السبت 4 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

شركات عائلية كبرى.. تعزز التنمية الاقتصادية في الإمارات

شركات عائلية كبرى.. تعزز التنمية الاقتصادية في الإمارات
4 فبراير 2022 01:35

سيد الحجار (أبوظبي)

تعد الشركات العائلية محركاً رئيساً للنمو الاقتصادي في الإمارات، وتسهم بدور حيوي في مسيرة التنمية الاقتصادية، في ظل امتلاكها خبرات متراكمة، ومرونة في التعامل مع التطورات، والاستثمار في جميع القطاعات الاستراتيجية بالدولة على مدى عقود.
وتعد الإمارات موطن الشركات العائلية الكبرى بالمنطقة، وقدمت الدولة نموذجاً يحتذى في احتضان الشركات العائلية الناجحة، والتي أسهمت على مدى عقود في دعم ركائز الاقتصاد الوطني، ورفد قطاع التوظيف بالدولة، فضلاً عن نجاحها في جذب العديد من الشراكات والاستثمارات الأجنبية للسوق المحلي، بجانب توسعها بالأسواق المنطقة والعالم بمختلف القطاعات.
تمثل الشركات العائلية في الإمارات 90% من إجمالي عدد الشركات الخاصة في الدولة، وتسهم بحصة تبلغ 40% من الناتج المحلي الإجمالي للدولة، حيث تستثمر في مجالات حيوية متنوعة، وتتوزع أبرز استثماراتها على قطاع العقارات والإنشاءات بنسبة 22%، وتجارة التجزئة بنسبة 19%، والضيافة والسياحة والسفر بنسبة 14%، والصناعة والتصنيع بنسبة 10%، والتكنولوجيا والإلكترونيات بنسبة 8%، والشحن والخدمات اللوجستية بنسبة 7%، بحسب بيانات وزارة الاقتصاد.
واستحوذت الإمارات منفردة على 25% من قائمة «فوربس الشرق الأوسط لأقوى 100 شركة عائلية عربية لعام 2021»، بواقع 25 شركة، فيما تحتضن المملكة العربية السعودية 36 شركة عائلية ضمن القائمة، فيما جاءت الكويت ثالثا بـ7 شركات.
وجاء إصدار قانون حوكمة الشركات العائلية في إمارة أبوظبي مؤخراً، ليبرز أهمية هذه الشركات، وإسهامها في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، حيث يهدف القانون الجديد إلى تطوير وتعزيز البنية التشريعية المُنظمة لعمل الشركات العائلية، وتسهيل انتقال ملكيتها بين الأجيال المُتعاقبة، وضمان اعتمادها على نموذج اقتصادي أكثر مرونة واستدامة وفقاً لأفضل ممارسات الحوكمة العالمية، من خلال تعزيز مساهمة الشركات العائلية في تنويع ونمو اقتصاد الإمارة.
وخلال أغسطس 2020، صدور القانون رقم (9) لسنة 2020 بشأن تنظيم الملكيّة العائليّة في إمارة دبي، بهدف وضع إطار قانوني شامل وواضح لتنظيم الملكيّة العائليّة في الإمارة، وتسهيل انتقالها بين الأجيال المُتعاقِبة بسُهولة ويُسر، والمُحافظة على استمراريّة الملكيّة العائليّة.
وشهدت دبي منتصف العام الماضي الكشف عن إطلاق منصة مسرعات الشركات العائلية، والتي تهدف إلى إحداث نقلة في أداء الشركات العائلية ودخولها أسواقاً جديدة وتعزيز علامتها التجارية وتنمية ثقافة الابتكار وريادة الأعمال لديها، كما تخدم هذه المسرعات قطاع المشاريع الناشئة عبر تعزيز فرصها الاستثمارية وتسريع نموها وتطوير القدرات والمهارات لديها.

مسيرة النهضة
أكد رجل الأعمال أحمد خلف المزروعي، نائب رئيس جمعية المقاولين، أن الشركات العائلية في الإمارات أسهمت على مدى عقود بدور مهم في مسيرة النهضة الاقتصادية والعمرانية والحضارية التي شهدتها الدولة، مشيراً إلى أهمية الاستفادة من خبرات وإمكانيات هذه الشركات في الخطط المستقبلية للتنمية المستدامة في الدولة.

