الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البنوك المركزية تتحصن بالفائدة لكبح التضخم

أرشيفية
6 فبراير 2022 21:15

عاطف عبدالله (أبوظبي)

رغم تسارع انتشار المتحور أميكرون، لم تعد جائحة كوفيد -19 تمثل الهاجس الأكبر للاقتصاد العالمي، بل أصبح التضخم هو التحدي الآن.

معدلات التضخم قفزت إلى أعلى مستوياتها في البلدان المتقدمة والنامية على السواء منذ عقود، وباتت تشكل ضغطاً على البنوك المركزية حول العالم لتشديد السياسة النقدية وتقليص حزم التحفيز السخية التي منحتها للتعافي الاقتصادي من كوفيد، وبالتالي رفع أسعار الفائدة.
مسؤولو البنوك المركزية حول العالم يرون أن كبح جماح التضخم بات الآن يحظى بأولوية متقدّمة على حماية الإنتاج والعمالة أكثر من تداعيات الوباء.
وتعد الفائدة إحدى أدوات السياسة النقدية المتاحة للبنوك المركزية، رغم اختلاف أهداف هذه السياسة من دولة لأخرى، إلا أنها في النهاية ترمي إلى تحقيق الاستقرار في المستوى العام للأسعار الذي يعول عليه في تعزيز النمو الاقتصادي والمحافظة على قيمة العملة الوطنية بالقدر الذي يعزز تنافسية الصادرات.

الفائدة والتضخم
ومن المفترض أن يسمح رفع أسعار الفائدة بتخفيف حدة التضخم عن طريق إبطاء الطلب القوي. وتحدد معدلات الفائدة من البنوك المركزية تكلفة الأموال التي تقرضها البنوك لبعضها البعض، لذا رفعها يجعل الائتمان أكثر تكلفة، فإذا أصبحت القروض أكثر تكلفة، يصبح استهلاك واستثمار الأفراد والمؤسسات أقل.
ولمواجهة التضخم المنفلت، رفعت عدة بنوك مركزية حول العالم أسعار الفائدة خلال عام 2021، والذي شهد زيادات قياسية لمستويات التضخم، فيما تنوي بنوك أخرى رفعها في 2022.

أول زيادتين متتاليتين منذ 2004
وتفصيلاً، كان بنك إنجلترا أول بنك مركزي في مجموعة الدول السبع يرفع أسعار الفائدة ديسمبر الماضي إلى 0.25% من 0.1%، بسبب ضغوط التضخم الذي بلغ أعلى مستوياته خلال عشر سنوات، والناجم عن ارتفاع تكاليف الطاقة ونقص العمالة وعوامل أخرى مع تعافي الاقتصاد العالمي من الوباء.
وفي اجتماع البنك الأسبوع الماضي رفع أسعار الفائدة مرة أخرى إلى 0.5 %، وذلك في أول زيادتين متتاليتين لسعر الفائدة منذ 2004، فيما يعكس رغبة واضعي السياسات الملحة في إظهار أنهم يسيطرون على أزمة ارتفاع تكاليف المعيشة.
في الوقت الذي حذر فيه البنك من أن التضخم سيتجاوز قريباً مستوى 7 %.
ورغم إبقاء بنك إنجلترا على برنامج شراء السندات بحجمه المستهدف 875 مليار جنيه (1.16 تريليون دولار) دون تغيير، فإنه على المدى المتوسط من المحتمل أن يكون تشديد السياسة النقدية ضرورياً، بحسب تصريحات مسؤوليه.
ويتوقع محللون في تقرير نشرته بلومبرج أن يرفع البنك سعر الفائدة بواقع 25 نقطة أساس خلال شهر مايو المقبل، لاحتواء التضخم.

