السبت 20 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإمارات تقود جهود تحويل النفايات إلى طاقة نظيفة

الإمارات تقود جهود تحويل النفايات إلى طاقة نظيفة
30 مايو 2021 01:20

حسام عبدالنبي (دبي)

تقود دولة الإمارات جهوداً عالمية حثيثة في مجال إنتاج الطاقة من النفايات وتحويل النّفايات الصلبة إلى طاقة نظيفة، حيث تُعتبر تكنولوجيا توليد الطاقة من النفايات أكثر وسيلة آمنة وفعّالة لمعالجة النفايات البلدية الصلبة بشكل مستدام. وشملت جهود الدولة في هذا المجال إنشاء أحدث وأكبر منشآت تحويل النفايات إلى الطاقة عالمياً، بهدف معالجة النفايات البلدية الصلبة والنفايات التجارية والصناعية وفقاً لأعلى المواصفات ومعايير الاستدامة المعتمدة عالميّاً. كما تم إطلاق «سياسة إنتاج الطاقة من النفايات» في أبوظبي، بهدف دعم التحول نحو اقتصاد أكثر استدامة، من خلال تعزيز دور وأهمية الاقتصاد الدائري، إذ تتجاوز إمكانات السوق العالمية للاقتصاد الدائري نحو تريليون دولار (3.67 تريليون درهم).
وبحسب تقديرات يوم الأرض العالمي، فإن ما يقارب على 40 % من النفايات في العالم ينتهي بها المطاف في مكبات لا تخضع لأي نوع من الإشراف أو الإدارة، وتفيض منها كمية كبيرة من النفايات مباشرة نحو المحيطات، وتعني هذه المشكلة المتنامية المتمثلة بسوء إدارة النفايات أنه بحلول عام 2025، ستسهم مكبات النفايات بنسبة 8-10 % من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري عالمياً، وبحلول عام 2050 فإن وزن النفايات في المحيطات والبحار سيزيد على إجمالي عدد الأسماك فيها.

وفي هذا الإطار، أعلنت دائرة الطاقة في أبوظبي إطلاق «سياسة إنتاج الطاقة من النفايات» في الإمارة؛ بهدف دعم تحول إمارة أبوظبي نحو اقتصاد أكثر استدامة، من خلال تعزيز دور وأهمية الاقتصاد الدائري. وتأتي سياسة إنتاج الطاقة من النفايات في إطار حرص دائرة الطاقة في أبوظبي على تعزيز استراتيجيات أبوظبي في قطاع الطاقة وقطاع إدارة النفايات، ودراسة الاستثمارات الاستراتيجية التي تؤثر في العرض والطلب المحلي لقطاع الطاقة، وتنظيم الرسوم والتعريفات والأسعار في القطاع. وجاء إطلاق سياسة إنتاج الطاقة من النفايات بالتنسيق بين دائرة الطاقة في أبوظبي وعددٍ من الجهات المعنية في أبوظبي وهي شركة القابضة (ADQ)، ومركز تدوير، وشركة أبوظبي الوطنية للطاقة «طاقة»، وشركة مياه وكهرباء الإمارات، ومؤسسة أبوظبي للطاقة، وشركة أبوظبي للنقل والتحكم «ترانسكو»، وهيئة البيئة - أبوظبي، ودائرة البلديات والنقل في أبوظبي، ومدينة مصدر. 
ووفقاً للسياسة الجديدة، ينبغي أن يقدم إنتاج الطاقة من النفايات قيمة ومردوداً مادياً ومخصصاً معقولاً ومناسباً لاسترداد تكاليف إنتاج الطاقة من النفايات للمستخدمين النهائيين للنفايات والطاقة. كما تؤكد سياسة إنتاج الطاقة من النفايات، أهمية أن تكون مشاريع إنتاج الطاقة من النفايات آمنة وموثوقة وفعالة، وأن تطبق مبدأ الشراء الاقتصادي، وهو ما يتطلب توافر العديد من الشروط في تلك المشاريع أهمها، ضمان تشغيلها استناداً إلى مبدأ الكفاءة الاقتصادية، وأن تتضمن استخدام تقنية خفض الانبعاثات من بين التقنيات الأخرى الفعالة المستخدمة في المجال لهذا الغرض، بما يتماشى مع أهداف خفض انبعاثات غازات الانبعاث الحراري.
وتعقيباً، صرح محمد جمعة بن جرش الفلاسي وكيل دائرة الطاقة في أبوظبي، بأن سياسة إنتاج الطاقة من النفايات تعد خطوة مهمة في سبيل تعزيز قطاع توليد الطاقة من النفايات وزيادة الاستثمار فيه، وتحقيق الاستفادة المثلى من هذا المصدر الحيوي لتوليد الطاقة وإعادة استخدامها في مختلف القطاعات الحيوية، منوهاً بأن السياسة الجديدة تهدف إلى تحقيق رؤى وتوجهات القيادة الرشيدة الرامية إلى تعزيز مكانة إمارة أبوظبي مركزاً عالمياً للاستدامة والاقتصاد الدائري، حيث نهدف إلى تطوير وتوسيع مشاريع رائدة لتوليد الطاقة من النفايات وخلق نموذج عالمي للاستدامة في أبوظبي.

