الخميس 25 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

الإمارات سباقة في رسم خريطة التعافي الاقتصادي

الإمارات سباقة في رسم خريطة التعافي الاقتصادي
13 أكتوبر 2020 00:31

مصطفى عبد العظيم (دبي)

أكد خبراء اقتصاديون أن دولة الإمارات كانت من بين أوائل دول العالم التي قامت برسم خريطة طريق واضحة للتعافي الاقتصادي من تداعيات أزمة كوفيد-19، بالتزامن مع جهودها في مواجهة الآثار الصحية للجائحة، الأمر الذي منحها مراتب الصدارة في مؤشرات القدرة على التعافي والتعاطي مع أزمة فيروس كورونا المستجد.
وأوضح هؤلاء أن التحسن الكبير في أداء القطاعات الاقتصادية المختلفة خلال الأشهر الأخيرة والآفاق الإيجابية المتوقعة للنمو في العام المقبل، تعكس القوة الاستثنائية ومستويات المرونة العالية التي يتمتع بها الاقتصاد الوطني في مواجهة التحديات المختلفة.
وأشار هؤلاء إلى أنه منذ بداية الأزمة، وضعت حكومة دولة الإمارات بتوجيهات قيادتها الرشيدة، خطة استجابة ممنهجة لمواجهة آثار انتشار فيروس كورونا المستجد على الاقتصاد الوطني بما يضمن استدامة الاقتصاد واستمرارية الأعمال وتحقيق التعافي واستعادة النمو خلال فترة قياسية، بالتزامن مع تشكيل لجنة مؤقتة بشأن التعامل مع الآثار السلبية المترتبة على الاقتصاد الوطني نتيجة انتشار فيروس كورونا المستجد (لجنة كوفيد-19). وأرجع هؤلاء قدرة الاقتصاد الوطني على أن يكون أسرع الاقتصادات تعافياً من تداعيات الجائحة إلى الاستراتيجية المتكاملة التي تبنتها الدولة للتعامل مع هذه المرحلة الاستثنائية والتي شملت اعتماد مجموعة من المحفزات الاقتصادية الضخمة لدعم رواد الأعمال والشركات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب حزم الدعم المالي والنقدي المخصص لتسريع وتيرة التعافي في مختلف القطاعات والأنشطة، بما يضمن مساعدة كافة مكونات المنظومة الاقتصادية في الدولة.

الإجراءات والمحفزات
 وقال لويك فواد، الرئيس التنفيذي المشارك لدويتشه بنك في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا والرئيس التنفيذي الإقليمي للبنك في دولة الإمارات، في تصريحات لـ «الاتحاد»: إنه على الرغم من تأثر اقتصاد دولة الإمارات منذ بداية العام بشكلٍ مزدوج من انخفاض أسعار النفط، بالإضافة إلى جائحة كوفيد- 19 العالمية، إلا أن دولة الإمارات تمكنت من التعامل مع هذه الضغوطات والتعافي بشكل أسرع من الدول الأخرى في المنطقة، وذلك بفضل الإجراءات والمحفزات الاقتصادية التي أطلقتها والتي كان من شأنها التقليل من تأثير هذه العوامل، لتحتل بذلك المرتبة الأولى عربياً في مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار جائحة كورونا الذي نشرته مجموعة هورايزون البحثية مؤخراً.
وأوضح فواد أنه، ومن منظور اقتصادي، فقد يشهد نمو الاقتصاد المحلي بعض التباطؤ هذا العام، لكننا نتوقع أن يتعافى الاقتصاد بنسبة 2.5%في عام 2021 على خلفية التعافي الاقتصادي العالمي الذي من شأنه أن ينعكس بارتفاع الطلب على النفط والغاز من الدولة، بالإضافة إلى تعافي قطاع السياحة والأنشطة اللوجستية والبناء في الدولة.

