الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

«أوبك» تواجه مطالبات متناقضة

«أوبك» تواجه مطالبات متناقضة
4 ابريل 2022 01:59

عاطف عبدالله (أبوظبي) 

تواجه منظمة الدول المصدرة للنفط «أوبك» مطالبات بزيادة إنتاجها من النفط الخام لتهدئة الأسعار، وفي الوقت نفسه تقليص استثماراتها النفطية.
وأدت هذه المطالبات، التي تبدو في طياتها أنها متناقضة، إلى حدوث اضطرابات في أسواق الطاقة العالمية وارتفاع أسعار النفط لأعلى مستوى خلال سنوات، وهو ما غذى بدوره من الضغوط التضخمية حول العالم. الجهات التي طالبت «أوبك» بوقف أو تقليص استثماراتها في النفط والغاز قبل عامين وتحديداً وقت جائحة كوفيد-19 بدعوى الحد من الانبعاثات، هي ذاتها التي دعت بلدان المنظمة مرة أخرى إلى زيادة إنتاجها. هذه الجهات كانت تراهن على تعديل معادلة الطاقة، من خلال التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة، وخفض الإنتاج من الوقود الأحفوري، غير أن مشاريع الطاقة النظيفة تؤتي ثمارها بعد حين ولا يمكن أن تحل محل النفط والغاز بين عشية وضحاها. وما زاد من تحديات نقص المعروض من النفط، دعوات لحظر الخام الروسي الذي يشكل نحو 10% من الطلب العالمي بسبب الهجوم العسكري الروسي على أوكرانيا في 24 فبراير الماضي.

أدّى تراجع الاستثمارات طويلة الأمد في النفط والغاز إلى جعل الأسواق أكثر عرضةً للعديد من المخاطر. 
ووفقاً لوكالة الطاقة الدولية، فإنّ الاستثمارات السنوية في النفط والغاز أقل بمقدار 200 مليار دولار من المستوى المطلوب لضمان مواكبة الطلب العالمي على الطاقة خلال الفترة الممتدة حتى عام 2030. 
وحسب تقديرات شركة أرامكو السعودية، انخفض إجمالي الاستثمارات العالمية في قطاع النفط والغاز بمقدار النصف منذ 2014 إلى 350 مليار دولار في 2022، وهو ما أدى إلى تراجع المعروض من الخام في الأسواق العالمية.
وفي الوقت نفسه، أرجعت دراسة صادرة عن مؤسسة أبيكورب النقص في الإمدادات خلال الفترة الراهنة وعجزها عن الطلب المتصاعد خلال التعافي من الجائحة، إلى تراجع الاستثمارات في قطاع الهيدروكربون.

الطلب على النفط
ترى «أوبك»، أن الطلب على النفط في 2022 يواجه تحديات من الحرب الروسية الأوكرانية وارتفاع التضخم وسط صعود أسعار الخام، وأن المخاوف المستمرة المتعلقة بكوفيد-19 تعيد تشكيل الاقتصاد العالمي، وهو ما يلقي بآثار سلبية قصير الأجل على النمو.
في أحدث تقاريرها الصادرة منتصف الشهر الماضي، أبقت «أوبك» على توقُعاتها لنمو الطلب العالمي على النفط هذا العام من دون تغيير عند 4.2 مليون برميل يومياً، وقدرت إجمالي الاستهلاك العالمي عند 100.9 مليون برميل يومياً.
ورفعت توقعاتها للطلب العالمي على خاماتها إلى 29 مليون برميل يومياً من أعضائها في 2022، بزيادة 100 ألف برميل يومياً على الشهر الأسبق.

تحول الطاقة وخفض الكربون
تأثرت أسواق الطاقة بالاضطرابات الجيوسياسية في العالم، والاختلالات الهيكلية الأساسية في المعروض من الهيدروكربونات.
مع حدوث اضطرابات ومخاوف من نقص الإمدادات أدرك العالم أنه لا يمكن التخلي ببساطة عن منظومة الطاقة الحالية قبل إنشاء منظومة جديدة.
وخلصت دراسة صادرة عن كلية كينجز كولدج للأعمال إلى أن إعادة تشكيل الاقتصاد العالمي الذي يعتمد بنحو 80% على الوقود الأحفوري لن تكون مهمة سهلة، بل إنها تستغرق وقتاً طويلاً، وهنا يتطلب الأمر الموازنة بين الحاجة إلى الحد من الانبعاثات الضارة والقدرة على تحمل تكاليف الطاقة البديلة، وتوفير أمن الطاقة.
وتضيف أنه في حالة التركيز على أحد هذه العوامل فقط قد يؤدي إلى عواقب مثل التشوه في آلية العرض والطلب والتقلبات الحادة في أسعار النفط ونقص في الإمدادات، وأن الأمر يتطلب صياغة سياسة شاملة وقابلة للاستدامة.
وفي السياق ذاته، أكد منتدى حوار الطاقة أن التحول إلى مزيج الطاقة العالمي يستغرق وقتاً طويلاً، وأن أنواع الوقود التقليدي وغير التقليدي سيمثلان معاً جزءاً من مزيج الطاقة العالمي في المستقبل، ولفترة زمنية طويلة، بالإضافة إلى زيادة الاعتماد على بدائل الطاقة بوتيرة مطردة. 

