عدد اليوم
«العملات المشفرة، هي احتيال على الدولار، ويجب اتخاذ الإجراءات المشدد لمراقبتها» دونالد ترامب، الرئيس السابق للولايات المتحدة
لنترك جانباً التذبذب المخيف لقيمة العملات المشفرة، فقد اعتادت السوق الصعود السريع والهبوط الأسرع لها. البنوك المركزية تسير بخطوات متسارعة لإصدار العملات الرقمية الخاصة بها، وهذا ما أكده مسح جديد لبنك التسويات الدولية، الذي أشار إلى أن 90% من هذه البنوك، تعمل بالفعل لإصدار عملاتها، بمن فيها البنك المركزي الأوروبي الذي تشجع رئيسته كريستين لاجارد هذه الخطوات، وتطالب أصلاً بضرورة احتواء العملات المشفرة الموجودة حالياً. ورغم توجه البنوك المركزية في هذا المسار، إلا أن الأمر يتطلب وقتاً يُعد بالسنوات، لكي يشهد العالم ولادة عملات رقمية رسمية، تستند إلى معايير توفر الأمان والمصداقية، إلى جانب ضمان استقرار القيمة الحقيقية لهذا النوع من العملات، كما أنها ستساهم في الحد من عمليات غسل الأموال التي تتم عبر العملات المشفرة الحالية.
اللافت في حراك البنوك المركزية حول العالم، أن بنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي انضم أخيراً إلى موجة التحضير لإصدار العملات الرقمية، ما يوفر قوة دفع في هذا الميدان، الذي يبدو واضحاً أن السوق العالمية لا يمكنها الاستغناء عنه في المستقبل. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا تُترك عملات تحوم حولها الشكوك وعدم الاستقرار في هذا الميدان وحدها. ووفق آخر المؤشرات، سجلت القيمة المجمعة لسوق العملات المشفرة أكثر من 1.7 تريليون دولار، في حين وصلت القيمة السوقية المجمعة للعملة الأكبر «بيتكوين» إلى ما يزيد على 756 مليار دولار الأسبوع الماضي. والمثير أن هذه العملة التي فقدت نصف قيمتها الشهر الماضي بتصريح من أيلون ماسك رئيس شركة «تيسلا» لصناعة السيارات الكهربائية، عادت لتحقق مكاسب بأكثر من 20% بتصريح ثانٍ له حول إمكانية اعتماده «بيتكوين» في بيع منتجات شركته.
سوق العملات المشفرة لن تعرف الاستقرار على الإطلاق، إذا ما استمرت الأمور على هذا النحو. وهناك تحذيرات مستمرة من جانب البنوك المركزية المحورية حول العالم، بشأن الاستثمار في هذه العملات، لا سيما أنها لا تزال خارج الرقابة التنظيمية، فضلاً عن صعوبة متابعتها حتى من الجهات الأمنية في هذا البلد أو ذاك. ومن هنا، تتلقى البنوك المركزية تشجيعاً تلو الآخر من المسؤولين في بلدانها ومن المؤسسات الاقتصادية الدولية، بالمضي قدماً نحو إصدار عملاتها الرقمية، ليس فقط لمواجهة متطالبات المرحلة المقبلة على صعيد النظام المالي العالمي، بل للحد من المخاطر الناجمة عن «المشفرة». دون أن ننسى، أن العملات التي ستصدرها البنوك المركزية مستقبلاً، ستطلقها وفق الأسس التي قامت عليها العملات الورقية التقليدية. ورغم أن البعض يعتقد أن عملات هذه البنوك لن تنافس العملات المشفرة، لكن الواقع يشير إلى عكس ذلك، فكثير من المتعاملين بالعملات المشفرة، أبدوا رغبتهم بتداول العملات الرقمية العائدة للبنوك المركزية في المستقبل، نظراً للأمان الاستثماري الذي توفره هذه المصارف، والأمر ليس كذلك بالنسبة للعملات الموجودة بالسوق حالياً.
