الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: «معارك» اقتصادية بسلاح الفائدة

محمد كركوتي يكتب: «معارك» اقتصادية بسلاح الفائدة
8 أغسطس 2022 00:48

لنترك جانباً، الخلافات في الولايات المتحدة، بشأن تسمية الحالة الاقتصادية في البلاد. هل هي ركود أم تباطؤ. فلا تزال إدارة الرئيس جو بايدن، تصر على أنه «التباطؤ» رغم انكماش الاقتصاد في الربع الأول والثاني من هذا العام. 
في بريطانيا أقدم بنك إنجلترا المركزي على رفع سادس للفائدة في ستة أشهر، والمسار يمضي نحو مزيد من الزيادة، في محاولات تبدو يائسة لكبح جماح التضخم. فالتوقعات تشير إلى أن معدل أسعار المستهلكين سيصل إلى 13% بنهاية العام الجاري. 
والفائدة على الجنيه الإسترليني التي بلغت 1.75% لم تُحدث أي فرق في مواجهة الموجة التضخمية الهائلة. في البر الأوروبي الأمر ليس أفضل. فقد اضطر (أخيراً) البنك المركزي الأوروبي، لضرب سياسته المعهودة بالحفاظ على التيسير الكمي، وأُجبر على رفع الفائدة، على اعتبار أنها السلاح الوحيد المتاح حالياً.
المشكلة التي تواجه الاقتصادات المتقدمة تحديداً، أن هذا السلاح لم يعد ذا قيمة. فمع كل رفع للفائدة هناك زيادة في مستويات التضخم، وسط ارتفاع لتكلفة الاقتراض، في الوقت الذي تحتاج فيه هذه الاقتصادات لتخفيف القيود المالية، من أجل استعادة وتيرة النمو التي توقفت تماماً خلال العام 2020، الذي بات يوصف بـ«سنة الجائحة». 
كل المؤشرات تؤكد على أن الاقتصاد الأوروبي ومعه البريطاني سيدخلان في دائرة الركود في العام المقبل. والمؤشرات ذاتها تدل على أن المشرعين الاقتصاديين لن يتوقفوا عن مسيرة رفع الفائدة، بصرف النظر عن أي اعتبارات أخرى. فارتفاع تكاليف العيش، له مخاطره الاجتماعية، تماماً كما هي مخاطره السياسية، التي ستغير توجهات الرأي العام حيال حكوماته.
والذي يجعل المشكلة أكثر فداحة، أرقام التوظيف في الاقتصادات المتقدمة التي باتت متراجعة، ما يزيد من ضغوط البطالة على الموازنات العامة أيضاً، ناهيك عن التأثيرات السلبية المخيفة الآتية من الحرب في أوكرانيا، وحتى من التوتر الأخير للعلاقات الأميركية الصينية بسبب جزيرة تايوان، إلى جانب تعمق أزمة سلاسل التوريد، والنقص في الإمدادات المحورية للصناعات. 
وللتضخم المحلي مسبباته الخارجية، في ظل غياب واضح للجهود الدولية المشتركة، لتخفيف التوترات، ولتقليل الضغوط، ولحل المشاكل المتفجرة. ولذلك، ليس أمام الحكومات إلا اللجوء إلى الفائدة لمعالجة الأزمات الاقتصادية الداخلية، حتى ولو كان ذلك بلا تأثير حقيقي مباشر. 
فمن المتوقع أن تصل الفائدة في الولايات المتحدة بنهاية العام إلى 3.3%، وقد تصل في بريطانيا إلى 3 في المائة في نفس الفترة، أما على الساحة الأوروبية فلا تزال تحت 1%، إلا أن المؤشرات كلها تدل على اضطرار «المركزي الأوروبي» مواصلة الزيادة حتى أواخر العام الجاري على الأقل، للحد من التضخم الذي اقترب من 9%. 
لكن السؤال الأهم يبقى حول مدى تأثير الفائدة المتصاعدة على تضخم بات بالفعل خارج السيطرة. لا تأثير لها حتى الآن، إلا أنها تبقى السلاح الاقتصادي «الاستراتيجي» المتوافر، لدى بلدان كان من المفترض أن تكون أكثر استعداداً لمثل هذه المواجهة.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©