السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

محمد كركوتي يكتب: الدولار واليورو في الميدان

محمد كركوتي يكتب: الدولار واليورو في الميدان
25 يوليو 2022 00:31

أخيراً وبعد معاندة طويلة جداً، قرر النبك المركزي الأوروبي رفع الفائدة نصف نقطة، على أمل الحفاظ على ما تبقى من قوة اليورو، على الرغم من الانعكاسات السلبية لهذه الخطوة على مستويات النمو المأمولة. وفي الأيام الماضية تراجعت العملة الأوروبية إلى مستويات متدنية، بحيث اقتربت من التساوي مع الدولار الأميركي. 
وتتحمل رئيسة «المركزي الأوروبي» كريستين لاجارد، جانباً من المسؤولية في انخفاض اليورو. فقد رفضت منذ أشهر التخلي عن سياسة التيسير النقدي، على أمل دعم النمو في منطقة اليورو، وتمسكت بمستوى الفائدة الصفرية تقريباً على العملة الأوروبية.
 الذي حدث أن اليورو كسر كل الحواجز «النفسية» مقابل الدولار، ليتساوى معه لأول مرة منذ إطلاقه قبل عقدين من الزمن. لا أحد يمكنه معاندة الموجة التضخمية السائدة في العالم، من خلال مستويات فائدة منخفضة. 
ورفع الفائدة يبقى «الدواء» المر الوحيد لكبح جماع زيادة أسعار المستهلكين، ولا سيما في الأسواق المتقدمة. لا بدائل أخرى له، ما يبرر تخلي المجلس الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي)، عن سياسة الفائدة المنخفضة، ليتبع مساراً تصاعدياً لها، ربما يصل بنهاية العام الجاري إلى 3%.
العملات الرئيسية كلها تخسر أمام الدولار، بما فيها الجنيه الإسترليني الذي فقد 11% من قيمته منذ الربيع الماضي. والضغوط الأخيرة على اليورو كانت قوية إلى درجة أن أجبرت المشرعين الماليين الأوروبيين على رفع الفائدة. 
فالتضخم الذي يقترب في منطقة اليورو من 9% لا يبدو أنه سيتوقف عند هذا الحد، ما يعزز المخاوف من دخول المنطقة في دائرة الركود الاقتصادي المخيف، بينما خرجت منه للتو بعد أن وقعت فيه متأثرة بتداعيات جائحة «كورونا». 
أزمة اليورو لا تنحصر بالتمسك بفائدة شبه صفرية فقط، بل تتعلق بصورة أساسية باستمرار الحرب في أوكرانيا حيث كانت المنطقة الأوروبية الأكثر تضرراً منها، بتفاقم أزمتي الطاقة المرعبة، وسلاسل التوريد المتصاعدة.
من هنا يمكن النظر إلى ما قالته وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين، بأن الاقتصاد الأوروبي يسير من سيئ إلى أسوأ، لتشير إلى ركود محتمل فيه، في حين استبعدت ذلك بالنسبة لاقتصاد بلادها. 
ولا شك في أن الوضع الراهن لاقتصاد منطقة اليورو يمثل تحدياً كبيراً، صحيح أن تراجع قيمة اليورو يمكن أن تمثل قوة دفع للصادرات الأوروبية عموماً، لكن الصحيح أيضاً أن الضغوط التضخمية المتصاعدة لم تعد محتملة في أي بلد ضمن هذه المنطقة، ما زعزع وضعية الحكومات فيها، بفعل هموم ارتفاع تكاليف العيش على الناخب. سيعيد رفع الفائدة بعضاً من خسائر اليورو. 
فقد شهدت رؤوس الأموال في منطقة اليورو شبه هجرة نحو السوق الأميركية نتيجة الزيادات المتتالية للفائدة هناك، ما رفع الدولار 14% منذ بداية العام.
الضغوط على الاقتصاد الأوروبي لن تهدأ في الأشهر المتبقية من هذه السنة على الأقل، والخوف يبقى من أن يكون اليورو مجرد ضحية لحرب هي الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، ولتبعات جائحة لم يتوقعها أحد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©