الجمعة 26 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

اقتصاديات التعليم: نافذة للتنمية المستدامة - (ج2)

اقتصاديات التعليم: نافذة للتنمية المستدامة - (ج2)
18 نوفمبر 2020 02:31

تحدثنا في الجزء الأول عن التطور العلمي والتطبيقي لاقتصاد التعليم، من تحليل الاقتصاد الجزئي إلى تحليل الاقتصاد الكلي، والأثر الإيجابي على إنتاجية الاقتصاد. طرحنا سؤالاً: ما كفاءة وتأثير المؤهل أو المهارة التعليمية على الإنتاجية الإجمالية؟ ما هي العلاقة بينهما؟
اقتصاد التعليم نظام شامل يضم التعليم والتدريب بأبعادها. فالتعليم تعاظم المعرفة، مضمونه أكاديمي يؤهل المتعلمين ذهنيا يفضي تغيرات معرفية من خلال نقل واكتساب المعارف والمعلومات، يستند على الحفظ والتلقين والتحليل وإدراك المتغيرات، وهو مسلك التخصص في نمط الأعمال، لذلك عملية التعليم تبدأ مع بداية تعلم الطفل حتى يتدرج في الصفوف الدراسية وانضمامه بالكليات أو الجامعات. التدريب تعظيم المهارة وهو مواصلة للتعليم بأنماط عمليه علميه جديدة تقوم بتأهيل الكوادر على مهن ومهارات تطبيقية لأحداث تغيرات لديهم في معلوماتهم ومعارفهم وخبراتهم وسلوكهم واتجاهاتهم وقناعاتهم بغية استغلال إمكاناتهم وطاقاتهم في ممارسة أعمالهم. 
واستناداً لنظرية الحلقة للتنمية الاقتصادية (O – Ring Theory) والتي تعرف عند اقتصاديات التنمية بنظرية كريمر والتي نشأت على يد الاقتصادي المفكر الأميركي مايكل كريمر. التي تعرف بتكاملية الإنتاج لأي نشاط إنتاجي. فالتعليم كنشاط إنتاجي متأصل في أهداف تنموية، تنطلق من سلسلة إنتاجية تبدأ بالتأسيس، والترسيخ، والتفكير والإبداع. في المرحلة الابتدائية يكتسب الطالب المهارات الأساسية، وفي المرحلة الإعدادية تتراكم لديه المعرفة وتترسخ المهارات الأساسية التي اكتسبها في المرحلة السابقة، وفي المرحلة الثانوية يكتسب معارف إضافية ومهارات أكثر تعقيدا، ثم ينتقل إلى مرحلة الجامعة أو ما بعدها لتتأصل لديه مهارات التفكير والإبداع والقدرة الإنتاجية. فسلسلة تكاملية الإنتاج في التعليم تعني أي إخفاق في تقديم المعرفة الضرورية والمهارات الرئيسة سينتج إخفاق في المخرجات في المراحل الأعلى.
في النهاية، تؤكد أدبيات النمو النظرية على ثلاث آليات يمكن للتعليم من خلالها التأثير على النمو الاقتصادي. أولاً: يمكن أن يزيد التعليم رأس المال البشري المتأصل في القوى العاملة، وبالتالي يزيد إنتاجية العمل والنمو الانتقالي نحو مستوى توازن أعلى في الإنتاج. ثانياً: يمكن للتعليم أن يزيد القدرة الابتكارية للاقتصاد، كما أن تطوير تقنيات ومنتجات وعمليات جديدة توطد النمو. ثالثاً: يمكن للتعليم أن يسهل الانتشار ونقل المعرفة اللازمة لفهم ومعالجة المعلومات الجديدة وممارسة التقنيات المبتكرة، والتي توطد النمو الاقتصادي مرة أخرى. 
وفي ضوء ما تقدم يظهر أن التدريب هو رديف للتعليم لا يمكن إقصاء أو اصطفاء شيء على آخر، وإنما يستوجب تضافر الجهود لتحقيق وتوظيف إمكانات المؤسسات التعليمية في خدمة المؤسسات الإنتاجية والخدمية، وسد فجوة مخرجات التعليم مع احتياجات سوق العمل. إن الاستثمار بالرأس المال البشري إحدى الدعائم الرئيسة لتحقيق التنمية الشاملة بأبعادها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية.

* د. يحيي زكريا الشحي
باحث اقتصادي

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©