 فتح الاقتصاد
 وقال جان كلاوس الرئيس التنفيذي ليولر هيرمس الشرق الأوسط لـ«الاتحاد»: إن استجابة دولة الإمارات للتعامل مع أزمة كوفيد-19 بشكل سريع، ساهمت في تعزيز قدرتها على احتواء الآثار الاقتصادية للجائحة، وذلك عبر اتخاذ سلسلة من الإجراءات والتدابير لدعم القطاعات الاقتصادية المختلفة، وإطلاق حزم تحفيز زادت عن 285 مليار درهم.
وأشار إلى أن دولة الإمارات كانت الأسرع بين دول المنطقة في إعادة فتح أنشطتها التجارية الأمر الذي أسهم في تحسن أداء القطاع الخاص غير النفطي، والذي سجل مؤخراً وفقاً لمؤشر مديري المشتريات الذي ارتفع خلال شهر سبتمبر الماضي إلى أعلى مستوى له في 11 شهراً ليصل فوق 51 نقطة.
وقال: إن مؤسسة يولر هيرمس للمؤسسة المتخصصة في تزويد تأمين الائتمان التجاري، توقعت أن يستعيد اقتصاد دولة الإمارات مسار الانتعاش خلال العام المقبل، مع تسجيل نمو إيجابي مقدر بنحو 1.5%، وذلك بعد الانكماش المتوقع لعام 2020، بسبب تداعيات جائحة كوفيد-19، والتي قادت إلى ركود الاقتصاد العالمي، وانخفاض أسعار النفط.
وأشار إلى أن تعافي أسعار النفط المتوقع خلال العام المقبل، وإقامة معرض إكسبو 2020 دبي في موعده الجديد، سيعززان من قدرة الاقتصاد الأكثر تنوعاً في المنطقة على العودة لدائرة النمو، مؤكداً أن متانة الوضع المالي لدولة الإمارات العربية المتحدة، وامتلاكها العديد من الصناديق السيادية والأصول الأجنبية الضخمة لدى المصرف المركزي، توفر لها مصدات وقائية لتوفير احتياطي للحسابات المالية والحسابات الجارية.
وأوضح أن توقعات يولر هيرمس للتعافي خلال العام المقبل تعتمد على مؤشرات مختلفة، أبرزها المتانة المالية التي تتمتع بها دولة الإمارات، والتي تشكل صمام أمان لها في مواجهة آثار الأزمة، خاصة مع مستويات الدين العام المنخفضة للغاية، بالإضافة إلى عودة النمو للأنشطة الاقتصادية والتجارية، والقطاع اللوجستي في ضوء مواصلة الاستعدادات لاستضافة إكسبو 2020 دبي في موعده الجديد.

المرونة والقدرة 
من جهته، قال الخبير المالي والاقتصادي أسامة آل رحمة: إن طبيعة البنية التحتية الديناميكية لاقتصاد دولة الإمارات من حيث تنوع مصادر الدخل، ساهمت في تعزيز قدرة الدولة على استيعاب الآثار الاقتصادية لجائحة كوفيد-19، والتأقلم السريع مع المستجدات والتحديات التي فرضتها، مشيراً إلى أنه رغم شدة الأزمة الراهنة والتي لا تزال تداعياتها مستمرة، إلا أن تجارب الأزمات العالمية السابقة وأساليب إدارة تداعياتها من قبل حكومة دولة الإمارات، أثبتت مستويات عالية من المرونة في اتخاذ القرارات والحلول المناسبة لاحتواء تلك الأزمات.
وأشار آل رحمة إلى الاستجابة السريعة لأزمة تفشي فيروس كورونا المستجد واحتواء تداعياتها الاقتصادية، والتي كانت الأسرع في المنطقة، من خلال إطلاق حزم تحفيز كانت الأعلى على مستوى المنطقة، والإجراءات الاستباقية التي تم اتخاذها لتهيئة المناخ للعودة لممارسة الأنشطة الاقتصادية والتجارية، بما يتوافق مع الواقع الجديد الذي فرضته الأزمة، من خلال نموذج متوازن بين ممارسة الأعمال والالتزام بالقواعد الصحية، أسهمت بشكل رئيسي في تسريع إعادة بناء الثقة في الاقتصاد على الصعيدين المحلي والعالمي.
وأوضح أن مؤشرات تعافي الاقتصاد الوطني التي بدت ملموسة حالياً في القطاعات المختلفة تعد بمثابة جني ثمار للإدارة الحكيمة لهذه الأزمة والعودة التدريجية لفتح الأنشطة الاقتصادية وفقاً لقواعد ومعايير وإجراءات مدروسة.