إحياء مشروع قانون «نوبك»
يغتنم بعض المشرعين في الولايات المتحدة الأميركية ارتفاع أسعار الطاقة لإحياء مشروع قانون قديم، منذ أمد بعيد، من شأنه أن يخضع منظمة «أوبك» لنفس قوانين مكافحة الاحتكار المستخدمة منذ أكثر من قرن لكسر احتكار «ستاندرد أويل». سيسمح قانون «عدم وجود كارتلات لإنتاج وتصدير النفط» - المعروف باسم «نوبك» (NOPEC) - للحكومة الأميركية بمقاضاة أعضاء أوبك بدعوى التلاعب بسوق الطاقة، وربما السعي للحصول على تعويضات بمليارات الدولارات.
لكن المشروع يواجه انتقادات شديدة داخل الولايات المتحدة، حيث عارضه معهد البترول الأميركي، ورابطة تجارية لصناعة النفط، وغرفة التجارة الأميركية.

من يتحكم في المعروض ؟
خلص مسح أجرته «رويترز»، أن أوبك ضخت 28.54 مليون برميل يومياً في مارس، بزيادة 90 ألف برميل يومياً على الشهر السابق.
حسب أحدث تقرير صادر عن ماكينزي آند كو، ارتفع إنتاج الدول الأعضاء في أوبك (باستثناء إيران وفنزويلا وليبيا) في فبراير الماضي بمقدار 300 ألف برميل يومياً مع استمرار المنظمة في زيادة الإنتاج. وكانت زيادة الإنتاج مدفوعة بشكل رئيس من المملكة العربية السعودية، حيث ارتفع الإنتاج بمقدار 300 ألف برميل يومياً على أساس شهري إلى 10.3 مليون برميل يومياً. 
إنتاج أوبك (باستثناء إيران وفنزويلا وليبيا) مرتفع بما يزيد على 3 ملايين برميل يومياً في فبراير 2022 على أساس سنوي، ومع ذلك لا يزال منخفضاً 1.3 مليون برميل يومياً مقارنة بشهر يناير 2020.
وفيما يتعلق بإيران وفنزويلا وليبيا فقد زاد الإنتاج بنحو 200 ألف برميل يومياً في فبراير إلى 4.4 مليون برميل يومياً، مدفوعاً في الغالب بالإنتاج في ليبيا، حيث ارتفع 200 ألف برميل يومياً على أساس شهري إلى 1.1 مليون برميل يومياً.
في المقابل، انخفض الإنتاج من خارج أوبك بمقدار 100 ألف برميل يومياً في فبراير إلى 57.1 مليون برميل يومياً. على الرغم من هذا الانخفاض، ارتفع إنتاج خارج أوبك بمقدار 3.55 مليون برميل يومياً على أساس سنوي.
استمر إنتاج النفط الصخري الأميركي في الزيادة بمقدار 100 ألف برميل يومياً إلى 8.6 مليون برميل يومياً في فبراير، بزيادة 1.97 مليون برميل يومياً على أساس سنوي، على الرغم من أنه لا يزال أقل من مستويات ما قبل الجائحة البالغة 9 ملايين برميل يومياً. وفي الوقت نفسه، زاد عدد الحفارات البرية النشطة، مما يشير إلى ارتفاع مستمر في النشاط.
وفي المجمل، يشير تقرير صادر عن أوبك إلى أن إنتاج المنظمة تجاوز 25.65 مليون برميل يومياً خلال عام 2020، بينما الإنتاج من خارج المنظمة يفوق بنحو مرتين ونصف ما تنتجه أوبك ويصل إلى 69.1 برميل يومياً، في العام ذاته.
وهذا يعني أن البلدان المنتجة للنفط غير الأعضاء في المنظمة ينبغي أن يكون لها دور في زيادة المعروض من الخام، وهو ما طالب به مدير وكالة الطاقة الدولية فاتح بيرول في مؤتمر للطاقة بالرياض منتصف فبراير، حيث أعرب عن أمله في أن تخفف زيادة إنتاج النفط من أميركا والبرازيل الضغط على الأسعار. 

تقنيات التقاط الكربون
بيد أن التحول التدريجي لمزيج الطاقة المتجددة لم يمنع عمالقة النفط من الاستثمار بكثافة في تقنيات التقاط الكربون، حيث يلعب جمع الكربون الناجم عن عمليات حرق الوقود دوراً كبيراً في التصدي للتغير المناخي، بالتوازي مع المساهمة في استقرار أسواق الطاقة.
وتتواجد حول العالم العديد من وحدات التقاط الكربون كالموجودة في مشروع أكورن في أسكوتلندا، الذي يفصل ثاني أكسيد الكربون عن الغاز الطبيعي ويحقنه تحت بحر الشمال، ومشروع «سي دراكس» في بريطانيا الذي يلتقط الكربون من انبعاثات محطة لطاقة الكتلة الحيوية في شمال يوركشاير، وكذلك وحدة احتجاز الكربون في محطة توليد الطاقة التي تعمل بالفحم في مقاطعة ساسكاتشوان الكندية، ووحدة احتجاز الكربون في معمل «سينتشوري» للغاز غرب ولاية تكساس.
وفي منطقتنا العربية تعد شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، من الشركات الرائدة في هذا المجال من خلال المشاريع الطموحة التي تنفذها، إذ تعمل على تنفيذ خططها للنمو مع الالتزام بخفض انبعاثات الكربون بنسبة 25% إضافية على مدى السنوات العشر المقبلة.
وتمتلك أدنوك حالياً القدرة على التقاط 800 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون بفضل منشأة الريادة في أبوظبي التابعة لها، كذلك لديها خطط للتوسع بشكل كبير في السنوات المقبلة وصولاً إلى التقاط 5 ملايين طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً بحلول عام 2030.
كما تنفذ «أرامكو» السعودية مشروعاً لاستخلاص نحو 800 ألف طن من ثاني أكسيد الكربون سنوياً في معمل استخلاص سوائل الغاز الطبيعي في الحوية، التي تقع جنوب الهفوف شرقي السعودية، ثم يجري نقل الغاز في أنابيب بطول 85 كيلومتراً لحقنها في المكامن النفطية لحقل العثمانية.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©