مشاريع جديدة
تركز دولة الإمارات في الوقت الحالي على إنشاء أحدث منشآت تحويل النفايات إلى الطاقة، بهدف معالجة النفايات البلدية الصلبة والنفايات التجارية والصناعية وفقاً لأعلى المواصفات ومعايير الاستدامة المعتمدة عالميّاً.
وأعلنت «دبي القابضة» عن مشروع لإنشاء إحدى أكبر محطات العالم لتحويل النّفايات إلى طاقة، بالشراكة مع ائتلاف يضم «دوبال القابضة» و«إيتوشو» و«هيتاشي زوسن إنوفا» ومجموعة «بيسيكس» ومجموعة «تِك جروب»، وتبلغ تكلفة المشروع نحو 4 مليارات درهم، وسيتولى ائتلاف الشركات بناءه وتشغيله مع بلدية دبي بموجب حق امتياز لمدة 35 عاماً، لتمثِّل هذه الشراكة التاريخية بين القطاعين العام والخاص أحد أضخم وأبرز الاستثمارات في قطاع الطاقة المتجدّدة على مستوى دولة الإمارات. وسيمتلك المشروع المُسمّى بمركز دبي لمعالجة النفايات في منطقة الورسان القُدرة على معالجة 5666 طناً من النفايات البلدية الصلبة التي تُنتِجها الإمارة يومياً وبطاقة استيعابية تبلغ حوالي ألف شاحنة محمّلة يومياً، وسيُحوَّل المشروع نحو 1.9 مليون طن من النّفايات سنوياً إلى طاقة متجددة ستُغذي شبكة الكهرباء المحلية بنحو 200 ميغاواط من الطّاقة النظيفة، أي ما يعادل احتياجات 135 ألف وحدة سكنية بشكل مستمر، ومن المنتظر الانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع في 2023، على أن يكون المشروع جاهزاً بالكامل في عام 2024.
ومن المُتوقَّع أن تعالج هذه المنشأة ما يصل إلى 45% من حجم النفايات البلدية الحالي في دبي، مما يقلل إلى حد كبير من كمية النّفايات البلدية التي تذهب إلى المكبّات.
وضمن هذا التوجه أعلنت مؤسّسة أبوظبي للطاقة، من خلال شركة مياه وكهرباء الإمارات، قبل فترة، عن توقيعهما مذكرة تفاهم مع مركز أبوظبي لإدارة النفايات «تدوير»، بهدف إنشاء محطتين لتحويل النفايات إلى طاقة في كلٍ من أبوظبي، والعين، واللتين يمكن أن تصل طاقتهما عند إكمال إنشائهما لتحويل ما يقارب 1.5 مليون طن سنوياً من النفايات البلدية إلى طاقة، بالإضافة إلى خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون سنويّاً بنحو 2.5 مليون طن - أي ما يعادل إزالة أكثر من نصف مليون سيارة من الطريق. ومن المتوقّع أن تكون محطّة أبوظبي واحدة من أكبر منشآت تحويل النفايات إلى طاقة في منطقة الشرق الأوسط. وستبلغ القدرة المتوقعة للمحطة الأولى، التي سيتم بناؤها في مدينة أبوظبي الصناعية (أيكاد) في منطقة المصفّح، ما يقارب 900 ألف طن من النفايات سنوياً، وستنتج 90 ميغاواط كحد أقصى من الكهرباء سنوياً، وهو ما يعادل توفير الطاقة الكهربائيّة لـ 22.5 ألف منزل في دولة الإمارات. ويتوقّع أن تقلل هذه المحطّة أيضاً من انبعاث ما يقارب 1.5 طن سنوياً من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل إزالة أكثر من 300 ألف سيارة من الطريق. أما المحطة الثانية التي سيتم بناؤها في مدينة العين، فستبلغ قدرتها المتوقعة ما يقارب 600 ألف طن من النفايات سنوياً، ومن المتوقع أن تنتج 60 ميغاواط كحد أقصى من الكهرباء سنوياً، ما يعادل توفير الطاقة الكهربائيّة لـ 15 ألف منزل في الدولة. ويتوقّع أن تقلل هذه المحطّة أيضاً من انبعاث ما يقارب مليون طن سنوياً من غاز ثاني أكسيد الكربون، أي ما يعادل إزالة أكثر من 200 ألف سيارة من الطريق.
ومن المقرر أن تستخدم المحطتان تقنية الحرق المتقدمة لتحويل النفايات البلدية الصلبة إلى كهرباء عبر مجموعة مولدات تعمل بوساطة توربينات بخارية عالية الكفاءة. كما ستتم معالجة الرماد الناتج من هذه العملية وإعادة تدويره إلى مادة قابلة لإعادة الاستخدام.

