عدد اليوم
مصطفى عبد العظيم(دبي)
سجلت تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر، الواردة إلى دولة الإمارات خلال العام 2019، أعلى مستوى لها منذ 2007، بعد أن ارتفعت إلى 14 مليار دولار (51.2 مليار درهم) وبنمو نسبته 32.7% عن العام 2018، بحسب تقرير الاستثمار الأجنبي المباشر العالمي الصادر عن الأونكتاد، الذي أشار إلى قدرة الاستثمار الأجنبي في الإمارات على العودة للتعافي سريعاً من تداعيات جائحة كوفيد-19، بفضل الإجراءات العديدة التي اتخذتها الدولة لترسيخ جاذبيتها الاستثمارية، وفي مقدمتها القائمة الإيجابية التي تم اعتمادها في شهر أبريل الماضي.
ووفقاً للتقرير، تصدرت دولة الإمارات دول منطقة غرب آسيا، في استقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة خلال العام الماضي، باستحواذها على 50% من إجمالي الاستثمارات المتدفقة للمنطقة والبالغة 28 مليار دولار، تلتها تركيا التي سجلت انخفاضاً قياسياً في تدفقات الاستثمار الوارد بنسبة 35% لتصل إلى 8.4 مليار دولار، ثم المملكة العربية السعودية التي تلقت استثمارات أجنبية بقيمة 4.6 مليار دولار وبنمو قدره 7%، كما أظهر التقرير كذلك، تصدر دولة الإمارات الدول العربية، على صعيد جذب الاستثمارات، خلال 2019.
وأشاد تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد»، الذي حصلت «الاتحاد» على نسخة منه، بالنقلة النوعية التي تشهدها البيئة الاستثمارية في دولة الإمارات منذ صدور قانون الاستثمار الأجنبي المباشر، وبدء العمل بتطبيق القائمة الإيجابية الأولى، التي تم إعلانها في يوليو من العام 2019، للأنشطة الاقتصادية المتاحة للتملك الأجنبي بنسبة 100% في 122 نشاطاً اقتصادياً.
وتوقع التقرير أن تسهم الموافقة على القائمة الإيجابية في شهر أبريل 2020، إلى جانب المحفزات الاستثمارية الأخرى، التي اتخذتها دولة الإمارات لترسيخ جاذبيتها الاستثمارية، في دعم تدفقات الاستثمار إلى الدولة، وتسريع التعافي من الآثار الناجمة عن جائحة كوفيد-19، التي يتوقع أن تدفع لتراجع حركة الاستثمار الأجنبي المباشر عالمياً خلال العام 2020 بأكثر من 40%، ليصل إلى نحو تريليون دولار، مقارنة مع 1.5 تريليون دولار في العام 2019.
وأظهرت بيانات الأونكتاد التاريخية لحركة الاستثمار الأجنبي المباشر في دولة الإمارات، تسجيل الدولة استثمارات تراكمية، خلال السنوات العشر الماضية، بلغت أكثر من 356 مليار درهم (97 مليار دولار). وأشار التقرير إلى أن دولة الإمارات كانت واحدة من أنشط ثلاثة اقتصادات في العالم، خلال العام الماضي، في توقيع اتفاقيات استثمار دولية، بالإضافة إلى أستراليا والبرازيل، بواقع 3 اتفاقيات لكل دولة، من إجمالي 22 اتفاقية تم توقيعها على مستوى العالم في 2019، لحماية وتشجيع الاستثمار، لافتاً إلى أن الدولة جاءت كذلك ضمن الاقتصادات الـ 54 التي قامت بإدخال أكثر من 107 إجراءات لترويج وتسهيل وجذب الاستثمار الأجنبي المباشر.
وصنف تقرير مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية «أونكتاد»، دولة الإمارات ضمن أكبر 25 دولة متلقية للاستثمار الأجنبي المباشر، وضمن أكبر 20 دولة مصدرة له على مستوى العالم خلال العام 2019، بإجمالي استثمارات بلغت 16 مليار دولار (58.7 مليار درهم)، فيما حلت في المرتبة الخامسة على مستوى آسيا، بعد كل من الصين وهونج كونج وكوريا الجنوبية وسنغافورة.
