الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

منظومة تشريعية حازمة لمواجهة جرائم غسل الأموال

منظومة تشريعية حازمة لمواجهة جرائم غسل الأموال
14 مارس 2022 00:37

مصطفى عبد العظيم (دبي)

تعتبر جرائم غسل الأموال من أخطر الجرائم التي تلحق أضراراً بالغةً بالقطاع الاقتصادي في اقتصادات العالم المختلفة ومن بينها اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة، فهي جرائم يتم فيها تحويل الأموال التي يتم الحصول عليها بطرق غير مشروعة ومحاولة جعلها مشروعة بعدة طرق تمويهية لإخفاء حقيقتها، لهذا اهتم المشرع الإماراتي بمواجهة غسل الأموال ومحاربة هذه الجريمة ومعاقبة مرتكبيها بإصدار أشد العقوبات للحد من ارتكابها.
وتمتلك دولة الإمارات اليوم منظومة متكاملة تعمل بصورة منسقة للتصدي الحازم لجرائم غسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز دور دولة الإمارات كعنصر فاعل في المجتمع الدولي، والتزامها بمعايير النزاهة والشفافية في مجال الرقابة المالية والتجارية ومواجهة الممارسات غير السليمة في أنشطة الأعمال. 
وتتضمن هذه المنظومة، التشريعات والقوانين واللوائح والقرارات ذات الصلة، والمؤسسات واللجان الحكومية الاتحادية والمحلية المعنية بالإشراف والرقابة والتوعية والتفتيش وإنفاذ القانون، والأنظمة الإلكترونية وقواعد البيانات والقنوات الذكية التي تضمن تنفيذ الرقابة الحكومية وفق أفضل الممارسات، وتدعم فعالية التواصل والشراكة بين الحكومة والقطاع الخاص.
خلال السنوات الماضية، اتخذت الإمارات خطوات مهمة لوضع الإطار القانوني وتحديد المسارات المؤسسية لتطبيق الإجراءات والتدابير التي من شأنها أن تسهم في مواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب والتنظيمات غير المشروعة، فقد صدر المرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 في شأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، ثم صدرت اللائحة التنفيذية رقم (10) لسنة 2019 للمرسوم بقانون اتحادي المذكور أعلاه، ثم القرار الوزاري رقم (58) لسنة 2020 بشأن تنظيم إجراءات المستفيد الحقيقي. ولضمان وجود تشريعات مناسبة لمعالجة الأنماط المتطورة من جرائم غسل الأموال، صدر في 13 سبتمبر 2021 مرسوم بقانون اتحادي رقم 26 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 بشأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة.

تعديلات 
وفيما يعد المرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 أحد الركائز الأساسية في جهود دولة الإمارات لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، فقد عزز المرسوم بقانون اتحادي رقم 26 لسنة 2021 من خلال التعديلات التي تم إدخالها من فعالية الإطار القانوني والمؤسسي للدولة في مجال مواجهة غسل الأموال/مكافحة تمويل الإرهاب.
ووفقاً للمادة الأولى من المرسوم بقانون اتحادي رقم 26 لسنة 2021 بتعديل بعض أحكام المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 بشأن مواجهة جرائم غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب وتمويل التنظيمات غير المشروعة، تم استبدال نصوص المواد (1 و2 و6 و9 و12 و13 و14 و15 و17 و19 و22 و23 و25 و26 و28 و29 من المرسوم بقانون اتحادي رقم 20 لسنة 2018 بنصوص جديدة.

