السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الهند.. عملاق اقتصادي صاعد

الهند.. عملاق اقتصادي صاعد
28 فبراير 2022 00:57

عاطف عبدالله (أبوظبي)

تمثل التجربة التنموية الهندية واحدة من أهم التجارب الناجحة في العالم المعاصر، حيث استطاعت أن تحقق تطوراً وقفزات كبيرة في اقتصادها، وأن تصبح قوة اقتصادية ناشئة، تزاحم الاقتصادات المتقدمة لاحتلال المراكز الأولى على مستوى العالم.
خلال السنوات القليلة الماضية، برزت الهند باعتبارها واحدة من أسرع الاقتصادات الرئيسة نمواً في العالم، كما تمكنت الدولة الآسيوية من بناء اقتصاد قوي قائم على المقدرات الذاتية والموارد البشرية المؤهلة والعقول والمواهب الفريدة. 
ومنذ بداية تسعينيات القرن الماضي، تبنت الهند سياسة الانفتاح على العالم، فتمكنت من جذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة، وأصبحت أحد أهم مراكز التصنيع الآسيوية، مما أسهم في تطور اقتصادها بصورة مذهلة، الذي يحتل المركز السادس عالمياً في قائمة أكبر الاقتصادات.

النمو الاقتصاد 
بلغ الناتج المحلي الإجمالي للهند بالأسعار الجارية خلال الربع الأول، (أبريل - يونيو)، من السنة المالية الحالية 2021 - 2022، نحو 694.93 مليار دولار، وفقاً لوزارة الصناعة والتجارية الهندية، التي قدرت نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنحو 21.4% خلال الفترة ذاتها.
أدت عوامل عدة إلى تعزيز نمو الاقتصاد الهندي، منها تعافي الاقتصاد من جائحة «كوفيد - 19» والطفرة التي شهدها قطاعا الصناعات التحويلية والتشييد، ودعم الحكومة لميزانية الولايات، إلى جانب الزيادة في تحصيل الضرائب، إذ بلغ إجمالي إيرادات ضريبة السلع والخدمات نحو 15.21 مليار دولار في أغسطس 2021. وأشاد تقرير البنك الدولي الصادر في أكتوبر الماضي بسرعة استجابة الحكومة الهندية لاحتواء الآثار الناجمة عن «كوفيد - 19»، حيث اتخذت الحكومة والبنك الاحتياطي الهندي (البنك المركزي) العديد من تدابير السياسة النقدية والمالية لدعم الشركات والأسر المتضررة من الجائحة، وتوسيع تقديم الخدمات مع زيادة الإنفاق على الصحة والحماية الاجتماعية، وتخفيف تأثير «الجائحة» على الاقتصاد. وبفضل هذه الإجراءات الاستباقية جزئياً، توقع البنك الدولي أن ينتعش الاقتصاد بصورة قوية في السنة المالية 2022 - 2023، على أن يستقر النمو بعد ذلك عند حوالي 7%.

الاستثمارات المباشرة
عززت الهند جاذبيتها الاستثمارية على مدار السنوات الماضية، إذ بلغ تدفق الاستثمار الأجنبي المباشر 547.2 مليار دولار بين أبريل 2000 ويونيو 2021. من المتوقع أن تجتذب الهند استثمارات بحوالي 100 مليار دولار في قطاع البنية التحتية للنفط والغاز خلال الفترة 2019 - 2023.
وسجل قطاع الأسهم الخاصة استثمارات بقيمة 10.7 مليار دولار عبر 137 صفقة في أغسطس 2021، مسجلاً نمواً بمعدل 5 أضعاف على أساس سنوي. واستثمر مستثمرو المحافظ الأجنبية 2.5 مليار دولار في الهند في أغسطس 2021.
وتُعد الهند رابع أكبر مركز يونيكورن (الشركات الناشئة التي يبلغ رأسمالها مليار دولار) في العالم، مع أكثر من 21 شركة تقدر قيمتها السوقية مجتمعة بـ 73.2 مليار دولار، وفقاً لقائمة هورون يونيكورن العالمية.
بحلول عام 2025، من المتوقع أن يكون لدى الهند حوالي 100 شركة يونيكورن تخلق نحو 1.1 مليون وظيفة مباشرة، وفقاً لتقرير Indian Tech Start-up. 
وفي قراءة للموازنة الاتحادية الهندية، من المرجح أن تزيد النفقات الرأسمالية للسنة المالية 2022 - 2023 بنسبة 34.5% إلى 75.81 مليار دولار لتعزيز الاقتصاد.
على الجانب الآخر، تتمتع الهند بوفرة كبيرة في احتياطي النقد الأجنبي، حيث بلغ رصيد النقد الأجنبي لدى البنك المركزي الهندي نحو 633.5 مليار دولار بنهاية أغسطس الفائت. 

