الثلاثاء 16 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

هل ممكن أن ترتب مذكرات التفاهم التزامات قانونية متبادلة؟

هل ممكن أن ترتب مذكرات التفاهم التزامات قانونية متبادلة؟
19 يناير 2021 00:06

تحدثنا في الأسبوع الماضي عن كثرة استخدام مذكرات التفاهم باعتبار أنها أداة لتوثيق تفاهم أدبي أو سياسي وليس لخلق التزامات قانونية متبادلة، وأشرنا كذلك إلى عدد من الصعوبات القانونية التي تصاحب هذا الاستخدام. 
في الواقع العملي توجد أمثلة كثيرة على وثائق تسمى مذكرات تفاهم، ولكن تمت صياغتها بأسلوب يفُسر على أنه يخلق التزامات قانونية متبادلة، وليس فقط يتوثق تفاهم أدبي بين أطراف المذكرة. 
هذا النوع من الوثائق يصنف على أنه اتفاقية دولية ملزمة لأطرافها وتؤدي إلى خلق التزامات قانونية متبادلة. السبب في ذلك يعود إلى طبيعة المحتوى الوارد فيها، والأحكام المنصوص عليها في هذا الوثيقة التي يمكن من خلالها إثبات رغبة أطرافها في خلق التزامات قانونية متبادلة وليس فقط تفاهم أدبي أو سياسي. 
ولا يحول دون تكون هذا الفهم مجرد تسميتها بمذكرة تفاهم. فالعبرة بالنصوص والأحكام الواردة فيها وليس بالعنوان الذي يطلق عليها. فمحتوى المذكرة هو الذي يحدد بشكل أساسي ما إذا كانت الأطراف المتعاقدة تنوي إنشاء التزامات قانونية أو لا. 
المادة الأولى من اتفاقية فيينا لقانون المعاهدات لسنة 1969 والتي تمثل ما استقر عليه العرف الدولي في هذا الشأن، صريحة بأنها تعتمد على نصوص الوثيقة وليس على عنوانها، عند بحث وضعية وثيقة ما كونها ترقى لتكون معاهدة ملزمة  لأطرافها أو لا.  فليس هناك ما يمنع قانوناً من أن تسمى وثيقة ما مذكرة تفاهم، أو أي اسم آخر، وترتب في ذات الوقت التزامات قانونية على أطرافها. فالعبرة كما ذكرنا بالعبارات الواردة فيها والصياغة التي يستخدمها الأطراف فيها للتعبير عن نيتهم من صياغتها. 
لذلك، ليس من الصواب التساهل في صياغة مذكرة التفاهم؛ لأنها فقط تحمل عنوان مذكرة تفاهم، أو التساهل في صياغة أي وثيقة دولية، بغض النظر عن التسمية التي تطلق عليها. 
فمن شأن أي وثيقة يتم توقيعها بين طرفين في ظروف معينة أن تنشئ التزامات قانونية يصعب التنصل منها، حتى ولو لم يقصد أحد الأطراف تلك النتيجة.  وتقدم أحكام القضاء الدولي وممارسات الدول أمثلة كثيرة على خلافات بين الدول بشأن تفسيرهم لوثيقة معينة وهل ترتب التزامات قانونية أو لا ترتب، وهل تصنف على أنها اتفاقية أو معاهدة ملزمة أو لا. 
لذلك، تبرز أهمية التدقيق والحذر عند صياغة أي وثيقة توضح التعامل بين الدول، وذلك بغض النظر عن التسمية التي تطلق عليها.
أضف إلى ذلك أنه توجد من ناحية عملية عبارات ومصطلحات معينه تحرص الدول على تضمينها في مذكرات التفاهم لاستبعاد أي احتمال، أو سوء فهم في المستقبل بأن الوثيقة التي تم التوقيع عليها ممكن أن تنشئ التزامات قانونية وليس فقط تفاهم سياسي أو أدبي.

* د. مطر حامد النيادي
مستشار في القانون الدولي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©