في الهدف الثامن، وقدر أكبر من العدالة والمساواة، كما في الهدف العاشر، وعمل مناخي مؤثر، كما في الهدف الثالث عشر، وطاقة للجميع، كما في الهدف السابع، إذا لم نحقق الهدف الخامس من أهداف التنمية المستدامة بالتوازن بين الجنسين.
فهذا الهدف يتقاطع مع كل الأهداف الـ16 الباقية. وهو في القلب منها على مستوى تعزيز القدرات والإمكانات والطاقات لكلا الجنسين لتحويل التحديات إلى فرص في هذا العقد الحاسم من العمل العالمي المشترك من أجل التنمية المستدامة. لذلك، من المهم مواصلة تمكين المرأة بالمعرفة والأدوات التي تؤهلها للابتكار والإبداع والتميّز في كل المجالات اقتصادياً واجتماعياً وبيئياً، وإنجاز تحول نوعي في كافة القطاعات والقضايا الملحة كتحقيق أهداف الحياد الكربوني عالمياً.
نحن الإماراتيات محظوظات بأن ننشأ في دولة الإمارات العربية المتحدة وعلى أرضها المعطاء، حيث تترسخ مبادئ وممارسات ورؤية تمكين المرأة في دولة الاتحاد منذ تأسيسها برؤية المغفور له، بإذن الله، الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيّب الله ثراه، وبدعم لا محدود من سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك، رئيسة الاتحاد النسائي العام رئيسة المجلس الأعلى للأمومة والطفولة الرئيس الأعلى لمؤسسة التنمية الأسرية «أم الإمارات».
وتزامناً مع احتفال الدولة بيوم المرأة الإماراتية، الذي أعلنته سمو الشيخة فاطمة بنت مبارك ليكون يوم 28 أغسطس من كل عام يوماً وطنياً للاحتفاء بالمرأة الإماراتية وإنجازاتها في كل المجالات، نقف جميعاً يداً واحدة خلف الشعار الشامل والواعي والمدروس والمؤثر الذي أطلقته سموها ليوم المرأة الإماراتية هذا العام؛ «واقع ملهم.. ومستقبل مستدام».

نموذج يحتذى به
فقد ساندت سموها ودولة الإمارات تطلعات وطموحات المرأة الإماراتية في كل الميادين، ومنحتها الفرص لإطلاق قدراتها وطاقاتها في مختلف مجالات التنمية المستدامة، فأصبحت نموذجاً يحتذى به؛ في المجتمعات المتقدمة والنامية، لدور المرأة الفاعل والمؤثر في استدامة النمو والارتقاء بالمفاهيم وتحقيق الرؤى والاستراتيجيات.
وما حلول دولة الإمارات ضمن الدول العشرين الأولى على مستوى العالم في المؤشر العالمي للمساواة بين الجنسين، وتحديداً في المركز الثامن عشر، سوى شهادة دولية على التقدم النوعي الذي تواصل المرأة الإماراتية تحقيقه في تنمية مجتمعها وعالمها بدعم من القيادة الرشيدة للدولة.
وفي دولة الإمارات، هناك اليوم تسع وزيرات، يتسلمن حقائب وزارية مهمة لتصميم وصناعة مستقبل مستدام، بما في ذلك وزارات التغيّر المناخي والبيئة، والشباب، والتكنولوجيا المتقدمة. ولدى الدولة أيضاً تسع سفيرات يمثلنها في عواصم عالمية، ويعززن علاقاتها الثنائية والخارجية مع العالم، وممثلات في المنظمات الأممية والدولية لاستراتيجياتها الطموحة لتعزيز العمل المناخي وبناء مستقبل مستدام محلياً وعالمياً.
إن المشاركة المؤثرة للمرأة الإماراتية في مختلف مجالات القطاع الحكومي مكّنت الدولة من تحقيق تفاعل شامل مع تطلعات المجتمع بفئاته كافة، وسرّعت التقدم العالمي الحاصل من أجل تحقيق هدف التنمية المستدامة الخامس بالتوازن بين الجنسين.

