الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اليوان يكتسب المزيد من الزخم

اليوان يكتسب المزيد من الزخم
11 ابريل 2022 01:43

عاطف عبدالله (أبوظبي) 

منذ إعلان عملية تدويل اليوان الصيني «الرنمينبي» عام 2009، حققت العملة الصينية تقدما في مكانتها الدولية ولو بمعدلات قليلة، وتسارع استخدامها على نطاق واسع، حيث تم إدراجها في سلة العملات المُشكلة لحقوق السحب الخاصة في صندوق النقد الدولي في أكتوبر 2016، كما أنها أصبحت ضمن عملات الاحتياطي الأجنبي في العديد من الدول، وهو ما أسهم في تزايد مساهمتها في تداولات سوق الصرف الأجنبي.
ورغم أن العملة الصينية لا تعتبر بعد عملة دولية قيادية، إلا أن مكانة الاقتصاد الصيني، الذي يحتل المرتبة الثانية عالميا بعد نظيره الأميركي، فرضت واقعا جديدا نظرا لضخامة حجم التجارة الخارجية للصين التي تجاوزت ستة تريليونات دولار العام الماضي، كما تزايد حجم التجارة المقومة باليوان بنسبة %21.4، ليبلغ 39.1 تريليون يوان.
وبعيدا عن المخاوف الصينية من تعويم اليوان وما يتبع ذلك من ارتفاع قيمتها في سوق الصرف الأجنبي وتأثيرها سلبا على تنافسية الصادرات، إلا أنه بات واضحا أن هناك طموحا صينيا لتدويل هذه العملة لتكون ضمن أهم العملات الدولية الصعبة، خاصة بعد الأزمات التي مر بها الاقتصاد العالمي كالأزمة المالية عام 2008 وجائحة كوفيد-19 قبل عامين، وأخيرا الحرب الروسية الأوكرانية وما تبعها من عقوبات اقتصادية على موسكو.

التجارة العالمية باليوان 
بلغ إجمالي تسوية المدفوعات بالرنمينبي عبر الحدود خلال عام 2020 نحو 28.39 تريليون يوان، بزيادة 44.3% على أساس سنوي، وتجاوز إجمالي المتحصلات 14.1 تريليون يوان، بنمو 40.8% بينما بلغ إجمالي المدفوعات 14.29 تريليون يوان، بزيادة 48%، حسب إحصائيات بنك الشعب الصيني (البنك المركزي).
وأظهرت تسوية المدفوعات باليوان عبر الحدود صافي تدفق قدره 185.79 مليار يوان مقارنةً بصافي تدفق 360.53 مليار يوان في عام 2019. وفي النصف الأول من عام 2021، بلغت تسوية المدفوعات عبر الحدود 17.57 تريليون يوان.
وحسب الإحصائيات ذاتها، استحوذت هونج كونج على 46% من إجمالي تسوية الرنمينبي عبر الحدود خلال عام 2020 واحتلت سنغافورة (12.9%) والمملكة المتحدة (5.4%) وماكاو (3.7%) المراكز الثاني والثالث والرابع على التوالي. 
وتجاوزت قيمة تسويات المدفوعات عبر الحدود بالرنمينبي بين الصين والبلدان الواقعة على طول الحزام والطريق نحو 4.53 تريليون بنمو 65.9% وهو ما يمثل 16% من الإجمالي. 
 وفي منطقة الآسيان اكتسب اليوان المزيد من الزخم خلال عام 2020، حيث بلغت تسوية المدفوعات بالرنمينبي 4.15 تريليون يوان بنمو 72.2% وهو ما يمثل 14.6% من الإجمالي. 
بلغت التسوية في تجارة السلع 870.1 مليار يوان، بزيادة 18.8%، وكانت التسوية في الاستثمار المباشر نحو 434.12 مليار يوان، بزيادة سنوية قدرها 72%. 
ومع نهاية عام 2020، وقعت الصين اتفاقيات ثنائية لتبادل العملة المحلية مع 22 بنكاً مركزياً في بلدان الحزام والطريق وأنشأت ترتيبات مقاصة الرنمينبي في 8 دول في المنطقة نفسها.
 الاحتياطيات الدولية
شهدت حصة اليوان الصيني من الاحتياطيات الدولية للصرف الأجنبي نمو مطردا منذ عام 2016 الذي تم فيه إدراج العملة في سلة العملات المُشكلة لحقوق السحب الخاصة بالصندوق، حسب إحصائيات صندوق النقد الدولي.
ففي عام 2016 كانت حصة اليوان 1.08% من إجمالي احتياطيات النقد الأجنبي العالمية ارتفعت إلى 1.23% عام 2017 ثم زادت 1.89% في 2018 و1.94% في 2019 و2.29% في 2020 ووصلت إلى 2.79% خلال العام الماضي.   وحسب الإحصائيات ذاتها، ارتفعت الاحتياطيات الدولية المخصصة باليوان من 90 مليار دولار إلى 123.47 مليار دولار في 2017 ثم 203.08 مليار دولار في 2018 و214.46 مليار دولار في 2019 و271.60 مليار دولار في 2020 ثم إلى 336.10 مليار دولار خلال العام الماضي، وهو ما يمثل زيادة بنحو ثلاث مرات خلال 6 سنوات. 