 التجارة الخارجية
قدرت صادرات الهند من السلع والبضائع بين أبريل 2021 وأغسطس 2021 بنحو 164.10 مليار دولار، بزيادة قدرها 67.33% على أساس سنوي. وقُدرت واردات البضائع بين أبريل 2021 وأغسطس 2021 بنحو 219.63 مليار دولار، بنمو سنوي نسبته 80.89%.
وفي هذا السياق، خصصت الحكومة الهندية 7.62 مليار دولار لترويج وتنشيط الصادرات، حيث تخطط لزيادة حجم الصادرات إلى 400 مليار دولار بنهاية السنة المالية 2022 - 2023.
وبالنسبة لسياسة تصدير الحاصلات والمنتجات الزراعية، خصصت الحكومة 29.59 مليار دولار بهدف مضاعفة دخل المزارعين بحلول نهاية عام 2022.

مبادرات حكومية لتعزيز النمو 
أطلقت الحكومة الهندية مبادرة اصنع في الهند Make in India بهدف زيادة مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي إلى 25%، ارتفاعاً من 17% في الوقت الراهن.
وفي هذا السياق، خصصت الهند نحو 27 مليار دولار على مدى خمس سنوات لتعزيز الناتج الصناعي وتوفير المزيد من فرص العمل.
وبلغ حجم الحوافز الممنوحة لقطاع المنسوجات والملابس والأقمشة نحو 1.45 مليار دولار، كما تم تخصيص نحو 3.54 مليار دولار لصناعات السيارات والطائرات من دون طيار لتعزيز القدرات التصنيعية.

الهند الرقمية
كما تم تدشين مبادرة الهند الرقمية، والتي تركز على ثلاثة مكونات أساسية هي: إنشاء البنية التحتية الرقمية، وتقديم الخدمات رقمياً وزيادة محو الأمية الرقمية.
وأطلقت الحكومة الهندية أيضاً إصلاحات رئيسة في قطاع الاتصالات، والتي من المتوقع أن تعزز التوظيف والنمو والمنافسة وحماية المستهلكين.