جريمة غسل الأموال
ومن أبرز هذه النصوص ما جاء في نص المادة (2)، فإنه يعد مرتكباً جريمة غسل الأموال كل من كان عالماً بأن الأموال متحصلة من جريمة أصلية أو قام عمداً بنقل أو تحويل المتحصلات أو أجرى أي عملية بها بقصد إخفاء أو تمويه مصدرها غير المشروع، أو أخفى أو موه حقيقة المتحصلات أو مصدرها أو مكانها أو طريقة التصرف فيها أو حركتها أو ملكيتها أو الحقوق المتعلقة بها، أو اكتسب أو حاز أو استخدم المتحصلات عند تسلمها، أو قام بمساعدة مرتكب الجريمة الأصلية على الإفلات من العقوبة.
وأشارت المادة (6) من المرسوم أنه مع عدم الإخلال بما نصت عليه المادة (5) من المرسوم بقانون، لا يتم إقامة الدعوى الجزائية على مرتكب جريمة غسل الأموال أو تمويل الإرهاب أو تمويل التنظيمات غير المشروعة إلا من النائب أو من يفوضه.

وحدة معلومات مالية 
ووفقاً للمادة (9)، تنشأ بالمصرف المركزي «وحدة معلومات مالية» مستقلة، ترسل لها دون غيرها تقارير المعاملات المشبوهة والمعلومات المتعلقة بها من كافة المنشآت المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة ومزودي خدمات الأصول الافتراضية، وتعمل على دراستها وتحليلها وإحالتها إلى الجهات المختصة بشكل تلقائي أو عند الطلب.
ووفقاً للمادة 12 تختص اللجنة بوضع وتطوير استراتيجية وطنية لمكافحة الجريمة واقتراح الأنظمة والإجراءات والسياسات ذات الصلة بالتنسيق مع الجهات المعنية ومتابعة تنفيذها، وتحديد وتقييم مخاطر الجريمة على المستوى الوطني، والتنسيق مع الجهات المعنية والرجوع إلى مصادر المعلومات والجهات الدولية ذات الصلة، وتسهيل تبادل المعلومات والتنسيق بين الجهات الممثلة فيها، وتقييم فاعلية النظام وتمثيل الدولة في المحافل الدولية المتعلقة بمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب واقتراح اللائحة التنظيمية الخاصة بعمل اللجنة. ووفقاً للمادة 13 تتولى الجهات الرقابية كل بحسب اختصاصه مهام الإشراف والرقابة والمتابعة لضمان الالتزام بالأحكام المنصوص عليها في المرسوم بقانون ولائحته التنفيذية والقرارات الرقابية وأي قرارات أخرى ذات الصلة.

جزاءات رادعة
وتشير المادة 14 إلى أنه دون الإخلال بأي جزاء إداري أشد ينص عليه أي تشريع آخر، فإن للجهة الرقابية توقيع جزاءات إدارية على المنشآت المالية والأعمال والمهن غير المالية المحددة ومزودي خدمات الأصول الافتراضية والجمعيات غير الهادفة للربح الخاضعة لرقابتها عند مخالفتها لأي حكم من أحكام المرسوم بقانون ولائحته التنفيذية أو القرارات الرقابية أو أي قرارات أخرى ذات الصلة.وتتضمن الجزاءات الإدارية الإنذار والغرامة الإدارية التي لا تقل عن خمسين ألف درهم ولا تزيد على خمسة ملايين درهم عن كل مخالفة، ومنع المخالف عن العمل في القطاع ذي الصلة بالمخالفة للمدة التي تحددها الجهة الرقابية، وتقييد صلاحيات أعضاء مجلس الإدارة أو أعضاء الإدارة التنفيذية أو الإشرافية ممن ثبت مسؤوليتهم عن المخالفة للمدة التي تحددها جهة الرقابة أو طلب تغييرهم، وتتضمن كذلك إيقاف أو تقييد مزاولة النشاط أو المهنة للمدة التي تحددها الجهة الرقابية وإلغاء الترخيص.