التدفقات والاستثمارات 
ووفق دراسة لمعهد التمويل الدولي فإن اليوان الصيني بصدد التحول إلى واحدا من أهم مكونات النظام المالي العالمي في ظل تخطيط نحو ثلث البنوك المركزية لإضافة العملة إلى احتياطاتها.
 وبينت أن التدفقات الأجنبية على سوق سندات الحكومة الصينية بالعملة المحلية قد تنمو إلى 400 مليار دولار سنوياً، وأن البنوك المركزية كانت مصدر 60% من التدفقات التي استقطبتها سندات الحكومة الصينية بالعملة المحلية خلال الربع الأول من 2021 مع تنامي مخصصات السندات الصينية في احتياطاتها.
وفي حين يتواصل ارتفاع التدفقات على السندات الصينية بالتزامن مع السماح بمزيد من الاستثمارات الأجنبية وإدراج سندات على مؤشرات رئيسة، فإنها تظل ضئيلة بالمقارنة مع الناتج المحلي الإجمالي للصين ونصيبها من التجارة العالمية، بحسب الدراسة ذاتها.
وقال «التمويل الدولي» إنه إذا زادت الاحتياطات العالمية من اليوان من ما يعادل 1.8% إلى 3% من الناتج المحلي الإجمالي للصين على مدار السنوات العشر المقبلة، فإن التدفقات السنوية على سوق السندات المحلية ستتجاوز الأربعمائة مليار دولار على نحو مستدام.
وبيانات وزارة التجارة الصينية، توضح أن حجم الاستثمار الأجنبي المباشر (FDI) في البر الرئيس الصيني ارتفع 14.9% على أساس سنوي، ليصل إلى مستوى قياسي عند 1.15 تريليون يوان في العام الماضي 2021. ومن حيث الدولار الأميركي، زادت التدفقات 20.2% على أساس سنوي، إلى 173.48 مليار دولار.
وأظهرت بيانات وزارة التجارة، أن الاستثمار في البر الرئيس الصيني من دول على طول مبادرة «الحزام والطريق» ورابطة دول جنوب شرق آسيا «آسيان» ارتفع 29.4% و29% على التوالي.

بترو يوان 
تزايدت مكانة العملة الصينية في السنوات الأخيرة وانضمت إلى تشكيلة احتياطيات الصرف الأجنبي وتم استخدامها كعملة دفع ليس فقط للسلع، بل يتم استخدام اليوان في تسعير عقود النفط الآجلة.
ففي مارس 2018 طُرحت أول عقود آجلة لخام النفط باليوان في بورصة شنغهاي، في خطوة تستهدف تنويع الخيارات وانفتاح الأسواق المالية لتداول السلع بالعملة المحلية أمام المستثمرين الأجانب.
واكتسب تجارة النفط باليوان المزيد من الزخم بعد تدشين مبادرة حزام واحد، طريق واحد لتطوير العلاقات عبر أوراسيا، بما في ذلك الشرق الأوسط.
 وخلصت دراسة منشورة على موقع مركز الإمارات للدراسات إلى أنه قد يكون من المنطقي على المدى الطويل لمنتجي النفط الذين يهدفون إلى الدخول أو الحصول على حصة سوقية في الصين أن يدرسوا تسعير بعض مبيعاتهم النفطية إلى بكين باليوان نظرا لأنها تعد سوق مهمة لصادراتهم. كما يمكنهم الاستمرار في التداول بالدولار واليورو مع المستهلكين الآخرين وتنويع احتياطياتهم الدولية، وبالتالي التعامل مع ما يسمى بـ «بترو-يوان» جديد، ولكن بحجم أصغر، مثل بترو دولار في السبعينيات.

تراجع هيمنة الدولار قليلاً 
تراجع نصيب الاحتياطيات الدولارية لدى البنوك المركزية حول العالم إلى %58.8 العام الماضي وهو أدنى مستوى خلال 26 عاما، طبقا للمسح الذي أجراه صندوق النقد الدولي عن تكوين احتياطيات العملات الأجنبية الرسمية (COFER). وتفيد بعض التحليلات بأن هذا يعكس جزئيا تراجُع دور الدولار الأميركي في الاقتصاد العالمي، في مواجهة المنافسة من العملات الأخرى التي تستخدمها البنوك المركزية في إجراء المعاملات الدولية.
وتوضح بيانات المسح أن نصيب الأصول المقومة بالدولار الأميركي من احتياطيات البنوك المركزية هبط بأكثر من 12 نقطة مئوية – من %71 خلال 1999، وهو العام الذي تم فيه إطلاق العملة الأوروبية الموحدة، إلى %58.8 العام الماضي.
 وفي الوقت نفسه، تذبذب نصيب اليورو بنسبة %20 تقريبا، بينما زادت عملات أخرى، منها الدولار الأسترالي والدولار الكندي واليوان الصيني، إلى %9 في الربع  من العام الفائت.
ورصد المسح تحركات أسعار الصرف وبين أن نصيب الدولار الأميركي من الاحتياطيات ظل مستقرا بصفة عامة، ولكن باتخاذ منظور طويل الأجل، ووجد أن عدم حدوث تغير يُذكر في قيمة الدولار الأميركي، مع انخفاض نصيبه من الاحتياطيات العالمية، يشير إلى أن البنوك المركزية تُواصل بالفعل التحول تدريجيا عن الدولار. 
 ويتوقع البعض أن يستمر انخفاض نصيب الدولار الأميركي من الاحتياطيات العالمية مع سعي البنوك المركزية في اقتصادات الأسواق الصاعدة والاقتصادات النامية إلى مزيد من التنويع في تكوين احتياطي العملات لديها، حسب المسح. 
وخلص إلى أنه رغم التحولات الهيكلية الكبرى في النظام النقدي الدولي على مدار الستة عقود الماضية، فلا يزال الدولار الأميركي هو العملة المهيمنة للاحتياطيات الدولية.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©