الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

التبادل التجاري بين الإمارات والهند: حقبة جديدة من الازدهار

التبادل التجاري بين الإمارات والهند: حقبة جديدة من الازدهار
19 فبراير 2022 14:06

أُنجزت المهمة بنجاح، وبدأنا مرحلة استثنائية في العلاقات الاستراتيجية بين دولة الإمارات والهند، وذلك بعد إبرام الاتفاقية التاريخية للشراكة الاقتصادية الشاملة التي شهد مراسم توقيعها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، ودولة ناريندرا مودي رئيس وزراء جمهورية الهند.
ولو ألقينا نظرة إلى الماضي القريب في عام 2021، ثم إلى الإمام صوب عام 2022، لوجدنا أن الدولتين أمام منعطف تاريخي، إذ تحتفل الإمارات باليوبيل الذهبي لتأسيس الاتحاد و«عام الخمسين» ورؤيتها الطموحة للخمسين عاماً المقبلة من النمو والازدهار. وفي الوقت نفسه تحتفي الهند بالذكرى الخامسة والسبعين لنيل استقلالها تحت شعار «آزادي كا أمريت مهوتساف»(إكسير الحرية)، فيما تتقدم بخطى ثابتة في مسيرتها التنموية بعيدة المدى بقوة وثبات متجددين.
وهذه الاتفاقية التاريخية هي نتاج علاقات أخوية وثيقة، ففي عام 2017 اتخذت قيادتا الدولتين الصديقتين قراراً تاريخياً بالارتقاء بالعلاقات إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الشاملة. وأثمر هذا القرار منذ ذلك الحين علاقات ممتدة وتعاوناً ثنائياً وثيقاً ومتعدد الأوجه، انطلاقاً من رؤية مشتركة وتفاهم مستمر، بما يصب في صالح شعبي الدولتين.
وتتطور هذه العلاقات المميزة لتتكيف مع تحديات العالم المعقدة وضبابيته، خصوصاً في أعقاب جائحة كورونا. حيث تمكنت الدولتان من تخطي التحديات المتعلقة بالجائحة. وينصب تركيز الدولتين حالياً على المساهمة معاً في إنعاش الاقتصاد العالمي وتعافيه من آثار الجائحة، بما يحقق التقدم والازدهار ليس لشعبيهما فحسب، بل للعالم أجمع، وذلك عبر المساهمة في إعادة رسم خريطة التجارة والاستثمارات العالمية لتسهيل تدفقها بين أرجاء العالم ولمساعدة الاقتصاد العالمي على العودة لتحقيق النمو المستدام بطريقة أكثر كفاءة.
واليوم تقف الشراكة الاستراتيجية بين الإمارات والهند على مشارف نقلة نوعية. إذ نبحث معاً احتمالات متعددة لتحقيق النمو والتنمية عبر التضافر في حقبة ما بعد جائحة كورونا، ومرة جديدة، لدينا رؤية مشتركة للارتقاء بشراكتنا إلى مستوى أعلى. ستؤسس تلك الرؤية المتبادلة لشراكة مستعدة للمستقبل، مع تركيز خاص على التعاون ضمن أحدث المجالات والقطاعات الناشئة، وتشمل: الاستدامة، والابتكار، والتحول الرقمي، والشركات الناشئة، والأمن الغذائي، وأمن الطاقة، والرعاية الصحية والتكنولوجيا المالية وتنمية المهارات.
منذ خمسة أشهر، عقدنا اجتماعات لإطلاق محادثات هادفة إلى التوصل لاتفاقية شراكة اقتصادية شاملة، بروح متبادلة من الأمل والتفاؤل بالمهمة التاريخية المطروحة أمامنا. وكان هدفنا ألا تقتصر الشراكة على خلق فرص هائلة في مجالي التجارة والاستثمارات، بل إن تسهم كذلك في تحقيق تعافٍ عالمي مستدام في مرحلة حرجة قد تكون مليئة بالتحولات.
ومع مرور الأيام، وخلال جولات التفاوض كانت الرغبة المشتركة في تحقيق التقدم وإنجاز المهمة بنجاح تزداد بهدف توفير شتى أنماط المنفعة لشعبي الدولتين. وهذه الروح البناءة ألهمت مسار المحادثات بين الطرفين، لتتقدم بخطى واثقة وسريعة السرعة، ليتم التوصل إلى الاتفاقية في وقت قياسي، ويتم توقيعها إيذاناً بحقبة جديدة من الازدهار والتعاون الاستراتيجي البناء بين البلدين.