إضافات
وبحسب المادة الثانية من المرسوم بقانون اتحادي رقم 26 لسنة 2021، تُضاف إلى المرسوم بقانون اتحادي رقم (20) لسنة 2018 مواد جديدة بأرقام (16) مكرر و(25) مكرر و(26) مكرر، والتي تنص كما في المادة 16 مكرر على أنه يحظر على أي شخص طبيعي أو اعتباري مزاولة أنشطة مزودي خدمات الأصول الافتراضية أو أي من الأنشطة المالية دون ترخيص أو قيد أو تسجيل بحسب الأحوال من الجهات الرقابية المختصة.
أما المادة 25 مكرر، فتشير إلى أنه يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ثلاثة أشهر وبالغرامة التي لا تقل عن خمسين ألف درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين، كل من حاز أو أخفى أو أجرى عملية لأموال متى كانت هناك دلائل أو قرائن كافية على عدم مشروعية مصدرها، فيما تنص المادة 26 مكرر على أنه «يعاقب بالحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر وبغرامة لا تقل عن مائتي ألف درهم ولا تزيد على خمسة ملايين درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين كل من خالف أحكام المادة 16 مكرر من هذا المرسوم.

  • إسماعيل الزرعوني
    إسماعيل الزرعوني

النشاطات المشروعة 
ويؤكد المحامي علي إسماعيل الزرعوني، المدير الشريك في مكتب هورايزونز للمحاماة، أن دولة الإمارات تولي قضايا غسل الأموال اهتماماً كبيراً نظراً لتشعبها وتأثيرها الأمني والاقتصادي ليس على دولة الإمارات فحسب، بل على العالم أجمع، لأنها قد ترتبط بعمليات الإرهاب وتمويل الإرهاب، مشيراً إلى أن دولة الإمارات وفي ضوء التزاماتها الدولية حدثت القوانين الخاصة بالشفافية في مجال الرقابة المالية والتجارية ومواجهة الممارسات غير السليمة في أنشطة نقل الأموال لمواكبة القوانين العالمية، بما يضمن ترسيخ جاذبيتها كبيئة مناسبة الاستثمارات الحقيقية، ذات المنبع القانوني الصحيح.
وأوضح الزرعوني أنه في حين ترحب الدولة بالنشاط التجاري المشروع، فإن المكاسب غير المشروعة والأموال المشبوهة، لا مكان لها في الاقتصاد المحلي أو الدولي، حيث تقوم الدولة باتخاذ إجراءات حازمة والتدقيق من كثب في أطر العمل المتعلقة بالجريمة المالية المعتمدة من قبل الشركات الخاضعة للرقابة للتحقق من مدى فعاليتها وامتثالها للمتطلبات التنظيمية، مع خضوعها لغرامات مالية كبيرة في حالة عدم الامتثال.

التقييم الوطني للمخاطر
بهدف وضع إطار شامل حول مخاطر غسل الأموال، أجرت الدولة خلال المرحلة الماضية، وبمشاركة الجهات الحكومية المعنية، تقييماً وطنياً للمخاطر، والذي قدم فهماً أعمق لمخاطر وتهديدات جرائم غسل الأموال في بيئة الأعمال، ويُعد هذا التقييم اليوم ركيزة لصياغة السياسات وخطط العمل والإجراءات الرقابية التي تضمن التصدي لجرائم غسل الأموال بناء على نهج قائم على المخاطر، حيث تم إجراء التقييم بناء على 5 معايير رئيسية تتماشى مع المعايير الدولية، وهي: طبيعة النشاط، طبيعة المنتج أو الخدمة، طبيعة العميل، النطاق الجغرافي، طبيعة قنوات تسليم المنتج أو الخدمة.

ضابط امتثال
وفقاً للائحة التنفيذية للمرسوم بقانون اتحادي لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب، فإن أهم مطلب قانوني يجب على منشآت قطاع الأعمال والمهن غير المالية المحددة الالتزام به وتنفيذ ما يترتب عليه من إجراءات، هو تعيين ضابط امتثال،  ومن أبرز المهمات المترتبة على ضابط الامتثال: 
1) تطوير السياسة الداخلية لمواجهة غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب  .
 2) تدريب الموظفين  .
 3) ضمان تنفيذ إجراءات «العناية الواجبة» تجاه العملاء . 
4) رفع تقارير المعاملات والأنشطة المشبوهة عبر نظام وحدة المعلومات المالية goAML.
 5) اتخاذ الإجراءات المرتبطة بمكافحة تمويل الإرهاب والعقوبات المالية المستهدفة 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©