مكتب أبوظبي للاستثمار
وأرجع أونكتاد القفزة الكبيرة في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى دولة الإمارات خلال العام الماضي، إلى الاستثمارات الضخمة التي تلقتها أبوظبي في قطاعي النفط والغاز، والتزام الإمارة التي طالما لعبت دوراً محوراً في جذب تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر إلى الدولة، بترسيخ هذا الدور عبر إطلاق مكتب أبوظبي للاستثمار في العام الماضي، للاضطلاع بتطبيق استراتيجية الإمارة لرفع الاستثمار الأجنبي المباشر في أبوظبي، ضمن برنامج «غداً 21» وليساهم في المنظومة التجارية الحيوية بالإمارة، ويساعد في بناء بيئة جذابة لاستثمارات الأجنبية المباشرة.
وأشار التقرير إلى أن منطقة غرب آسيا تواجه خلال العام الحالي صدمة اقتصادية مزدوجة، متمثلة في انخفاض أسعار النفط وآثار جائحة كوفيد-19، والتي يتوقع أن تقود المنطقة إلى انكماش اقتصادي بنسبة 3 إلى 4 %، وفقاً لتوقعات صندوق النقد الدولي، وإلى انخفاض كبير في تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر في عام 2020، إذ من المرجح أن تتأثر القطاعات الرئيسية المتلقية للاستثمارات الأجنبية المباشرة، مثل النفط والغاز والسياحة والطيران والخدمات المالية - بشدة - بهذه الصدمة.
لكن وعلى الرغم من أن التوقعات المباشرة للاستثمار الأجنبي في غرب آسيا خلال 2020 تبدو قاتمة، فإن التقرير أشار إلى وجود بعض المؤشرات على إمكانية تعافي الاستثمار الأجنبي المباشر في المدى المتوسط، أبرزها أن مستويات الاستثمار في المنطقة قبل الأزمة الحالية، أقل من مستويات الذروة السابقة، ولا تتناسب مع الإمكانات الاقتصادية للمنطقة، الأمر الذي يؤهل الاقتصادات الرئيسية المتلقية للاستثمار في المنطقة، ومنها دولة الإمارات، لاستقطاب المزيد من الاستثمارات، خاصة بعد أن أعلنت هذه الاقتصادات عن حزم تحفيز كبيرة للحد من الآثار الاقتصادية للأزمة، وتسهيل تدفقات الاستثمار الأجنبي المباشر.
وتضمنت المؤشرات الإيجابية التي أبرزها التقرير على سرعة قدرة الاستثمار الأجنبي المباشرة في الإمارات على التعافي السريع من تداعيات جائحة كوفيد-19، مستويات الثقة العالية التي تحظى بها الإمارات من قبل المستثمرين، والتي بدت واضحة مع استقطاب استثمارات بقيمة 1.5 مليار دولار في شهر فبراير 2020، من شركة «ماروبيني» اليابانية، لتطوير محطة (الفجيرة 3)، التي ستكون أكبر محطة حرارية مستقلة لتوليد الكهرباء في دولة الإمارات، بقدرة إنتاجية تصل إلى 2.4 جيجاواط.
منصة تفاعلية لخدمة المستثمرين
نوه التقرير بالإجراءات السريعة التي اتخذتها وزارة الاقتصاد في دولة الإمارات لتكيف خدماتها مع احتياجات المستثمرين خلال جائحة كوفيد-19، بإطلاقها منصّة إلكترونية تفاعلية معرفية، مخصصة لمساعدة بيئة الأعمال على التصدي لآثار فيروس كورونا المستجد، من خلال التعريف بآخر المستجدات حول الوباء في الدولة، وتقديم مجموعة من المقترحات والإرشادات، وفق أفضل الممارسات في مجال تسيير الأعمال التجارية، في ظل هذه الجائحة، من حيث الإجراءات والخطوات الاحترازية، التي يتعين على الشركات وأصحاب العمل الالتزام بها لمواصلة مزاولة أعمالهم، سواء في مقر الشركة، أو من خلال العمل عن بُعد.