النفايات والجائحة
ويرى الدكتور بلعيد رتاب، رئيس قطاع الأبحاث الاقتصادية والتنمية المستدامة في «غرفة دبي»، أن أهمية موضوع إعادة التدوير والتخلص من النفايات تزايدت خلال هذه الفترة في ظل جائحة (كوفيد - 19)، مشيراً إلى أن الجائحة قدمت تحديات جديدة لمجتمع الأعمال، خاصة عند التعامل مع الكميات الهائلة من معدات الوقاية الشخصية والنفايات الإلكترونية، ومشدداً في الوقت ذاته على أهمية تشجيع الشركات لموظفيها على إعادة استخدام النفايات الإلكترونية وإعادة تدويرها بوسائل صديقة للبيئة.
ومن جهته، أكد الشيخ فاهم القاسمي، رئيس دائرة العلاقات الحكومية في الشارقة، أن حماية الموارد والطاقة البديلة هي أولوية العالم اليوم، باعتبارها تمثل مستقبل المجتمعات وتحدد شكل اقتصادات الدول. وقال: إن مفهوم الاستدامة يتسع بشكل متواصل ويصبح أكثر إمكانيةً مع تطور العلوم والتقنيات، لهذا تتبنى إمارة الشارقة مشروع الاستدامة الشامل الذي يبدأ باستدامة الطاقة والموارد والبيئة والمناخ وذلك بهدف ترسيخ عوامل استدامة سلامة المجتمعات وجودة حياة السكان، مؤكداً أن تحويل النفايات إلى طاقة يأتي في مقدمة مبادرات الشارقة البيئية، والتي تعمل عليها الشارقة من خلال شركة الشارقة للبيئة «بيئة» التي تمتلك أهم المرافق في هذا المجال على مستوى المنطقة، انطلاقاً من إدراكها بأن استخدام مصادر الطاقة المتجددة أمر حيوي للحفاظ على الموارد الطبيعية والحد من مستويات التلوث.

مشاركة الشركات
وضمن مبادرات الاستدامة الناجحة التي تم إطلاقها في دولة الإمارات تعاون مجموعة أغذية، مع شركة «ڤيوليا» العالمية لإطلاق تطبيق Recapp، وهو أول خدمة رقمية مجانية لجمع المواد القابلة لإعادة التدوير من سكان أبوظبي ومنح المستخدمين مكافآت مقابل سلوكهم المسؤول والواعي تجاه البيئة، لتعزيز الوعي والشعور بالانتماء المجتمعي لأسلوب حياة أكثر استدامة. واستقطب التطبيق شراكة ودعم العديد من مؤسسات القطاع الخاص لتعزيز عمليات التدوير وإعادة الاستخدام ومنها «بروج»، و«كوكا كولا»، و«بيبسيكو»، و«ماجد الفطيم»، و«يونيليفر». ويشكل التطبيق وشراكته مع مؤسسات القطاع الخاص نموذجاً رائداً لدعم التحول نحو الاقتصاد الدائري وتطبيق معاييره وآلياته في دولة الإمارات، ويستهدف في المقام الأول إيجاد منظومة مبتكرة للتدوير وإعادة الاستخدام تتيح فصل العديد من المواد من مصدرها لتخفيف العبء على مكبات النفايات. 
ونجح التطبيق باستقطاب أكثر من 1000 مستخدم في غضون 3 أشهر فقط منذ إطلاقه، كما نجح التطبيق في جمع ما يزيد على 2 طن من المواد القابلة لإعادة التدوير. وتسعى «ڤيوليا» من خلال تطبيق Recapp إلى جمع المزيد من العبوات البلاستيكية ومواد أخرى قابلة لإعادة التدوير، وذلك بهدف إعادة استخدامها لتصنيع منتجات تغليف جديدة.

 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©