  • أحمد خلف المزروعي
    أحمد خلف المزروعي

وأشار إلى أهمية صدور قانون حوكمة الشركات العائلية في إمارة أبوظبي مؤخراً، في دعم النشاط الاقتصادي بالإمارة، وتعزيز مساهمة القطاع الخاص في التنمية، موضحاً أن استقرار الشركات العائلية وتسهيل انتقال ملكيتها بين الأجيال المُتعاقبة، يسهم في تعزيز النمو الاقتصادي بالدولة.
وأكد المزروعي، أن الشركات العائلية تلعب دوراً مهماً في مسيرة التنمية الاقتصادية بالدولة، حيث نفذت العديد من المشاريع الرائدة بمختلف القطاعات، وفي مقدمتها العقارات والإنشاءات والمقاولات والنفط والغاز والرعاية الصحية والتجزئة والتجارة والسيارات والسياحة والتكنولوجيا، وغيرها الكثير.
ولفت المزروعي إلى الدور المهم للشركات العائلية فيما يتعلق بالتوظيف، حيث تضم هذه الشركات عدداً كبيراً من الموظفين سواء المواطنين أو المقيمين، وهو ما يدعم الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي بالدولة، لاسيما في ظل توجه كثير من الشركات العائلية لاستقطاب المزيد من الكفاءات المواطنة مؤخراً مع إعلان القيادة الرشيدة عن تقديم المزيد من التسهيلات ضمن الحزمة الثانية من «مشاريع الخمسين» لدعم وتمكين الكوادر المواطنة، وتعزيز فرص عمل المواطنين بالقطاع الخاص، عبر تخصيص 24 مليار درهم لاستيعاب 75 ألف مواطن في القطاع خلال السنوات الخمس المقبلة، بمعدل 15 ألف وظيفة سنوياً، ودعم رواتب ومزايا المواطنين في القطاع الخاص.

شريك استراتيجي
من جانبه، قال الدكتور علي سعيد العامري، رئيس مجموعة الشموخ لخدمات النفط والغاز إن الشركات العائلية تشكل قطاعاً مهماً في مسيرة الاقتصاد الوطني، وتعد شريكاً استراتيجياً في مسيرة التنمية الاقتصادية منذ تأسيس الدولة.
وأشار إلى أهمية إصدار قانون حوكمة الشركات العائلية في إمارة أبوظبي مؤخراً، في دعم استمرارية هذه الشركات، وتنظيم أعمالها، وضمان عدم حدوث خلافات بين الورثة والشركاء، موضحاً أن القانون جاء في الوقت المناسب، ما يعزز اقتصاد أبوظبي والإمارات بشكل عام.

  • علي العامري
    علي العامري

وأوضح العامري أن القانون يوفر إطاراً تشريعياً لضمان نمو هذه الشركات واستمراريتها عبر الأجيال، ومواكبتها للتطورات في قطاع الأعمال، لاسيما في ظل نص القانون على إمكانية استقطاب شركاء استراتيجيين من خارج العائلة في حدود 40% من إجمالي رأسمال الشركة، الأمر الذي يتيح للشركات العائلية فرص أكبر للتطور والتوسع.
وأكد العامري أن ضمان استمرارية الشركات العائلية، يسهم في تعزيز الاستقرار الاقتصادي، لاسيما أن الشركات العائلية تسهم بنسبة كبيرة في الاقتصاد الوطني والناتج المحلي، وتعد بمثابة العمود الفقري للاقتصاد المحلي.
وأشار العامري إلى أن استقرار الشركات العائلية يعزز فرص جذب الاستثمارات الأجنبية، من خلال الشراكات الأجنبية، موضحاً أن كثيراً من المستثمرين يفضلون الدخول في شراكات مع الشركات العائلية الكبرى والمستقرة بالدولة.
وتشير بيانات تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى إمارة دبي خلال الأشهر التسعة الأولى من العام 2021، إلى نمو ملحوظ في كافة المؤشرات، حيث وصلت قيمة رؤوس أموال المشاريع المعلنة إلى 15.9 مليار درهم من 378 مشروعاً للاستثمار الأجنبي المباشر، فيما بلغت مشاريع إعادة الاستثمار ما نسبته 11% من إجمالي مشاريع الاستثمار الأجنبي المباشر بالإمارة، كما شهد استحداث الوظائف من الاستثمار الأجنبي المباشر نمواً كبيراً في تلك الفترة ليصل إلى 16.430 وظيفة جديدة، طبقاً لبيانات «مرصد دبي للاستثمار»، الصادر عن مؤسسة دبي لتنمية الاستثمار، إحدى مؤسسات دائرة الاقتصاد والسياحة بدبي.

