الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الفائدة السالبة

د. يحيى الشحي
12 مايو 2021 00:26

د. يحيى الشحي

يعكس سعر الفائدة السالبة كأداة غير تقليدية للسياسة النقدية كمرحلة أساسية في الأساليب والأدوات الحديثة لها، تختلف تماماً عن الفلسفة النظرية المعاصرة. عندما يتم تحديدها تحت الصفر، بدلاً من تلقي المودعين مبلغاً على ودائعهم، يجب عليهم الدفع مقابل ذلك، ويهدف ذلك إلى تشجيع استثمار الأموال، من خلال إعادتها إلى النظام الاقتصادي كاستثمارات وزيادة الإنفاق.
من الناحية النظرية، يُفترض أنه عندما يصل سعر الفائدة إلى مستوى الصفر، تفقد السياسة النقدية فعاليتها وقدرتها على التأثير، ولكن لا يُتوقع أن تنخفض إلى مستويات أقل من الصفر (منطقة سالبة)، بينما أثبت التطبيق العملي عكس ذلك.
ونتيجة لذلك، لجأت بعض البنوك المركزية في الدول الغربية إلى تنفيذها للحد من الركود الاقتصادي العميق، وإعادة التوظيف وتعزيز الطلب وإنعاش دورة الأعمال، بعد فشل السياسات العادية في معالجة الأوضاع الاقتصادية. ويتم ذلك عن طريق زيادة وصول الأفراد وقطاع الأعمال إلى الائتمان، والتأثير على أسعار صرف العملة الوطنية في الأسواق العالمية، وإبعاد البنوك التجارية عن إيداع أموالها في البنك المركزي، وبالتالي استخدامها لزيادة الإقراض للأفراد والشركات، ومن ثم تشجيع الاستثمار والإنفاق.
على عكس ما سبق، فإن استخدامها شجع المودعين على سحب ودائعهم وتخزينها نقداً. علاوة على ذلك، فإن البنوك المركزية غير قادرة على أداء وظيفتها الأساسية المتمثلة في تشجيع المدخرات وتعزيز الوساطة المالية والنمو. من ناحية أخرى، تؤكد الدراسات السلوكية أن رجال الأعمال في أوقات الركود وضعف القوة الشرائية وزيادة العرض يترددون في اتخاذ قرارات لتعزيز أنشطتهم الاقتصادية. وبالتالي، من الصعب إقناعهم بالقيام باستثمارات محفوفة بمخاطر أكثر، وعوائد أقل، وبالتالي تقل احتمالية سعيهم للاقتراض.
باختصار، يتم تطبيق سياسة الفائدة السالبة حالياً في منطقة اليورو واليابان وغيرها. على الرغم من عدم قبوله من قبل بعض الخبراء في المالية والاقتصاد، حيث إنهم يرون أضرارها أكثر من فوائدها على الاقتصاد. والأدلة أثبتت تأثيرها السلبي على ضعف وتدهور أداء الأسواق المالية وخاصة القطاع المالي. لذلك، لم يعد مستغرباً في نظام اقتصادي تهيمن عليه الأزمات وتسود فيه التشوهات في الأسواق والأنظمة المالية، عندما ترى ممارسات المكونات الاقتصادية خارج قواعد المألوف. وبالتالي، السياسات النقدية غير التقليدية إنما هي تعبير عن اليأس السائد بين صانعي السياسة النقدية، فيما يتعلق بمعالجة تداعيات الأزمة المالية الأخيرة لعام 2008.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©