الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الشركات تواجه ديوناً بنحو 11 تريليون دولار

الشركات تواجه ديوناً بنحو 11 تريليون دولار
4 يوليو 2021 00:50

حسونة الطيب (أبوظبي)

قبل انتشار وباء «كورونا»، دأبت الشركات الأميركية على الاقتراض بفوائد متدنية، لكن وحينما أفضت إجراءات الإغلاق إلى كساد اقتصادي، لم تعِ هذه الشركات الدرس، بل زادت من وتيرة الاقتراض وقلصت نسب السداد. وبعد ارتفاع وجيز، تراجعت أسعار الفائدة على ديون الشركات لمستويات قياسية، لينجم عن ذلك، ارتفاع في إصدار سندات جديدة.
أصدرت الشركات غير المالية، نحو 1.7 تريليون دولار من السندات في أميركا في 2020، بزيادة تقارب 600 مليار دولار عن آخر عملية ارتفاع. وبلغت هذه الديون بنهاية شهر مارس من السنة الماضية، 11.2 تريليون دولار، ما يساوي نصف حجم الاقتصاد الأميركي تقريباً، بحسب الاحتياطي الفيدرالي.
وعادت هذه الأموال ذات الفائدة المنخفضة، بالنفع على النشاطات التجارية بكافة أنواعها المختلفة، حيث ساعدت مشغلي السفن السياحية وشركات الطيران ومرافق الترفيه، على التصدي لتداعيات الوباء، من خلال تعويض شح الإيرادات، بالسيولة النقدية التي تحصل عليها من مبيعات السندات. كما سمحت للأعمال التجارية المنتعشة، بجمع السيولة النقدية، وتوفير المال عبر إعادة تمويل الديون القديمة. كما عززت موقف الشركات التي كانت تعاني حتى قبل اندلاع الوباء، لتخفيف تهديد الإفلاس، من خلال إصدار دين طويل الأجل. 
والسؤال المطروح الآن، هو ما إذا كانت الشركات قد أجلت جرد حساباتها. ونجحت الشركات المثقلة بالديون في التصدي لركود السنة الماضية بشكل أفضل بكثير مما كان يخشاه الكثيرون. لكن شكل ذلك الركود، وبمقاييس مختلفة، صدمة عنيفة للاقتصاد العالمي، شبيهة بالكارثة الطبيعية، أكثر من كونه مجرد كساد عادي. ورغم الحماس الحالي، إلا أن العديد من مديري المال والمستثمرين، يرجحون إمكانية مواجهة الأعمال التجارية لركود عادي يسهم في رفع تكلفة الاقتراض لفترة طويلة من الوقت ويؤثر بشدة على ميزانيات الأسر. 
من بين أكبر المقترضين إبان فترة جائحة «كورونا»، تلك الشركات التي طالها النصيب الأكبر من تأثيرها. وبلغت ديون كارنيفال كورب، أكبر شركة في العالم لتشغيل السفن السياحية، نحو 33 مليار دولار حتى نهاية فبراير الماضي، أكثر بما يقارب ثلاث مرات ما كانت عليه نهاية 2019. وزادت ديون شركة بوينج، بأكثر من الضعف خلال تلك الفترة، وذلك لنحو 64 مليار دولار، بينما تضاعفت ديون دلتا لنحو 35 مليار دولار، بحسب «وول ستريت جورنال». 
وفي الوقت الذي تعافى فيه طلب المستثمرين لديون الشركات، أصبح اقتراض الأموال أكثر سهولة. وتمكنت على سبيل المثال، «كارنيفال»، من الحصول على قروض من المستثمرين، بزيادة 5 مرات مما كانت عليه في الماضي، لتصدر بذلك سندات غير مضمونة بقيمة 3.5 مليار دولار، بسعر فائدة قدره 5.75%. 
سجل إصدار سندات الشركات الأميركية، ارتفاعاً قياسياً أثناء فترة «كوفيد-19»، مدفوعاً بانخفاض تكلفة الاقتراض، ليقارب المجموع الكلي لاقتراض الشركات الأميركية، نصف حجم اقتصاد البلاد. 
تضافرت العديد من الأسباب التي ساهمت في هذا الانخفاض، من بينها تراجع معدلات التضخم وانخفاض نسبة النمو الاقتصادي، ما حد من مقدرة الاحتياطي الفيدرالي، على رفع أسعار الفائدة، دون أن يقحم الاقتصاد في دائرة الركود. 
تدافع المستثمرون الباحثون عن المزيد من الأرباح، نحو شراء الأصول المحفوفة بالمخاطر، ما برز عنه حقبة طويلة من بيع الديون. كما زاد الوباء هذا التوجه السائد، لمستويات قياسية، ليبحر الاحتياطي الفيدرالي في مياه جديدة عبر شراء سندات الشركات، ما زاد من قوة ثقة المستثمرين.
وبعد تسجيله رقماً قياسياً في السنة الماضية، يظل إصدار سندات الشركات قوياً هذا العام، والسندات عالية المخاطر، في طريقها لتسجيل رقمها القياسي الخاص.
بلغ متوسط أرباح السندات الاستثمارية للشركات عند بداية 2020، نحو 2.84%، سعر الفائدة الذي يترتب على الشركات دفعه عند إصدار سندات جديدة. ارتفع هذا السعر عند ذروة الوباء، لنحو 4.6%، ليسجل رقماً قياسياً في الانخفاض إلى 1.74%، نهاية 2020.
تجاوزت ديون شركة «أيه تي آند تي» الأميركية حتى نهاية مارس الماضي، ديون أي شركة مالية أخرى في العالم، لتعلن مؤخراً التخلص من قسم الإعلام وأصول شبكات التلفزيون مدفوعة القيمة، التي ربما تسهم في خفض ديونها بأكثر من 50 مليار دولار. 
يبدو أن ما تقوم به الشركات في الوقت الحالي، عبارة عن محاولة مملوءة بالنشاط، بُغية تحسين ميزانياتها، ما يبعث على الطمأنينة في القلوب، بيد أنه من الضروري إدراك حقيقة وجود مستوى قياسي من الديون التي تستوجب السداد.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©