مشاريع كبرى
بدوره، أشار عدنان إبراهيم المرزوقي الرئيس التنفيذي لـ«جروب إنترناشيونال القابضة» إلى أهمية إصدار قانون حوكمة الشركات العائلية في إمارة أبوظبي، في تعزيز مساهمة هذه الشركات في التنمية الاقتصادية بالدولة، موضحاً أن قطاع الأعمال بأبوظبي استقبل هذا القانون بكثير من الترحيب والتفاؤل، حيث يضع القانون حلولاً لمعظم التحديات التي تواجه الشركات العائلية، لاسيما من حيث الخلافات بين الأجيال المتعاقبة.

  • عدنان المرزوقي
    عدنان المرزوقي

ولفت إلى أن حماية الشركات العائلية من التعثر وضمان استمراريتها، يضمن استقرار الاقتصاد الوطني، لاسيما أن هذه الشركات تباشر تنفيذ مشاريع تنموية كبرى، ولديها مصانع ومعاملات تجارية ومالية قائمة، ومن ثم فإن خروج أو تعثر أي مجموعة كبرى يكون له تأثير سلبي على العديد من الشركات والبنوك العاملة بالسوق، بينما يؤدي استقرار وصلابة هذه المجموعة لاستقرار الاقتصاد ككل.
وأوضح، أن معظم مشاكل وأزمات الشركات العائلية تظهر في الجيل الثاني والثالث مع زيادة أعداد الشركاء، مؤكداً أن قانون حوكمة الشركات العائلية يضمن استمرارية هذه الشركات في دعم اقتصاد الدولة، لاسيما أن كثيراً من هذه الشركات تم إنشاؤها قبل عقود مع تأسيس دولة الاتحاد.
وقال المرزوقي، إن الشركات العائلية على مستوى العالم تلعب دوراً هاماً في اقتصاد العديد من الدول، موضحاً أن الإمارات تعد موطناً للشركات العائلية الكبرى بالمنطقة، حيث قدمت الدولة نموذجاً يحتذى في احتضان الشركات العائلية الناجحة. 

إحصاءات 
تشير إحصاءات مجلس الشركات العائلية الخليجية، إلى مساهمة الشركات العائلية بنحو 70% من إجمالي الناتج العالمي، وتستحوذ على 60% من سوق العمل.
وتشير الإحصائيات العالمية إلى وجود تحد كبير يواجه تلك الشركات في استمرارية أعمالها بعد وفاة المؤسس، إذ تنجح 30% فقط من الشركات العائلية في مواصلة أعمالها مع الجيل الثاني، وتقل النسبة إلى 12% مع انتقالها إلى الجيل الثالث.
وعلى صعيد منطقة الشرق الأوسط، فإن أكثر من 80% من القطاع الخاص «عائلي» ويساهم بنحو 60% من سوق العمل.
ويمثل نموذج الشركات العائلية إحدى ركائز استقرار ونمو الاقتصاد الوطني بدولة الإمارات، حيث تؤدي هذه الشركات دوراً رئيسياً في تعزيز تنافسية بيئة الأعمال ومناخ الاستثمار في الدولة.

منظومة جديدة 
نفذت وزارة الاقتصاد خلال الفترة الأخيرة خطوات محورية جديدة في تطوير منظومة الشركات العائلية في الإمارات، وتعزيز جاذبية بيئة الأعمال، وتوفير ممكنات استمراريتها ونموها ومواكبتها لاتجاهات الأعمال المستقبلية وزيادة مساهمتها في دفع مسيرة التنمية الاقتصادية المستدامة لدولة الإمارات.

