الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التصنيع الذكي: طريق مختصر إلى التنمية المستدامة

فلاح الأحبابي
1 يوليو 2022 16:00

بقلم معالي فلاح محمد الأحبابي
لم تتوقف أبوظبي يوماً عن سعيها الدؤوب لتحقيق تنمية اقتصادية مستدامة ومعززة، ولم تغفل أعين النخب الوطنية عن التقاف كل ما استجد من تقنيات وحلول استحدثتها الثورة الصناعية الرابعة ومخرجاتها، ولم تقف تلك الجهود عند حدود المستوى أو الأكاديمي، بل حرصت القيادة الرشيدة على متابعة ترجمة كل ما جمع على أرض الواقع، والتأكد من توظيفه في مختلف تفاصيل المنظومة الصناعية في الدولة، وصولاً ما حدث بالأمس القريب من دمج متكامل للتصنيع الذكي في القطاع الصناعي في الدولة.

إن ما يعنيه ذلك لكثير، فما خرجت به الثورة الصناعية الرابعة من تقنيات ستضيف للشركات بمختلف قطاعاتها الكفاءة والفعالية والتمكين. وسيؤدي اعتماد تلك التقنيات أيضاً، إلى نقلة نوعية وتحول لافت في القطاع الصناعي في الإمارة، معززاً استدامته وحيويته ونجاحه، سيتبعها مساهمات اقتصادية لا تقدر بثمن، يلامس خيرها كل من يعيش على هذه الأرض الطيبة.

ويُعد القطاع الصناعي في أبو ظبي مقوماً رئيسياً لمفهوم التنويع الاقتصادي، ولطالما اعتبرت تجربته محفزاً لإدراك إمكانات التحول الرقمي، فعلى مدار 15 عاماً، تم استثمار 13.8 مليار دولار لإنشاء بنية تحتية صناعية على أعلى مستوى ومنشآت أعمال مبتكرة، فساهم القطاع الصناعي وحده بنسبة 10.7% من إجمالي الناتج المحلي غير النفطي لإمارة أبوظبي حتى عام 2020.

وبدورها، كانت مجموعة موانئ أبوظبي شاهدة على قدرة التصنيع الذكي في التحول والانتقال من مستوى لآخر. وبصفتها أحد موفري التسهيلات الصناعية الرئيسيين في أبوظبي، إذ تقدم قطاعاتها المختلفة باقات متنوعة لمختلف المنظومات الاقتصادية في البلاد، ورحبت قطاعات المدن الاقتصادية والمناطق الحرة التابعة لمجموعة موانئ أبوظبي بموجة المستثمرين الجدد الذين كانوا يتطلعون إلى نشر تقنيات الثورة الصناعية الرابعة وجني الفوائد، فوجدوا لدينا ما طور كفاءة مصانع هم وسهل عمليات تبادل البيانات والتسليم في الوقت المحدد.

واليوم اتخذت استراتيجية أبوظبي الصناعية (ADIS) زمام الأمر بدمج رؤية التصنيع الذكي الهادفة إلى مضاعفة حجم القطاع التصنيع في الإمارة إلى ما قيمته 172 مليار درهم بحلول عام 2031، وجعل القطاع الصناعي بالمركز الصناعي الأكثر تنافسية في المنطقة.

واليوم يمكننا القول إن القطاع الصناعي في أبوظبي سيلعب دوراً قيادياً في دفع عجلة التنمية المستدامة في جميع أوجه الاقتصاد وأنحاء الإمارة على نطاق أوسع. إنه دور يتطلب زيادة الإنتاج والتصنيع والتقدم التكنولوجي، فلا شكوك لدينا في واقعية هذه النتيجة أو قابلية تحقيقها بوجود التصنيع الذكي، الذي بات اليوم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بضمان النمو المستدام للأجيال القادمة.

ومن المستثمرين إلى الموظفين في القطاع الصناعي، ومن المواطنين إلى الهيئات الحكومية، لكل شخص مهتم ومستثمر في مستقبل أبوظبي سبب وجيه يدعو للتفاؤل عندما يتوسع حضور قطاع التصنيع الذكي، الذي باستطاعته تبسيط عمليات الإنتاج وتعزيزها، وزيادة القدرة التنافسية، وتمكين إدارة سلسلة التوريد، ورفع مستوى السلامة ومراقبة الجودة، وبناء الاستعداد للمستقبل، وتحسين مخرجات الأعمال والأرباح.
ولكي تمضي سياسات التصنيع الذكية إلى الأمام، هناك حاجة إلى القيادة الحكيمة والاستثمار المسؤول، وهو ما ستقدمه الاستراتيجية الصناعية الجديدة التي ممكن من خلالها تمكين شراكات جديدة وضمان التطوير المستمر للقطاع الصناعي. فبموجب الاستراتيجية، سيأتي التمويل المدعوم من الحكومة من خلال برنامج تمويل التصنيع الذكي، سيتم اعتماد لوائح التكنولوجيا الصناعية، من خلال ما يعرف بمؤشر تقييم التصنيع الذكي الذي سيضمن مراكز الكفاءة وسيزود المواهب الحالية والمستقبلية بمجموعات المهارات الأساسية. 

وفي مجموعة موانئ أبوظبي، نواصل الاستثمار في البنية التحتية والمرافق التي تتطلبها أعمال الأجيال القادمة، فما تشهده أبوظبي من تطوير حالي وآخر مخطط له في المناطق الصناعية المتصلة بالميناء في مدينة خليفة الصناعية، مثل إنشاء أنظمة بيئية كاملة لقطاعات محددة، بدءاً من المعادن الهندسية إلى الطباعة ثلاثية الأبعاد، المدعومة بالخدمات الرقمية المتقدمة وخدمة عملاء وفق أعلى المعايير العالمية.

وسيكون التصنيع الذكي مفتاحاً لنجاح سلسلة التوريد من خلال تبسيط الشركات المصنعة للعمليات واعتمادها عمليات تصنيع ذكية، وسيزداد الحافز لزيادة الاكتفاء الذاتي والترويج للمنتجات المحلية.

وعلاوة على ما ذكر آنفاً، ستوفر الاستراتيجية دعماً مؤثراً، يتمثل في تقديم برنامج سلسلة التوريد المحلي لتعزيز مرونة القطاع الصناعي. كما ستتوسع قائمة أبوظبي الذهبية، والتي تشجع على الشراء الحكومي للمنتجات عالية الطلب والمصنعة محلياً، في حين سيتم تسهيل الوصول إلى الأسواق الخارجية من خلال اتفاقية شراكة اقتصادية شاملة (CEPA)، بالإضافة إلى برنامج اتفاقية التجارة الثنائية.

ويتزامن تكامل التصنيع الذكي مع الإمكانيات جديدة للقطاع الصناعي في أبوظبي والإمارة. مع انطلاقة الاستراتيجية الصناعية الجديدة، وسيتبع ذلك توسع في اعتماد التصنيع الذكي في أدق تفاصيل المنظومة الاقتصادية، مما يقدم مجموعة من الفوائد الاقتصادية والتجارية الجديدة. إننا نعيش لحظات تاريخية، نفخر بأن نلعب دوراً فيها وفي تحقيق طموحاتنا الوطنية.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©