عدد اليوم
مصطفى عبد العظيم (دبي)
منذ السنوات الأولى لقيام دولة الإمارات العربية المتحدة، شهدت الدولة إنشاء كيانات استثمارية واقتصادية عملاقة، أسهمت بقوة في خدمة ودعم الاقتصاد الوطني لعقود طويلة، ليتجاوز تأثيرها على مدار السنوات نطاقها المحلي إلى العالمي، بعد أن عبرت بعملياتها واستثماراتها حدود الوطن، لتسطر قصص نجاح استثنائية في مشهد الاستثمار العالمي.
وتتجسد أهمية الدور الذي تلعبه الاستثمارات الإماراتية في الخارج، ليس فقط في تعزيز حجم الإيرادات وتنويع الأصول، وإنما في إبراز المكانة العالمية التي تتمتع بها دولة الإمارات العربية المتحدة، والقدرات التنافسية العالية للشركات الإماراتية، التي بات يُنظر إليها اليوم بإنجازاتها المتتالية، كسفراء للدولة في مجال الاستثمار، بعد أن نجحت خلال فترة قصيرة في تصدير الإتقان الإماراتي إلى العالم، رغم المنافسة القوية في مجال الاستثمار الأجنبي المباشر.
وأسهمت العلاقات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية القوية لدولة الإمارات وانفتاحها الواسع على الاقتصاد العالمي، في ترسيخ الثقة بالاستثمارات الإماراتية ليتم الترحيب بها على نطاق واسع من بلدان العالم كافة؛ نظراً للدور التنموي الذي تلعبه هذه الاستثمارات في دفع النمو الاقتصادي، وتوفير عشرات الآلاف من فرص العمل في البلدان التي توجد بها.
ويُقدر رصيد الاستثمارات الإماراتية المباشرة في الخارج خلال السنوات العشر الماضية، بنحو 100 مليار دولار (367 مليار درهم)، ووفقاً لتقديرات مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد» صنفت دولة الإمارات ضمن قائمة أهم 20 دولة مستثمرة في الخارج خلال عام 2019، وأكبر مستثمر عربي بالخارج، وتستحوذ على نحو نسبة تفوق 34% من إجمالي الاستثمار المصدر للخارج من دول غرب آسيا.
وتُشكل الاستثمارات الإماراتية في الخارج والمنتشرة في أكثر من 70 دولة حول العالم، إحدى الركائز المهمة في دعم استراتيجية التنويع الاقتصادي التي تنتهجها الدولة والتي أسهمت في تراجع مساهمة القطاعات النفطية في الناتج المحلي الإجمالي إلى أقل من 30%، كما تمثل كذلك أحد الممكنات التي تعول عليها الدولة في تحقيق الأهداف الاقتصادية الطموحة للخمسين عاماً المقبلة، من خلال دورها في نقل المعرفة وفتح وتطوير شراكات تجارية واستثمارية في مختلف الأسواق الخارجية.
جسور للتنمية
وشكلت الاستثمارات الإماراتية في الخارج عبر مسيرة تناهز عقدها الخامس، جسوراً للتنمية والتواصل الإنساني والتعاون بين الشعوب، الأمر الذي جعلها محل تقدير وترحيب واسع من كافة بلدان العالم، لاسيما أنها تتميز بكونها استثمارات طويلة الأمد لدعم اقتصادات الدول التي تعمل فيها.
وتبوأت دولة الإمارات مكانة عالمية مرموقة كأنموذج اقتصادي تنموي لافت للنظر، يتزايد تأثيره على الساحة الاقتصادية العالمية عبر استثماراته الخارجية، والتي تعد قوة ناعمة للإمارات تنشر بها نموذجها الهادف لجودة حياة الشعوب وتدعم بها حضورها ونفوذها خارج حدودها الجغرافية، خاصة أن الاستثمارات الإماراتية في الخارج لها خصائص وسمات تشتهر بها، أبرزها الشفافية والوضوح.