ووقعت وزارة الاقتصاد خلال شهر أكتوبر الماضي، مذكرتي تفاهم، الأولى مع «مجموعة ومضة»، لتطوير «منصة الشركات العائلية FB-X» والتي تهدف إلى تعزيز دور هذه الشركات في النمو الاقتصادي للدولة، وضمان استمراريتها عبر الأجيال وتوسعها من خلال تنويع أنشطتها وتبنيها التوجهات الاقتصادية الحديثة والتقنيات الرقمية والتركيز على المجالات المستقبلية وقطاعات الاقتصاد الجديد، حيث توفر المنصة منظومة متكاملة للشراكة بين الشركات العائلية وقطاع الشركات الناشئة ومسرّعات الأعمال والمستثمرين، بإشراف ودعم وزارة الاقتصاد والجهات الحكومية المعنية. وجاءت مذكرة التفاهم الثانية مع مجموعة «Capital Club دبي» لإطلاق مشروع مجموعات عمل جديدة لتبادل الأفكار والرؤى والاطلاع على أفضل الممارسات ومتابعة الاتجاهات العالمية في مجالات الأعمال والاقتصاد، بهدف تطوير سياسات وحلول تنمية بيئة الشركات العائلية في الدولة وتعزيز تنافسيتها، لتكون دولة الإمارات مركزاً رائداً للشركات العائلية من مختلف أنحاء العالم ووجهة جاذبة للشراكات والأنشطة التجارية والاستثمارية التي تنفذها الشركات العائلية.
وأكدت وزارة الاقتصاد أن الشركات العائلية تمثل محركاً رئيسياً من محركات النمو الاقتصادي وريادة وتنافسية بيئة الأعمال في الدولة وتمثل 90% من إجمالي الشركات في الدولة، وتعد ركيزة جوهرية في بنية مختلف الاقتصادات العالمية المعاصرة، وهي أحد محاور الاهتمام الحكومي الحالية والمستقبلية، وذلك إيماناً بأهمية الدور الذي تلعبه في نمو الاقتصاد ومناخ الأعمال والاستثمار، مشيرة إلى أن تطوير بيئة عمل الشركات العائلية بالدولة، يُمثل إحدى المبادرات الرئيسية في خطة اقتصاد الخمسين، وبما ينسجم مع رؤية القيادة الرشيدة للمستقبل ويدعم أهداف مئوية الإمارات 2071.

حوكمة
يهدف القانون الجديد لحوكمة الشركات العائلية في إمارة أبوظبي، إلى تطوير وتعزيز البنية التشريعية المُنظمة لعمل الشركات العائلية وضمان اعتمادها على نموذج اقتصادي أكثر مرونة واستدامة وفقاً لأفضل ممارسات الحوكمة العالمية، من خلال تعزيز مساهمة الشركات العائلية في تنويع ونمو اقتصاد الإمارة. ويتميّز هذا القانون بمنح المؤسسين للشركة العائلية صلاحية حظر بيع الحصص أو الأسهم لأي شخص طبيعي أو معنوي من خارج أفراد العائلة وإصدار حصص أو أسهم خاصة بهم ذات تصويت مزدوج، مع اشتراط موافقة جميع الشركاء قبل تصرف أي شريك في نصيبه أو بيع أسهمه لطرف خارج العائلة. كما ينصّ القانون على منع رهن أصول الشركة العائلية أو ترتيب أعباء عينية قد تؤدي إلى نزع ملكيتها.
ولا تسري أحكام هذا القانون على الشركات إذا زادت نسبة ملكية الشركاء فيها من خارج العائلة على 40% من إجمالي رأسمالها، كما أنه يُطبّق على الشركة فقط بناءً على رغبة مُلاكها أو مؤسسيها الذين تجمعهم ملكية شركة عائلية من خلال طلبٍ يُقدم إلى دائرة التنمية الاقتصادية - أبوظبي، على أن تقوم الدائرة بإصدار اللوائح التنظيمية والإدارية الخاصة بقانون حوكمة الشركات العائلية في إمارة أبوظبي اعتباراً من شهر مارس من العام الجاري.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©