الأربعاء 24 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

بريطانيا.. إنقاذ الاقتصاد بالضرائب

بريطانيا.. إنقاذ الاقتصاد بالضرائب
12 سبتمبر 2021 00:24

«لا يمكننا دفع ثمن التعافي، دون اتخاذ قرارات صعبة»
بوريس جونسون، رئيس وزراء بريطانيا

القرارات التي يعتبرها رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون صعبة، هي تلك التي تدفع الضرائب بكل أشكالها إلى الأعلى. وهذه القرارات التي اتخذها بالفعل، ويبدأ تنفيذها العام المقبل، شكلت صدمة في أوساط الأعمال والاستثمارات بالطبع، لكنها تسببت بصدمة كبيرة جداً في ميدان حزب المحافظين الحاكم، المعروف برؤيته الاقتصادية القائمة على خفض الضرائب لاستقطاب مزيدٍ من الأعمال والاستثمارات. فلم يكن غريباً الهجوم الذي تعرضه له جونسون من قيادات حزبه بهذا الخصوص. حتى أن أحد هؤلاء اعتبر أن رئيس الوزراء يحول حزبه إلى «حزب عمال»، في إشارة إلى أن الاستراتيجية الاقتصادية للحزب المعارض تقوم أساساً على رفع الضرائب إلى مستويات عالية. ويبدو واضحاً، أن الأزمة الاقتصادية التي خلفتها جائحة «كورونا»، ضربت حتى المبادئ التي تقوم عليها الأحزاب في كل أنحاء العالم.
المشكلة التي تواجهها المملكة المتحدة، تكمن في أن رفع الضرائب على العاملين وأرباب العمل، وبعض المستثمرين، يأتي في وقت تحتاج فيه البلاد إلى إجراءات معاكسة، لتعويض ما فقدته من استثمارات نتيجة خروجها من الاتحاد الأوروبي «بريكست». 
ففي الأشهر الماضية خرجت استثمارات أجنبية من بريطانيا لتعود إلى البر الأوروبي، مع تراجع الامتيازات بفعل هذا الخروج. و«النزوح» الاستثماري يتواصل بصورة أو بأخرى. ومع فرض ضرائب جديدة في هذا الميدان، ستتصاعد وتيرة تحويل الاستثمارات إلى بلدان ضمن الاتحاد الأوروبي. هذه الضرائب ستزيد فعلياً تكلفة امتلاك الأسهم في بلد يفخر بأنه يحتضن أهم سوق مالية في العالم. دون أن ننسى، أن لندن فقدت هذا العام تاج تداول الأسهم الرمزي أمام أمستردام الهولندية، ما يُعرض لاحقاً مكانة هذه المدينة على هذه الساحة.
بالطبع ليست هناك حلول جاهزة لتعويض الإنفاق الذي قدمته الحكومة البريطانية خلال جائحة «كورونا». ففي بلدان تعتمد اقتصاد السوق، لا شيء أسهل من رفع الضرائب لسد الإنفاق والديون التي تجاوزت في المملكة المتحدة حجم ناتجها المحلي الإجمالي. لكن التكاليف السياسية على الحزب الحاكم ستكون كبيرة في الانتخابات العامة، علماً بأن الحكومة تمكنت من تمرير قرار رفع الضرائب على مجلس العموم، لأنها تسيطر على أغلبية مريحة في هذا المجلس. ستنفق الحكومة الجزء الأكبر من العوائد الضريبية الجديدة على خدمة الصحة الوطنية، ودور رعاية المسنين، ولاسيما بعد أن أظهرت «ضربات» الجائحة فجوات كبيرة في مجال هذه الخدمات، وذلك بسبب شح الإنفاق عليها طوال السنوات الماضية.
وبصرف النظر عن أي مبررات، تمثل الضرائب الجديدة في المملكة المتحدة، ضربة للحكومة، حتى ولو كان الهدف منها هو إنقاذ الاقتصاد الوطني المثقل بالديون. فهي تأتي في وقت كان على البلاد أن تعرض نفسها فيه بصورة أكثر جاذبية من بقية دول الاتحاد الأوروبي، وهي تبحث عن استثمارات وعلاقات تجارية واقتصادية خارج نطاق الكتلة الأوروبية، توفر لها مرونة لم تتحقق حتى الآن.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©