تسارع وتيرة التصنيع 
خلال الربع الأول من السنة المالية 2022 - 2023، سجلت الصناعة الهندية نمواً بنسبة 20.1% على أساس سنوي، واستعاد قطاع التصنيع أكثر من 90% من مستواه قبل الجائحة وتحديداً خلال الربع الأول من السنة المالية 2020 - 2021. كما سجلت القيمة المضافة الإجمالية الحقيقية للقطاع الصناعي الهندي زيادة بنسبة 18.8% على أساس سنوي في الربع الأول من السنة المالية 2022 - 2023، مسجلة تعافياً بنسبة 92% من مستوى ما قبل «الجائحة» (في الربع الأول من السنة المالية 2020). 
وفي السنة المالية 2021 - 2022، سجلت الهند فائضاً في الحساب الجاري بنسبة 0.9% من الناتج المحلي الإجمالي. ويعزى نمو الانتعاش الاقتصادي إلى جهود الحكومة المستمرة لتسريع تغطية التطعيم بين المواطنين، وقد وفر هذا أيضاً نظرة متفائلة لإحياء الأنشطة الصناعية بشكل أكبر. في أغسطس 2021، بلغ مؤشر مديري المشتريات التصنيعي (PMI) في الهند 52.3 نقطة، فيما استقر مؤشر لإنتاج الصناعي (IIP) لشهر يوليو 2021 عند 131.4 نقطة مقابل 122.6 نقطة لشهر يونيو 2021.
من المتوقع أن تجذب زيادة الإنفاق الحكومي استثمارات خاصة، حيث يوفر نظام الحوافز المرتبط بالإنتاج فرصاً ممتازة، حسب وزارة التجارة والصناعة.  وعلى مستوى التضخم، سجل مؤشر أسعار المواد الغذائية الاستهلاكية 3.11% في أغسطس 2021 مقابل 3.96% في يوليو 2021.
أما مؤشر أسعار المستهلك، فبلغ 5.30% في أغسطس 2021 مقابل 5.59% في يوليو 2021.

الطاقة المتجددة 
تركز الهند على مصادر الطاقة المتجددة لتوليد الكهرباء، وهي تخطط لتوليد 40 % من طاقتها الكهربائية من مصادر الطاقة المتجددة بحلول عام 2030، والتي تبلغ حالياً 30 % ولديها خطط لزيادة قدرتها الإنتاجية من الطاقة المتجددة إلى 175 جيجاوات بنهاية عام 2022. وتماشياً مع ذلك، أطلقت الهند، جنباً إلى جنب مع المملكة المتحدة، «خريطة طريق 2030» للتعاون ومكافحة تغير المناخ.

اتفاقيات الشراكة
في نوفمبر الفائت، بدأت الهند والمملكة المتحدة مفاوضات بشأن اتفاقية التجارة الحرة. من المرجح أن تفتح اتفاقية التجارة الحرة المقترحة بين هذين البلدين فرصاً للتجارة والاستثمارات المباشرة وتخلق المزيد من فرص العمل. ووقعت الحكومة الهندية مذكرة تفاهم بشأن شراكة الهجرة والتنقل مع المملكة المتحدة وأيرلندا الشمالية. كما أبرمت مؤخراً اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة مع دولة الإمارات العربية المتحدة.

التوظيف
تحتاج الهند إلى زيادة معدل نمو العمالة لديها وتوفير 90 مليون وظيفة غير زراعية بين عامي 2023 و2030، من أجل تعزيز الإنتاجية والنمو الاقتصادي وفقاً لمعهد ماكينزي العالمي. ولتحقيق نمو الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 8-8.5 % بين عامي 2023 و2030 يحتاج معدل التوظيف الصافي إلى النمو بنسبة 1.5 % سنوياً خلال الفترة ذاتها.

الاقتصاد الاستهلاكي
من المتوقع أن تكون الهند ثالث أكبر اقتصاد استهلاكي في العالم، وقد يتضاعف استهلاكها ثلاث مرات إلى 4 تريليونات دولار بحلول عام 2025، بسبب التحول في سلوك المستهلك ونمط الإنفاق، وفقاً لتقرير مجموعة بوسطن الاستشارية. من المقدر أن تتفوق الهند على الولايات المتحدة الأميركية لتصبح ثاني أكبر اقتصاد من حيث تعادل القوة الشرائية purchasing power parity (PPP) بحلول عام 2040، وفقاً لتقرير صادر عن شركة PricewaterhouseCoopers، نشره موقع وزارة التجارة والصناعة الهندية.
وعلى أساس دخل الفرد، احتلت الهند المرتبة الـ 145 عالمياً من حيث الناتج المحلي الإجمالي (الاسمي) الـ و122 عالمياً من الناتج المحلي الإجمالي بمؤشر تعادل القوة الشرائية، وفقاً لصندوق النقد الدولي.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©