الخميس 9 مايو 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

البطالة الأيديولوجية

البطالة الأيديولوجية
16 يونيو 2021

في الحضارة المادية، اختلفت وجهة نظر البطالة فكرياً في خضم التحولات الأيديولوجية، إنها بالطبع إحدى القضايا المركزية التي يوليها صانعو القرار وخبراء السياسات أهمية كبيرة لما لها من آثار اجتماعية واقتصادية وسياسية. تتأثر بالانكماش والتوسع للنشاط الاقتصادي. عندما يحدث الانكماش، ترتفع معدلات البطالة والعكس صحيح. ومع ذلك، نلاحظ إحصائيًا، لم تعد تتأثر بحركة الدورة الاقتصادية، مما يجعلها مشكلة هيكلية، تتزايد عامًا بعد عام.
تناولت الأدبيات العلمية والفكرية مشكلة البطالة من جوانبها المختلفة. وهكذا، أعطت المدرسة الكلاسيكية البعد السياسي والاجتماعي أهمية مركزية في تحليلاتها، لا سيما قضايا توزيع الدخل والصراعات حولها، ودور الحكومة والطبقات المعارضة، وبالتالي احتلت مشكلة البطالة عمقًا تحليليًا، نتيجة الأبعاد التي قد تسببها في الاختلالات السياسية والاجتماعية.
أما المدرسة الكينزية التي أحدثت ثورة في عالم الاقتصاد السياسي نتيجة أفكارها المتعلقة بالتوظيف وسعر الفائدة والنقود، كما وصفها الاقتصاديون بأنها نظرية الكساد والبطالة، كان الأخير هو القضية المركزية لإنقاذ النظام الرأسمالي من عواقبها وضمان التوظيف الكامل بعد الكساد الكبير.
بينما تتمحور الليبرالية الجديدة أيديولوجيًا كمفهوم واضح للعالم المادي، وتدعو الحكومة الأفضل، الأقل تدخلاً، إلى التخلي عن التزاماتها مثل برامج الرعاية الصحية، وإعانات البطالة، وما إلى ذلك، والسماح للسوق بالعمل بحرية. ومن بينها، ظهر اتجاه أيديولوجي مفاده أن العاطلين عن العمل فشلوا في التكيف مع سوق العمل والظروف التنافسية، وأن البطالة مشكلة ضحاياها، وهم من يبحثون عن حل لها.
في سياقنا الوطني، تواجه قضية البطالة وتوطين الكوادر الوطنية تحديات ليس فقط بسبب تداعيات التغيرات الاقتصادية الهيكلية والسياسات المتبعة، ولكن أيضًا بسبب التغيرات الديموغرافية، مثل الزيادة السكانية، والتعددية الثقافية، والعلم والمعرفة، ونسبة مشاركة المرأة في سوق العمل.
تحليلياً، فإن حجمنا بالنسبة إلى عدد السكان محدود. ثانياً، يعتبر اقتصاد الدولة من الاقتصادات الطموحة والقوية التي تواكب التطورات في الاتجاهات الاقتصادية على جبهات متعددة، وليس ذلك فحسب، فهناك استثمارات محلية وأجنبية كبيرة ودور القطاع الخاص رافد لمسار تنمية الدول. وبالتالي، فإن وجود ظاهرة العاطلين عن العمل لا يبرره السياق الاقتصادي، ناهيك عن السياقات الاجتماعية والأمنية وغيرها، وأهمية الاستفادة من ثروة الأمة في روافد الطموح الوطني.
باختصار البطالة والتوطين يحتاجان إلى سياسات وحزم فاعلة تواكب الرؤية الطموحة وترتقي إلى مستويات الإنجازات التي حققتها الدولة على كافة المستويات وفي كافة أبعادها التنموية من خلال كوادرها البشرية. والابتعاد عن أيديولوجيات البطالة التي تدفع في الاتجاه المعاكس للعلاقة الاجتماعية التكافلية والمساحة الممنوحة للمشاركة في الإنتاج والشعور بالاستقرار والأمن والانتماء.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©