السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإمارات تخطو بثقة لتحقيق الحياد المناخي

الإمارات تخطو بثقة لتحقيق الحياد المناخي
5 ديسمبر 2021 01:01

حسام عبدالنبي (دبي)

لم يأت إعلان دولة الإمارات عن استراتيجيتها للوصول إلى الحياد المناخي بحلول 2050 من فراغ، بل كان تكريساً لجهود الدولة عالمياً في هذا المجال، وأيضاً هو هدف مبني على سجل طويل من الجهود الوطنية لتحقيق الاستدامة أرسى أسسها المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان (طيّب الله ثراه) في سبعينيات القرن الماضي أثناء ذروة الطفرة النفطية، إذ وجّهت القيادة الرشيدة عام 1973 بتأسيس أدنوك للغاز المسال، وتبعها عام 2006 تأسيس «مصدر» التي باتت نموذجاً عالمياً في مجال الطاقة المتجددة، مروراً بتوقيع الدولة على اتفاقية باريس للمناخ عام 2015 وإطلاق استراتيجية 2050 للطاقة، ومن ثم إطلاق مشاريع الريادة في الهيدروجين في العام 2021.
وتمثل المبادرة الاستراتيجية لدولة الإمارات لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050 محركاً وطنياً يهدف إلى خفض الانبعاثات والحياد المناخي بحلول 2050، مما يجعل الإمارات أول دولة في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا تعلن عن هدفها لتحقيق الحياد المناخي، وهي تتماشى مع المبادئ العشرة للخمسين الجديدة، حيث ستوفر المبادرة فرصاً جديدة للتنمية المستدامة والتقدم الاقتصادي، كما تسهم في ترسيخ مكانة الدولة وجهةً مثالية للعيش والعمل وإنشاء المجتمعات المزدهرة. كما تتواءم المبادرة مع أهداف «اتفاق باريس للمناخ» لتحفيز الدول على إعداد واعتماد استراتيجيات طويلة المدى لخفض انبعاث غازات الدفيئة والحد من ارتفاع درجات حرارة الأرض دون الدرجة والنصف مئوية إلى درجتين، مقارنة بمستويات ما قبل الثورة الصناعية.
وعالمياً، يمكن القول إن 90% من دول العالم لديها اليوم أهداف ترتبط بشكل من الأشكال بالحياد الصفري من الانبعاثات الكربونية، حيث تؤكد الدراسات العالمية أن تحقيق الحياد المناخي يعتمد وبشكل كبير على التحول الرقمي وتوظيف التقنيات المتقدمة. 

  • مصادر الطاقة النظيفة تسرع الخطى لتحقيق استراتيجيات الدولة
    مصادر الطاقة النظيفة تسرع الخطى لتحقيق استراتيجيات الدولة