مارس انطلاقة الاحتياطي الفيدرالي نحو الرفع
من جانبه، أشار الاحتياطي الفيدرالي الأميركي (البنك المركزي) إلى أنه من المرجح أن يرفع أسعار الفائدة في مارس المقبل.
وأعاد، في ختام اجتماع للجنته للسياسة النقدية الشهر الماضي، تأكيد خططه لإنهاء مشتريات السندات في ذلك الشهر قبل أن يبدأ خفضاً كبيراً في حيازاته من الأصول.
ورغم الإبقاء على سعر الفائدة الرئيس من دون تغيير حالياً عند 0.25%، قال البنك المركزي «مع تضخم أعلى كثيراً من اثنين بالمئة وسوق عمل قوية، تتوقع اللجنة أنه سيكون من الملائم قريباً رفع النطاق المستهدف لمعدل فائدة الأموال الاتحادية».
سيكون رفع سعر الفائدة هو الأول من نوعه الذي يقوم به البنك المركزي منذ عام 2018، حيث يتوقع العديد من المحللين زيادة ربع نقطة في مارس يتبعها ثلاثة أخرى هذا العام وتحركات إضافية بعد ذلك.
وكان بنك الاحتياطي الفيدرالي رجح في ديسمبر الماضي زيادة أسعار الفائدة 3 مرات في عامي 2022 و2023 من أجل كبح جماح التضخم الذي وصل إلى 7% عند أعلى مستوياته في نحو أربعة عقود.
وتوقع تقرير «ستاندرد تشارترد» زيادتين لأسعار الفائدة الأميركية في النصف الأول من 2022».
الاتجاه نفسه، أيده باتريك هاركر رئيس بنك الاحتياطي الاتحادي في فيلادلفيا، الذي يرى أنه قد يكون من الملائم زيادة أسعار الفائدة الأميركية أربع مرات هذا العام والتحرك بخطى أكثر نشاطاً إذا لم تنحسر العوامل التي تقود ارتفاع التضخم، مثل مشاكل سلاسل التوريد.
المركزي الأوروبي يخشى تكرار خطأ 2011
أما في الاتحاد الأوروبي ومنطقة اليورو، فإن الوضع أكثر تداخلا بين صانعي السياسة النقدية، إذ أبقى البنك المركزي الأوروبي سياسته النقدية من دون تغيير في اجتماعه الأسبوع الماضي، كما أبقى على دعم وفير للاقتصاد.
ولم يعط البنك أي تكهنات سابقة لأوانها برفع أسعار الفائدة، رغم مهمة البنك الرئيسة في الحد من وتيرة التضخم المتسارعة، التي ارتفعت إلى 5.1% الشهر الماضي بمنطقة اليورو مدفوعة بأسعار الطاقة، وتأثير نقص المنتجات والمواد الخام.
وهذا المعدل هو أكثر من ضعف هدف التضخم الذي حدده البنك بنفسه والذي يبلغ 2% كحد أقصى على المدى المتوسط.
ولا يرغب البنك المركزي الأوروبي في تكرار الخطأ التاريخي عام 2011 عندما رفع أسعار الفائدة في مواجهة زيادة في أسعار الطاقة ما أدى إلى تفاقم أزمة الديون الحكومية في منطقة اليورو.

7 مرات لـ«المركزي البرازيلي»
وعلى الجانب الآخر، كان البنك المركزي البرازيلي أكثر البنوك المركزية رفعاً لأسعار الفائدة خلال العام الماضي إذ زادها 7 مرات، المرة الأولى في مارس بنسبة 2.75%، ثم مايو 3.50%، ويونيو 4.25%، وأغسطس 5.25%، وسبتمبر 6.25%، وأكتوبر 7.75%، وإلى 9.25% في ديسمبر، وهو أعلى مستوى منذ منتصف عام 2017.
كما رفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة 6 مرات بدأت في مارس 2021 إلى 4.5%، ثم 5% في أبريل، و5.5% في يونيو، و6.5% في يوليو، و6.75% في سبتمبر، و7.5% في أكتوبر.
فيما زاد البنك المركزي النرويجي، أسعار الفائدة مرتين الأولى في سبتمبر إلى 0.25%، والثانية في ديسمبر إلى 0.50%.