مؤسسات دولية
 أكدت العديد من المؤشرات والبيانات الصادرة عن مؤسسات اقتصادية كبرى أن اقتصاد دولة الإمارات العربية المتحدة سيكون من أكثر الاقتصادات التي ستتعافى في المستقبل القريب من تداعيات انتشار كورونا المستجد عالمياً، والتي كان أحدثها مؤشر التعافي الاقتصادي من آثار وباء «كوفيد-19» الصادر عن مجموعة هورايزون البحثية، والذي صنف دولة الإمارات في المركز الأول عربياً في التعافي الاقتصادي.
ويرى صندوق النقد الدولي أن الإمارات نجحت في اعتماد تدابير رائدة في مواجهة جائحة كوفيد، ساعدتها على احتواء تفشي الفيروس، وتقليص تبعاته من خلال توسعة نطاق الفحوص وتوظيف التكنولوجيا المتقدمة على شتى المستويات ما أسهم في فتح اقتصادها بشكل تدريجي.
وفي حين تشير تقديرات الصندوق إلى انكماش اقتصاد دولة الإمارات هذا العام نتيجة الانكماش الواسع للاقتصاد العالمي، لكنه سيتجه للتعافي خلال العام المقبل.
وتوقع البنك الدولي تسارع وتيرة تعافي اقتصاد دولة الإمارات من تداعيات كورونا، في تقرير له بعنوان «الآفاق الاقتصادية العالمية» لشهر يونيو، مشيراً إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي للدولة سيبلغ 1.4% خلال 2021، مشيراً إلى أن دولة الإمارات تمكنت من تقليص حجم الإضرار الاقتصادية في المرحلة الحالية، نتيجة سياساتها الاقتصادية والمالية التي أسهمت في تعزيز الإيرادات الحكومية أمام تقلبات أسعار النفط، إضافة لقوة أوضاعها المالية.
كما توقعت وكالة التقييم الائتماني العالمية «موديز» التي توقعت تعافياً قوياً لاقتصاد دولة الإمارات من تبعات جائحة كورونا، ليسجل معدل نمو الناتج المحلي الحقيقي في العام المقبل 4.1%، قائلة: إن ما يدعم التقييم الائتماني الممنوح للإمارات وهو Aa3 مستقر، ضخامة الأصول المالية الضخمة لصناديقها السيادية، ودخل الفرد المرتفع فيها، وتفوق بنيتها التحتية واحتياطيات النفط الضخمة، واستقرار الوضع السياسي وعلاقات الدولة القوية عالمياً.
وفي المقابل توقعت وكالة «إس أند بي» للتصنيفات الائتمانية عودة الاقتصاد الإماراتي إلى النمو خلال العام المقبل، بحيث تصل نسبة النمو إلى 2.7% ما بين 2021 و2023، فيما توقعت أن ينمو الناتج المحلي لإمارة أبوظبي بنسبة 2.2%.
وأفادت وحدة الايكونوميست انتيليجانس، في أحدث تقرير لها، وجود مؤشرات لافتة على بدء التعافي الاقتصادي في الدولة مع رفع تدابير الإغلاق الكامل، وذلك في الوقت الذي رفع فيه معهد التمويل الدولي في تقرير حديث له، توقعات التعافي والنمو الاقتصادي للإمارات من 2.9% في توقعات سابقة في شهر يونيو الماضي إلى 3.1% في شهر أكتوبر الجاري.

تنافسية الاقتصاد الوطني
 كما توقع صندوق النقد العربي أن يستعيد الاقتصاد الإماراتي عافيته تدريجيا وبشكل سريع في المستقبل القريب، مشيرا إلى أن هذا التعافي السريع يرجع لمعاودة الإنفاق على استضافة معرض إكسبو2021 دبي، والزيادة المتوقعة في التوظيف ورغبة المستثمرين للاستثمار في قطاع العقارات كمصدر للدخل الثابت على المدى الطويل إضافة إلى انخفاض مستويات التكلفة وتنافسية عناصر التكلفة وأداء الأعمال في دولة الإمارات، وكذلك الاتجاه المتوقع لزيادة الاستثمار في الزراعة والتقنيات والرعاية الطبية كأحد الدروس المستفادة في أعقاب أزمة جائحة كورونا، الأمر الذي يساعد بقوة في دعم الاقتصاد الحقيقي للدولة.
وتوقع الصندوق في تقرير توقعات الأداء الاقتصادي الكلي للدول العربية 2020- 2021 أن يتحول النمو الاقتصادي للإمارات ليكون إيجابيا بنسبة 2.4% للعام 2021، موضحا أن التدابير التحفيزية التي تم تبنيها ساهمت في زيادة مستويات السيولة المحلية التي ارتفعت إلى 1.46 تريليون درهم خلال شهر أبريل 2020 مقابل 1.41 تريليون درهم للسيولة المسجلة بنهاية عام 2019، وهو ما ساعد على نمو الائتمان الممنوح خلال الفترة لاسيما الموجه للقطاع العام.

جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©