الهيدروجين الأخضر والحياد المناخي
اعتمدت دولة الإمارات برامج عديدة للنهوض بقطاعاتها الاقتصادية كافة، وفي مقدمتها استراتيجية الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة التي تتطلع لمضاعفة مساهمة الصناعة في الناتج المحلي بحلول 2031، وتدعم أيضاً جهود الدولة لخفض الانبعاثات الكربونية وضمان الاستدامة وتوفير الحلول الذكية التي سيقدم لها مصرف الإمارات للتنمية تمويلات كبيرة لدعمها وتنميتها.
وتحرص الشركات الإماراتية على عقد شراكات من أجل تحقيق مفهوم الاستدامة، حيث تعد اتفاقية التعاون الاستراتيجي في مجال الاستدامة الموقعة مؤخراً بين شركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل «مصدر» وشركة «BP» من أبرز النماذج على ذلك، مستهدفةً تطوير مركزين للهيدروجين النظيف في كل من دولة الإمارات والمملكة المتحدة بطاقة إنتاجية تبلغ 2 غيغا واط. 
ومن المعروف أن انخفاض تكاليف إنتاج الهيدروجين الأخضر سيلعب دوراً هاماً في جهود تحقيق الحياد المناخي حال تطبيقه على نطاق واسع.
وقال خالد المهيدب، نائب الرئيس الأول لأعمال الهيدروجين في شركة بترول أبوظبي الوطنية «أدنوك»، خلال مشاركته في جلسة «من الطاقة إلى الازدهار: تطوير اقتصاد شامل ومستدام يعتمد على الهيدروجين» والتي عقدت خلال فعاليات القمة العالمية للصناعة والتصنيع، إن دولة الإمارات وشركة أدنوك جهات رائدة في الطاقة النظيفة وجهود الحد من الانبعاثات الكربونية.
وأكد أن الأهم من التركيز على نوع الهيدروجين الذي سيتم إنتاجه، سواء كان هيدروجيناً أخضر أو أزرق، هو التركيز على مساهمته في خفض انبعاثات الكربون. وأشار إلى أن إنجاز التحول نحو الطاقة النظيفة والهيدروجين يتطلب تعاون جميع الجهات ذات العلاقة لتحقيق الأهداف الطموحة لخفض الانبعاثات الكربونية، داعياً حكومات العالم إلى توحيد الجهود لوضع هيكل قانوني موحد للهيدروجين من أجل تعريفه وحوكمته، بما يسمح بتطوير الإنتاج والتوسع به.
الحياد الكربوني في الطيران
يساهم قطاع الطيران العالمي بما نسبته 2% من انبعاثات الغازات المسببة للاحتباس الحراري، وفي الوقت ذاته تساهم صناعة الطيران بأكثر من 3.5% من الاقتصاد العالمي، ما يتطلب إيجاد التوازن بين تكاليف السفر من جهة وضرورات الحفاظ على البيئة والوصول إلى الحياد المناخي من جهة أخرى.
ويستهدف الاتحاد الدولي للنقل الجوي، وصناعة الطيران المدني، ومجتمع طيران الأعمال العالمي خفض الانبعاثات بنسبة 50% بحلول عام 2050.
وقد قامت شركة الاتحاد للطيران، بتجربة مميزة قبل أيام قليلة، لتؤكد التزامها بمواصلة العمل على تحقيق أهداف الحياد المناخي، حيث استطاعت تنفيذ رحلة من لندن هيثرو إلى أبوظبي مع انبعاثات ثاني أوكسيد كربون أقل من الحد العادي بنسبة 72%. كما يمثل التعاون بين شركتي «رولز رويس» البريطانية و«سند الإماراتية» نموذجاً مثالياً للتعاون المشترك من أجل خفض انبعاثات الكربون في قطاع الطيران التجاري، 
ويؤكد الخبراء ضرورة موازنة جهود الحفاظ على البيئة في قطاع الطيران مع جهود خفض كلفة مصادر الطاقة البديلة لتناسب المسافرين، والعمل على إتاحة الرحلات الجوية للجميع، مشيرين إلى أن الهدف الحالي يجب أن يكون هو خفض الانبعاثات، مع الحرص على عدم التأثير على تكلفة السفر، خاصة أن هدف الحياد المناخي قد يكون طويل الأمد.