تصحيح في أسواق الأسهم
عادة تتأثر أسواق الأسهم العالمية وأسعار الصرف والذهب بأي تحركات في سعر الفائدة، وهو ما حدث بالفعل. فمنذ الإعلان عن توجه الاحتياطي الفيدرالي رفع الفائدة وتقليص حيازاته من السندات، هبطت مؤشرات بورصة وول ستريت وخضعت تقييمات أسهم النمو والتكنولوجيا لمزيد من التدقيق، إذ شعر المستثمرون بالقلق من تداول الشركات وفق تقييمات عالية بينما من المقرر أن يبدأ «الفيدرالي» رفع أسعار الفائدة لمكافحة التضخم وسحب تدابيره التحفيزية الخاصة بجائحة كورونا. وسجل المؤشر ناسداك لأسهم التكنولوجيا في يناير الماضي أسوأ أداء شهري منذ مارس 2020.
وفي سوق الأسهم الأوروبية خسر المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 3.9 % في يناير الماضي ليسجل أسوأ أداء شهري له منذ أواخر 2020، وسجلت أيضاً أسهم شركات التكنولوجيا أدنى مستوياتها في ثمانية أشهر، متأثرة بالمخاوف المتعلقة بتشديد السياسة النقدية والتضخم.
وفيما يتعلق بالذهب، يعتبر المعدن الأصفر أداة من أدوات التحوط من التضخم، لكن تشديد السياسة النقدية قد يزيد من تكلفة الفرصة البديلة لحيازة الذهب الذي لا يدر عائداً.
ومع ارتفاع عوائد السندات الأميركية يرتفع معها الدولار ويقل الطلب على حيازة الذهب، ما يؤدي إلى تراجع أسعاره في البورصات العالمية.

هبوط كبير في العملات المشفرة
وفي سوق العملات المشفرة، يعتبر الوضع أكثر صعوبة حيث أدى الإعلان عن زيادات أسعار الفائدة إلى هبوط حاد في القيم السوقية وأسعار هذه العملات، نتيجة تراجع الإقبال على الأصول عالية المخاطر.
وفقدت بتكوين، أكبر العملات المشفرة على الإطلاق، يوم 24 يناير الماضي نحو نصف قيمتها مسجلة 33058 دولاراً، وهو أدنى مستوى لها منذ 23 يوليو 2021 لتتكبد خسائر تتجاوز 50 % منذ هبوطها من أعلى مستوياتها على الإطلاق عند 69 ألف دولار في نوفمبر الماضي.
كما تراجعت العملات المشفرة الأصغر التي عادة ما ترتفع وتنخفض مع بتكوين، إذ هبطت عملة إيثر، ثاني أكبر العملات المشفرة في اليوم ذاته 13% إلى 2202 دولار، وهو أدنى مستوى لها منذ 27 يوليو. وانخفضت بينانس كوين، رابع أكبر عملة رقمية، 12%.
وتراجعت شركات تعدين العملات المشفرة المدرجة في الولايات المتحدة ريوت بلوكتشين وماراثون ديجيتال وبت ديجيتال بين 7.3% و12%، في حين انخفضت أسهم كوينبيس جلوبال التي تدير بورصة للعملات الرقمية 7.8%.

كادر
تفاقم ديون البلدان الناشئة والنامية

من جهته، حذر صندوق النقد الدولي من أن ارتفاع معدلات الفائدة بسرعة كبيرة قد يؤدي أيضاً إلى معاقبة البلدان الناشئة والنامية، التي يتم تحديد ديونها بالدولار.
وتقول كبيرة الاقتصاديين في الصندوق النقد الدولي جيتا جوبيناث: «سيكون تحدياً لمحافظي البنوك المركزية هذا العام أن يكونوا قادرين على إيصال الانتقال إلى سياسة نقدية أكثر تشدداً، وعليهم إدارة ذلك بحذر».
وشككت في إمكانية انخفاض التضخم إلى 2%، هدف الاحتياطي الفيدرالي، بنهاية 2022 كما توقعت وزيرة الخزانة الأميركية جانيت يلين خصوصاً.

 

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©