الخميس 28 مارس 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الهجمات السيبرانية ومفهوم القوة في القانون الدولي (ج1)

الهجمات السيبرانية ومفهوم القوة في القانون الدولي (ج1)
20 أكتوبر 2020 03:30

تحدثنا في مقالات سابقة عن الواقع الجديد الذي أفرزه التطور التقني الكبير، والحاجة إلى وجود تشريعات دولية ووطنية لحوكمة التعاملات والابتكارات الجديدة، لحماية الأمن والسلم الدوليين من أي إساءة لاستخدام هذه التقنيات.
لقد شهد العالم في السنوات الماضية زيادة مطردة في حوادث إساءة استخدام التقدم العلمي، من خلال شن هجمات سيبرانية لتحقيق أغراض مختلفة، هذه الأغراض قد تكون إجرامية، يقوم بها أفراد للحصول على أموال أو معلومات، وقد تكون عسكرية أو سياسية أو اقتصادية، مصدرها جهات مرتبطة بدولة ما، بقصد على سبيل المثال، ممارسة نوع من الإكراه على الدولة المستهدفة، أو تدمير منشأة حيوية فيها، أو الاستيلاء على أسرار عسكرية أو صناعية فيها، وبالتالي التأثير على قدراتها.
إن التعامل مع هذه الفرضيات يختلف من حالة إلى أخرى، ولكن في هذا المقال، نحاول أن نركز على الهجمات السيبرانية التي تنفذ من دولة ضد أخرى.
فإذا تعرضت منشأة حيوية في بلد ما لهجمة سيبرانية، فهل يمكن اعتبار هذه الهجمة على أنها نوع من الاعتداء المسلح، بالمفهوم الوارد في المادة 2/‏‏4 من ميثاق الأمم المتحدة؟ وبالتالي يخول الدولة المستهدفة القيام بإجراءات انتقامية لإيقاف هذه الهجمة أو منع تكرارها، باستخدام القوة العسكرية، وذلك انطلاقاً من حق الدفاع عن النفس، المنصوص عليه في المادة 51 من ميثاق الأمم المتحدة.
إن تفسير مفهوم القوة ليشمل جميع أنواع الهجمات السيبرانية أمر محل خلاف كبير بين فقهاء القانون الدولي، أحد أسباب هذا الخلاف هو التخوف من أن التوسع في تفسير مفهوم القوة ليشمل جميع أنواع الهجمات السيبرانية، قد يؤدي إلى خلق حالة من عدم الاستقرار في العلاقات الدولية، أو التأثير على السلم والأمن الدوليين من خلال التوسع في مفهوم استخدام القوة العسكرية تحت غطاء حق الدفاع عن النفس.
في المقابل، بعض الهجمات السيبرانية قد تنتج عنها آثار مدمرة، لا تقل عن الآثار التي تقع من اعتداء مسلح تقوم به دولة ضد دولة أخرى.
لذلك بدأ يظهر في الفقه القانوني ومواقف ممثلي بعض الدول توجه لاتخاذ موقف وسط بين الرأي المؤيد والرأي المعارض لتكيف الهجمات السيبرانية على أنها نوع من الهجمات العسكرية، هذا الموقف يقوم على التركيز على الآثار والدمار المادي والبشري الذي ينتج عن الهجمة السيبرانية.(يتبع)

* د. مطر النيادي
مستشار في القانون الدولي 

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©