السبت 27 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

مقال: الابتكار في «المتجددة» يتجاوز التقنيات إلى وضع السياسات

مقال: الابتكار في «المتجددة» يتجاوز التقنيات إلى وضع السياسات
17 أكتوبر 2020 00:33

نوال الحوسني

بينما نبدأ في التعايش والتواصل من جديد مع عالمٍ عطّله كوفيد-19، تلوح أهداف اتفاقية باريس للمناخ بوضوح في أفقٍ يستمر في الاقتراب أكثر فأكثر. إذا أردنا خفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون وزيادة الحصة السوقية للطاقة المتجددة ورفع كفاءة الطاقة في العقد المقبل، فلا بد لنا أن نولي الابتكار في قطاع الطاقة المتجددة قدراً كبيراً من الأهمية. 
لكن دعونا في البداية نصحح فكرة خاطئة ولكنها شائعة: فالابتكار لا يعني دائماً إيجاد تقنية جديدة. رغم أن هذين المفهومين متلازمين غالباً، فإنهما لا يعنيان الشيء ذاته. لقد احتلّ الابتكار مكانة جوهرية في قطاعنا منذ إنشائه. وفي حين تمثل مصادر الطاقة المتجددة اليوم ثلث ما ينتجه العالم إجمالاً من الكهرباء، فإننا نشهد نمواً كبيراً في حلول الطاقة المتجددة المتغيرة. ومع ذلك، ستظلّ قطاعات النقل والصناعات الثقيلة تشكّل وحدها 38 بالمائة من كافة انبعاثات ثاني أكسيد الكربون عالمياً في العام 2050، ما لم نشرف على إحداث تغيرات كبرى في صنع السياسات وأساليب إنتاج الطاقة واستهلاكها.
وفي سبيل التخلص التام من الانبعاثات في قطاعات النقل والصناعات الثقيلة، والحدّ من ارتفاع درجات الحرارة العالمية عند 1.5 درجة مئوية، لا بد أن تمثل مصادر الطاقة المتجددة 50% من الطلب على الطاقة في هذه القطاعات بحلول عام 2050، وهي حالياً أقلّ من 25% وفق أحدث تحليل أجرته آيرينا. باختصار: مواصلة الابتكار ليست رفاهية، بل ضرورة.
كيف نبلغ تلك الغاية إذن؟ نحن في حاجة إلى حلولٍ تجعل إنتاج الطاقة ونقلها واستهلاكها في العالم أكثر مرونة، وتسمح باستعمال أكبر لمصادر الطاقة المتجددة بتكلفة معقولة، وتمكّن جيلاً جديداً من مستهلكي الطاقة. نحن بحاجة للابتكار في الحلول أيضاً وليس بالتقنيات فقط.
لقد شاهدنا في السنوات الأخيرة كيف أن مفاهيم الإمداد بالكهرباء واللامركزية والتحول الرقمي أحدثت نقلة في صناعة السياسات ونماذج التحصيل، إذ أسفرت عن أنظمة مرنة بغرض زيادة استعمال التقنيات المتجددة في أرجاء العالم، لا سيما مع الإنتاج والتخزين الهيدروجيني والشمسي. وفي هذا الموضوع، تبيّن «حلول الابتكار الـ30» من آيرينا الأولويات التي ينبغي لصنّاع السياسات الالتفات إليها لنزع الكربون من أنظمة الكهرباء في مرحلة التعافي من كوفيد-19. 
وبخلاف إنتاج الطاقة الشمسية، ستؤدي تقنيات الثورة الصناعية الرابعة دوراً هاماً في دمج المزيد من مصادر الطاقة المتجددة في الشبكة المركزية. على سبيل المثال، يمكن لتقنيات البلوك تشين أن تتيح وسائل جديدة لتشغيل النظام الكهربائي، عبر السماح بدمج حصص أعلى من توليد الطاقة المتجددة المتغيرة. لا تسهم البلوك تشين فقط في تمكين المستهلكين من التحكم بعاداتهم المتعلقة باستهلاك الكهرباء وخطط الدفع، بل تتيح لمشغلي النظام توزيع الإنتاج، بهدف تحسين عمليات الشبكة، عن طريق إدارة كافة الأجهزة المتصلة من خلال جهاز ذكي مركزي واحد، بحيث تتيح المرونة والتسعير بالزمن الحقيقي.
وختاماً، ينبغي للابتكار أن يتجاوز حدود التقنيات ويتغلغل في تفكير صانعي السياسات. يجب علينا أن نباشر نماذج أعمال جديدة ومرنة تدعم الخدمات الحديثة وتحفّز على توظيف تقنيات الطاقة المتجددة، سواءً كانت نماذج الطاقة كخدمة، أو التداول بين النظراء، أو الدفع الفوري. علاوة على ذلك، علينا العمل على تصميم هياكل سوق جديدة وأطر عمل تشريعية تحفّز على إيجاد فرص حديثة للمتنافسين في السوق، بحيث تسهم في تشجيع ريادة الأعمال والشركات الناشئة المبتكرة.

المندوب الدائم لدولة الإمارات لدى «آيرينا»

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©