الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

انتعاش قطاع الطاقة النووية عالمياً

مستودع تحت التشييد لتخزين الماء في محطة فلامانفيل النووية بفرنسا (أرشيفية)
22 أغسطس 2022 00:55

حسونة الطيب (أبوظبي)

بعد أن تخلت الدول عنها لسنوات طويلة وفقدت معظم الخبرات المتعلقة ببناء المفاعلات، بدأت الطاقة النووية تتحسس طريق العودة. وتراهن الدول الغربية بشدة على الطاقة النووية، في أعقاب عقود من الهجران بسبب مخاطر السلامة. 
وتسعى الحكومات، لتوليد كهرباء بالطاقة النووية خالية من انبعاثات الكربون، بُغية التصدي لقضية التغير المناخي وتقليل الاعتماد على النفط والغاز الروسي. وتدعم كل من أميركا والصين وفرنسا جيلاً جديداً من المفاعلات، يتميز بسهولة بنائه وقلة مخاطره، بالمقارنة مع التصاميم القديمة. 

نقص الكفاءات 
لكن تواجه مثل هذه الطموحات، عقبات جمة في الدول الغربية. وتعاني هذه الدول التي شهدت مهد هذا القطاع، من نقص في المديرين والعمال من ذوي الخبرة في بناء المفاعلات، بعد أن هجرت هذه الدول، الطاقة النووية لسنوات عدة. وتشكو العديد من المفاعلات التي يجرى العمل فيها حالياً، في أنحاء متفرقة من الولايات المتحدة الأميركية وأوروبا، شحاً في الميزانيات وعمليات تأخير امتدت لسنوات طويلة. ونتيجة لذلك، أعلنت شركات كثيرة عن إفلاسها، ليكشف الوضع، عن ضعفٍ في المقدرات الهندسية العاملة في مجال الطاقة النووية. 
وفي فرنسا، من المتوقع، أن يساعد إنشاء مفاعل فلامانفيل، الذي يعمل بآخر التقنيات الحديثة، البلاد في الاستقلال ذاتياً من الاعتماد على إمدادات الطاقة الأجنبية وإنتاج كهرباء خالية تماماً من انبعاثات الكربون. 
على الرغم من أن المفاعل كان مخططاً له بدء التشغيل في 2012، إلا أن عمال اللحامة ما زالوا يعكفون على إصلاح أخطاء، يصل عددها لنحو 100، تم اكتشافها قبل 7 سنوات.
وفي يناير الماضي، أجلت إي دي أف، الشركة المسؤولة عن تشغيل المفاعل، تاريخ تعبئة المفاعل بالوقود لمنتصف العام 2023، أي بما يزيد على 10 سنوات عن التاريخ الأصلي لبدء التشغيل. وأدى ذلك، لرفع التكلفة، لنحو 12.7 مليار يورو، بما يقارب 4 أضعاف التكلفة الأساسية، بحسب وول ستريت جورنال.

ارتفاع التكلفة 
وفي العام 2016، انخرطت الشركة، في مشروع جديد أكبر حجماً، يتضمن بناء مفاعلين في المملكة المتحدة في منطقة هنكلي بوينت، بتكلفة تصل لنحو 18 مليار يورو (22.5 مليار دولار). وبعد 3 سنوات من ذلك، رفعت إي دي أف، التكلفة لما بين 21.5 إلى 22.5 مليار يورو، لتعود وترفعها مرة أخرى في مايو الماضي لما بين 26 إلى 27 مليار يورو، وتأجيل تاريخ بدء التشغيل لسنة 2027. 
وفي أميركا، تعمل شركة جورجيا بور، على بناء 2 من المفاعلات، من بين الأحدث، لكسر جمود استمر لأكثر من 30 سنة. وتجاوز هذا المشروع، الوقت المحدد له للتسليم، مع زيادة مليارات الدولارات على الميزانية المبدئية. 
توقفت الدول الغربية وبنسبة كبيرة، عن بناء المفاعلات النووية، في أعقاب حادثة جزيرة الثلاثة أميال في بنسلفانيا في 1979 وتشرنوبيل في 1986. وأصبح الشعور المناوئ للطاقة النووية، بما في ذلك المخاوف المتعلقة بسلامة عمليات التخزين والنفايات، يشكل حجر الزاوية بالنسبة لمنظمات البيئة. 
وأدت حادثة فوكوشيما باليابان في 2011، لمزيد من تخلي الدول عن قطاع الطاقة النووية، حيث زادت أميركا من صرامة إجراءاتها، بينما قررت ألمانيا إغلاق كافة المفاعلات.
وفي غضون ذلك، تتوقع الوكالة الدولية للطاقة، مضاعفة سعة الطاقة النووية العالمية بحلول العام 2050، وبلوغ العالم لنقطة الصفر في الانبعاثات. 
وأعلنت كل من، جمهورية التشيك وبولندا والمملكة المتحدة وهولندا، عن بناء مفاعلات جديدة، إضافة للأسطول الأوروبي الذي مرت عقود على آخر تحديث له. وبدأت فرنسا، التي تولد 70% من الكهرباء بالطاقة النووية، تدريب الآلاف من المهندسين والعاملين في هذا الحقل، بغرض بناء 14 مفاعلاً جديداً.  أغلقت فرنسا مؤخراً، 12 من مفاعلاتها النووية، نظراً لبعض التآكل غير المتوقع في الأنابيب، ما دفع البلاد لرفع معدل اعتمادها على محطات التوليد العاملة بالغاز، في الوقت الذي أوقفت فيه روسيا، تدفقاتها من الغاز لأوروبا.

إنتاج  الكهرباء
وفي فنلندا، تعاونت مجموعة من الشركات المحلية، لبناء مفاعل نووي في العام 2005، لكن لم يبدأ المشروع في إنتاج الكهرباء، إلا بعد 13 سنة من إنشائه، بتكلفة تجاوزت 5.7 مليار يورو (6.1 مليار دولار)، رغم أن التكلفة الأولية كانت عند 3 مليارات يورو فقط.  ووافق قانون البنية التحتية في أميركا في العام الماضي، على إنشاء مفاعل نووي حديث بتكلفة تصل لنحو 3.2 مليار دولار. وفي حين تقترح شركة تيرا بور، بناء مفاعل من نوع جديد لا يتطلب ضغطاً عالياً لتشغيله، تخطط شركات أوروبية، لإنشاء أخرى صغيرة، بغرض خفض التكلفة والنفايات.
وفي ظل تراجع تكلفة توليد الكهرباء بالطاقة الشمسية والرياح وبعض مصادر الطاقة المتجددة الأخرى، برزت بعض التساؤلات حول مدى الجدوى الاقتصادية للاستثمار في الطاقة النووية. كما تراجعت تكلفة بطاريات تخزين الكهرباء، عندما تحتجب أشعة الشمس وتتوقف الرياح عن الهبوب.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©