تمكين المرأة
والمرأة الإماراتية اليوم تشغل ثلثي وظائف القطاع الحكومي، وثلاثين بالمائة من المواقع القيادية فيه. ودولة الإمارات هي البلد الأول في المنطقة الذي يحقق التمثيل البرلماني مناصفة بين الجنسين. وهي تشغل المركز الثلاثين عالمياً في تعزيز تمكين المرأة سياسياً، وفق تقرير الفجوة بين الجنسين حول العالم، الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي لعام 2022.
كل هذه الإنجازات لم تتحقق مصادفةً، بل هي نتاج الفكر التقدمي المنفتح على العالم والتخطيط الواعي والإيجابي والعمل الجاد. وفي هذا السياق، نجح مجلس الإمارات للتوازن بين الجنسين، تحت قيادة حرم سمو الشيخ منصور بن زايد آل نهيان نائب رئيس مجلس الوزراء وزير ديوان الرئاسة، سمو الشيخة منال بنت محمد بن راشد آل مكتوم، رئيسة المجلس، وعلى مدى سنوات سبع، في تحقيق مبادرات ومشاريع وبرامج ريادية مكّنت المرأة، وعززت التوازن بين الجنسين، ورسخت حضور المرأة الإماراتية في كافة القطاعات ومختلف مراكز صناعة القرار وتصميم السياسات والاستراتيجيات.
وأساس هذه المنظومة الشاملة لتمكين المرأة في دولة الإمارات واحد، وهو الرؤية الطموحة التي لا تعرف المستحيل، ولا تميّز بين جنس وآخر في تحقيق أهدافها الرائدة دائماً في كل المجالات، ومنها العمل المناخي على سبيل المثال لا الحصر.
إن تمكين المزيد من القياديات الإماراتيات في قطاعات العمل من أجل المناخ، والبيئة، والطاقة، والأمن الغذائي والمائي، والتنوّع الحيوي، لم يأتِ بمحض المصادفة، بل عن رؤية واعية واثقة بالدور الحيوي للمرأة في ابتكار الحلول لمختلف التحديات في هذه القطاعات وتحويلها إلى فرص.
وتخبرنا الدراسات والأبحاث أن التغير المناخي يؤثر على النساء بشكل كبير في العديد من المجتمعات حول العالم. لذلك، من المنطقي أن تكون المرأة شريكاً فاعلاً في تصميم وصناعة السياسات العالمية الخاصة بالمناخ، وأن تعزز فرصها في المساهمة في الجهود الإيجابية والمؤثرة للعمل المناخي. وبالنتيجة، يجب أن يتوسع تمثيل المرأة في مواقع صناعة القرار في مجال العمل المناخي العالمي.
القمة العالمية للمناخ
دولة الإمارات أدركت هذه الحقيقة مبكراً. وهي تعمل على تمكين المرأة عالمياً في مجال صناعة القرار لمواجهة تحديات تغير المناخ حول العالم، وتضع هذا الموضوع الملحّ ضمن قائمة أولويات القمة العالمية للمناخ «كوب 28» التي تستضيفها الإمارات العام المقبل 2023.
وهذا الحدث العالمي الرئيسي على أجندة اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيوفر من على أرض دولة الإمارات منصة عالمية لتمكين المرأة في العمل المناخي العالمي، ويسلط الضوء على الدور الدولي الفاعل الذي تلعبه الإمارات في تسريع التحول العالمي للطاقة، مع حضور المرأة الإماراتية في القلب من هذا التحول الهادف للارتقاء بمستويات التنمية واستدامتها.
وفيما تجتمع القيادات العالمية لبحث أفضل السبل لمواجهة التداعيات الملحّة للتغير المناخي، كأولوية رئيسية ضمن أجندة التنمية المستدامة، علينا أيضاً أن نحتفي بالدور القيادي للمرأة في العمل العالمي من أجل المناخ وتحوّل الطاقة ونواصل دعم حضورها المؤثر في الجهود لبناء المستقبل الذي نتطلع إليه جميعاً ونعمل معاً جنباً إلى جنب للوصول إلى أهدافه للسنوات والعقود القادمة.

* المندوب الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى الوكالة الدولية للطاقة المتجددة «آيرينا»

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©