وتتعدد المنافع المباشرة لاتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة بين دولة الإمارات والهند جليّة، فالتجارة البنية غير النفطية ستنمو لتصل إلى 100 مليار دولار سنوياً خلال الأعوام الخمسة المقبلة، كما سيستفيد المصدّرون من إزالة أو تخفيض الرسوم الجمركية، فيما ستؤدي هذه الاتفاقية التاريخية إلى خلق عشرات آلاف الوظائف على مدى السنوات المقبلة، وهو ما يعني أن المواهب والكفاءات عالية التأهيل ستحظى بالمزيد من الفرص.
ومن المتوقع أن تستفيد الشركات الهندية من تحسن الوصول إلى أسواق الإمارات التي تعد مركزاً اقتصادياً رئيسياً مهماً في قطاعات التصنيع والتكنولوجيا المتقدمة والسياحة والخدمات اللوجستية والآلات الصناعية والأجهزة المنزلية والمعادن الثمينة والأحجار الكريمة، فضلاً عن كونها بوابة استراتيجية إلى أسواق الشرق الأوسط وإفريقيا وأوروبا. وسيجد المستوردون من الهند أيضاً سهولة غير مسبوقة في شراء منتجات أساسية مثل البترول والمعادن الثمينة والمعادن والكيماويات والخشب من الإمارات، إذ تعتبر هذه المواد من المنتجات الرئيسية التي نصدّرها إلى الهند.
وبدورها، ستتمتع الشركات الصغيرة جداً والشركات الصغيرة والمتوسطة بحرية كبيرة في توسعة عملياتها عالمياً، إذ تمتلك الإمارات والهند بيئة أعمال جذابة وتنافسية للشركات الناشئة، ونحن نعيش حقبة ذهبية تبرز فيها ريادة الأعمال بشكل ملحوظ في مدن الدولتين. لذا فإن اتفاقية الشراكة الاقتصادية الشاملة ستتيح للشركات إمكانية النفاذ إلى عملاء جدد وشبكات وفرص جديدة، الأمر الذي يعزز احتمالات التوسع السريع. وسوف تتدفق جميع أشكال رأس المال، التقنية والبشرية والمالية، في كلا الاتجاهين، وسنشهد إطار عمل جديداً وأكثر كفاءة.
وترتبط الدولتان بعلاقة وثيقة وفريدة من نوعها في قطاع الطاقة، في ضوء الاستثمارات المتبادلة في كلا البلدين، إذ تعد الإمارات الدولة الوحيدة في العالم المشاركة في احتياطيات الهند الاستراتيجية من النفط.
وكلا البلدين يتبعان سياسات استثمارية وتجارية جديدة أكثر مرونة. وفيما تلعب التجارة الخارجية دوراً محورياً في تحقيق التطلعات الاستراتيجية للإمارات بمضاعفة حجم اقتصادها بحلول عام 2030، تأمل الهند رفع صادراتها إلى 400 مليار دولار بنهاية 2022. ولدى الجانبين مفاوضات متقدمة على عدة مستويات لتعزيز التعاون الاقتصادي مع شركاء يحملون التوجهات ذاتها نحو مستقبل أفضل عماده التنمية المستدامة والشاملة.
ولدى الدولتين أيضاً رؤى استراتيجية مشتركة تقوم على تعزيز دور التجارة العالمية كمحفز للنمو الاقتصادي وتحقيق الاستقرار. ويتشارك البلدان، رغم اختلافهما، من حيث المساحة وعدد السكان، الكثير من نقاط القوة التي تكمّل بعضها البعض، ويمكنهما التعاون والتكامل لما فيه خير العالم والإنسانية، خاصة أن الهند تمتلك خامس أكبر اقتصاد في العالم وتتطلع إلى أن تحل في المركز الثالث بحلول 2050، ويعيش فيها 1.4 مليار نسمة، ولهذا نؤمن بأن منافع هذه الاتفاقية ستتخطى بآثارها الإيجابية حدود بلدينا.
كما نرى حرية التجارة وسيلة مهمة وضرورية لتعزيز التنافسية والإنتاجية. ونؤمن معاً بأن الحمائية، المتمثلة بفرض الرسوم الجمركية والتعقيدات الأخرى، لا ينتج عنها سوى الركود وتراجع مستويات الابتكار. وبالتالي، نحن نوسع آفاقنا مع شركائنا المتطلعين للمستقبل الذين يحرصون معنا على إرساء نظام تجارة مفتوح وشفاف ومنظم.
إن دولة الإمارات والهند لديهما روابط مشتركة تمتد لقرون. وتعزيز هذه الروابط التي توثقها أواصر الصداقة والثقة المتبادلة وروح الريادة التي تميز شعبيهما ستوفر فرصاً لا حدود لها لاقتصاد وشعبي البلدين، حاضراً ومستقبلاً.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©