بصمات إماراتية
كما تتميز بأنها استثمارات داعمة لاقتصادات الدول التي تعمل فيها وليست استثمارات مضاربات أو أموالاً ساخنة تهدف لإفساد الأسواق، كما أنها تراعي الظروف الاقتصادية الصعبة التي تمر بها بعض الدول وتفضل عدم تحويل أرباحها للإمارات، بل تضخها في شرايين الاقتصادات التي تعمل بها.
وتعيش الاستثمارات الإماراتية بالخارج مرحلة ذهبية، بفضل السمعة الطيبة التي تحظى بها في مختلف الأسواق المتواجدة بها؛ كونها تندرج تحت مفهوم «الاستثمارات المؤثرة» التي تصب في مصلحة الشعوب، ما زاد الطلب العالمي عليها وسعي العديد من البلدان لمد جسور العلاقات الاستثمارية مع الإمارات عبر التواصل مع المؤسسات الاستثمارية الحكومية والخاصة والعائلية في الإمارات لجذب استثماراتهم إلى بلدانهم.
وتُمثل تلك الشركات والمؤسسات الإماراتية المستثمرة بالخارج، كذلك القوة الاقتصادية الناعمة في عالم يموج بالتحديات المتواصلة، والتي تمكنت باقتدار من تجاوز تداعياتها والإبحار بعيداً عنها، لتضع بصمات إماراتية مؤثرة في التنمية العالمية وصياغة المستقبل.
200 شركة إماراتية مستثمرة بالخارج
تزيد قائمة الشركات الإماراتية المستثمرة بالخارج، والتي نجحت خلال سنوات قليلة في صياغة نموذج فريد في مفاهيم الاستثمار الأجنبي المباشر، على 200 شركة، تغطي معظم أسواق العالم، فإلى جانب الصناديق السيادية الإماراتية باستثماراتها الضخمة، وفي مقدمتها جهاز أبوظبي للاستثمار، إلى جانب المؤسسات الوطنية شبه الحكومية والخاصة والتي تندرج تحت مظلة مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج مثل، شركة مبادلة للاستثمار، ومجموعة الإمارات للاتصالات - اتصالات، وشركة أبوظبي للدائن البلاستيكية المحدودة (بروج)، وموانئ أبوظبي، وموانئ دبي العالمية، ودبي القابضة، ودبي للاستثمار، وماجد الفطيم، ومجموعة شرف، ومجموعة فنادق «ميلينيوم وكوبثورن» الشرق الأوسط وأفريقيا، وشركة فالترانس، المتخصصة في صناعة النقل، بالإضافة إلى العديد من الشركات والبنوك الإماراتية الأخرى المستثمرة بالخارج، مثل الظاهرة وروتانا للفنادق، وبنوك أبوظبي الأول والإمارات دبي الوطني وأبوظبي الإسلامي والمشرق، مجموعة طيران الإمارات، والإمارات العالمية للألمنيوم، ودانة غاز، و«إعمار العقارية».
مجالات الاستثمار
تنشط الاستثمارات الإماراتية الخارجية في قطاعات البنية التحتية، والموانئ، والاتصالات، وتكنولوجيا المعلومات، والنفط والغاز الطبيعي، والتعدين والصناعات المعدنية، والطاقة التقليدية والطاقة المتجددة، والسياحة والفنادق والترفيه، وقطاع الطيران، والقطاع المصرفي، والقطاع الزراعي، وتجارة التجزئة، إلى جانب الإنشاءات والعقارات، فضلاً عن تطوير المدن.
مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج
يهدف مجلس الإمارات للمستثمرين بالخارج - الذي تأسس عام 2009 - إلى دعم مسيرة التنمية الاقتصادية لدولة الإمارات العربية المتحدة، وأن تكون الاستثمارات الإماراتية بالخارج رافداً داعماً للاقتصاد الوطني القائم على التنويع والابتكار والتنافسية المستدامة من خلال توحيد جهود المستثمرين الإماراتيين بالخارج، والمساهمة الفاعلة في تذليل التحديات التي تواجه استثماراتهم عبر التنسيق المستمر مع الجهات الحكومية ذات الاختصاص.