الأبنية صديقة البيئة
ويعد قطاع الإنشاءات من أكثر القطاعات تسبباً في انبعاثات الكربون الضارة وبنسبة تقارب 40% عالمياً، ولذلك فإن تبني أنظمة بناء خضراء وصديقة للبيئة هو أهم الحلول لمواجهة تلك المسألة، وقد سنت الدول العديد من القوانين لتشجيع الأبنية الخضراء للوصول إلى الحياد المناخي الكامل في القطاع الصناعي، دون أن يؤثر ذلك على نمو الأعمال. 
ويرى روب جاكسون، مدير تطوير الأعمال لدى شركة «أسايت»، أنه من الضروري استخدام التكنولوجيا المتقدمة من أجل خفض الانبعاثات في كافة مراحل الإنشاء، وهي التخطيط والتصميم والبناء والإدارة، من أجل تسريع تحقيق أهداف الحياد المناخي.
ويقول أنس باتاو، مدير مركز التمييز في الأبنية الذكية لدى جامعة هيريوت وات دبي، إن قطاع البناء مساهم رئيسي في الانبعاثات الغازات الضارة ليس بسبب طريقة البناء فحسب، بل بسبب طريقة إدارة الأبنية، مؤكداً الحاجة إلى تضافر الجهود على كل المستويات بين القطاعات الحكومية والخاصة والأكاديمية، للوصول إلى حلول لخفض الأثر السلبي لقطاع الإنشاءات على البيئة. أما جوناثان هولياك، مدير برنامج الحياد الكربوني لدى شركة أتكنز، فأشار إلى أن القضية لا ترتبط بالأبنية الجديدة فحسب، بل بالأبنية القائمة حالياً، لأنها المسؤولة عن النسبة الأكبر من الاستهلاك الضار بالحياد المناخي، داعياً إلى وجوب التفكير في التغييرات الممكن إجراؤها على الأبنية القائمة لتصبح أكثر صداقة للبيئة.

مصادر الطاقة النظيفة
أكدت هيئة كهرباء ومياه دبي، أنها تعمل على تحقيق رؤية وتوجيهات القيادة الرشيدة، حيث تسعى لتحقيق استراتيجية دبي للطاقة النظيفة 2050 ومبادرة الحياد الكربوني لإمارة دبي لتوفير 100% من القدرة الإنتاجية للطاقة من مصادر الطاقة النظيفة بحلول العام 2050. ومن أهم مشروعاتها لتحقيق ذلك، مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية الذي يعد أكبر مشاريع الطاقة الشمسية في العالم في موقع واحد، وفق نظام المنتج المستقل، وبقدرة إنتاجية ستصل إلى 5000 ميجاوات بحلول 2030.
وفي هذا الإطار أطلقت الهيئة مبادرات ومشاريع رائدة لتنويع مصادر إنتاج الطاقة النظيفة، والتي شملت كل تقنيات الطاقة النظيفة والمتجددة في إمارة دبي كتقنية الألواح الكهروضوئية والطاقة الشمسية المركزة، وإنتاج الهيدروجين الأخضر باستخدام الطاقة الشمسية، وتقنية الطاقة المائية المخزنة في مشروع المحطة الكهرومائية في حتا باستخدام الطاقة النظيفة، ومشروع توليد الكهرباء من خلال الاستفادة من طاقة الرياح. 
ويمثل مشروع «الهيدروجين الأخضر» الذي دشنته الهيئة في مجمع محمد بن راشد آل مكتوم للطاقة الشمسية في دبي، أحد ركائز مستقبل مستدام يعتمد على تسريع الانتقال إلى الحياد الكربوني والوصول إلى الاقتصاد الأخضر من خلال تطوير قطاع التنقل الأخضر، والحد من الانبعاثات الكربونية في مختلف الصناعات، وهو المشروع التجريبي الأول من نوعه في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لإنتاج الهيدروجين الأخضر، ومصدراً واعداً للطاقة ومن بين المصادر الصديقة للبيئة، ويتم إنتاجه بشكل أساسي عن طريق التحليل الكهربائي للمياه من الطاقة المتجددة. 

«أسواق ائتمان الكربون»
تتضمن جهود الحد من انبعاثات الكربون عالمياً، ظهور مصطلح «أسواق ائتمان الكربون» لأول مرة في العام 1997 حينما استخدمته الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التابعة للأمم المتحدة، ضمن جهود الحد من انبعاثات الكربون عالمياً. ويصب نمو أسواق ائتمان الكربون في صالح البيئة في كل الحالات، ففي حال التزام الشركات والمصانع ستنخفض انبعاثات الكربون، وفي حال عدم التزامها ستدفع غرامات يمكن استخدامها للتوسع في مشاريع الطاقة المتجددة والحفاظ على الغابات.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©