الجمعة 19 ابريل 2024 أبوظبي الإمارات
مواقيت الصلاة
أبرز الأخبار
عدد اليوم
عدد اليوم
اقتصاد

عبد الله آل صالح في حوار مع «الاتحاد»: الإمارات صنعت التحول.. والاقتصاد الرقمي رهان المستقبل

عبد الله آل صالح
14 يونيو 2020 01:23

أبوظبي (الاتحاد)

الاستثمارات المباشرة في العالم تبدأ العودة إلى موطنها، والثقل الاقتصادي يتحول من الغرب إلى آسيا، والدول النامية الأكثر نمواً في السكان وطلباً على السلع، والعالم يشهد تغيرات من نوع جديد، والإمارات صنعت استراتيجيات التحول قبل الجائحة «كورونا»، والاقتصاد الرقمي رهان المستقبل، وفاتورة انهيار منظمة التجارة العالمية ستكون أكبر بكثير من تكلفة بقائها- لكن بآليات ومعايير جديدة تراعي مصالح الجميع - بهذه الملامح يطل عبد الله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، على المشهد العالمي والإقليمي والوطني. 
وكشف عبد الله آل صالح في حوار مع «الاتحاد»، عن التصورات والتنبؤات الأولية لمشهد التحولات العالمية نتيجة الجائحة «كوفيد - 19»، مؤكداً أن الدول التي ستدفع بثقافة الأعمال نحو الاقتصاد الرقمي، ومزيد من الانفتاح سيكون لها شأن أكبر في الاقتصاد العالمي، وستتعافى أسرع من الدول التي ستضع سياسات حمائية.
وقال آل صالح: إن الإمارات مؤهلة لتكون لاعباً مؤثراً في خريطة التجارة الدولية فيما بعد (كوفيد - 19)، لما تمتلكه من ميزة تنافسية في القطاع اللوجستي وقطاع النقل، وما تتمتع به من بنية تحتية متطورة، إضافة إلى ثقافة الأعمال المتطورة والمنفتحة نحو قطاعات ذات المحتوى التكنولوجي وتحول ثقافة الأعمال إلى مرحلة الاقتصاد الرقمي، وإدخال التكنولوجيا في مناحي أداء الأعمال، وتعزيز سياسات التوسع في الاقتصاد الرقمي، باعتباره رهان المستقبل.
 كما أن الإمارات وضعت العديد من استراتيجيات التحول قبل الجائحة، ما يعزز قدرتها على أن تلعب دوراً مؤثراً في التجارة العالمية للمرحلة المقبلة، باعتبارها نقطة مهمة في التجارة الدولية ومن أهم مراكز إعادة التصدير على المستوى الإقليمي والدولي، وأوضح أن استراتيجيات التحول التي وضعتها الإمارات، تشمل: الثورة الصناعية الرابعة، والتنويع الاقتصادي، والذكاء الاصطناعي والبلوك تشين، واستراتيجية البحث العلمي والعلوم المتقدمة، وسياسة الإمارات في ريادة الأعمال وجذب المخترعين والمبتكرين، وحكومة ذكية تعمل على مدار 24 ساعة بكفاءة عالية.
وأفاد بأنه في الوقت الذي تصاعدت فيه موجة الحمائية الدولية بسبب جائحة كورونا، عززت الإمارات استمرارية حركة التجارة وسلاسل الإمداد، خاصة في السلع ذات الارتباط بالجائحة، ودعمت هذا التوجه عبر G20، والعمل الخليجي، وإطار منظمة التجارة العالمية، ومبادرات الحد من استغلال الجائحة لوضع سياسات حمائية.
وبالذهاب إلى المشهد الدولي، أشار وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، إلى أن العالم يشهد تغيرات غير متوقعة، فضلاً عن التحولات الجيوسياسية التي ستؤثر على مسار التغيرات المقبلة، وسيكون هناك تباين في سياسات الدول تبعاً لمصالحها.
وتابع آل صالح: «ربما ستعجل الجائحة من تنفيذ الصين لمشروعها (طريق الحرير)، لأن أكثر الدول المشاركة في هذا المشروع من الدول البلدان النامية وهي الأكثر تضرراً من الجائحة، وعملية تعافيها اعتماداً على قدرتها المالية ضعيفة جداً، وربما تجد هذه الدول المشاركة في طريق الحرير، الفرصة للتوسع بمصالحها التجارية، والتطلع لمساعدات مالية، وستشهد هذه الدول عمليات استحواذ للاعبين خارجيين في قطاعات حيوية لاقتصادياتها».
ونوَّه إلى أن الصين تعافت ومستعدة لتصدير السلع الوسيطة، لكن الطلب العالمي سجل ضعفاً نتيجة انتشار الوباء وإغلاق قطاعات اقتصادية، ما أدى لتراجع الطلب، لافتاً إلى أن الاستثمارات الأجنبية المباشرة الداخلة للصين انخفضت بنسبة 10% نتيجة للجائحة، مقابل انخفاض 0.5% في الاستثمارات الصينية الخارجة من الصين خلال الفترة نفسها.
وأوضح آل صالح، أن الأزمة أثرت على جميع الاقتصادات المتقدمة والنامية، وتختلف هذه الأزمة عن أزمة 2008 التي كان أثرها الأكبر على الاقتصادات المتقدمة، والأسواق النامية تأثرت بشدة لأنها معتمدة على السلع الأساسية والسلع الخام.
وقال: «نظراً لتأثر سلاسل الإمداد وتأثر الإنتاج العالمي، سجلت أسعار السلع الأساسية انخفاضاً على المستوى العالمي بنحو 20% في مارس الماضي، وقاربت 30% في أبريل، مدفوعة بتراجع أسعار النفط، مقابل تراجع بحدود 1.25% في يناير وفبراير 8.5%، كما حدث انخفاض في المواد الزراعية بحدود 5%، والوقود 33%، وأسعار المعادن والمواد الخام جاءت بين هذه النسب».
وأفاد بأن انخفاض الإنتاج في الصين «مصنع العالم» خلال الربع الأول من العام بحدود 35%، ما أثر على ربحية القطاع الصناعي والتجاري في الصين وحركة الشحن والنقل والخدمات اللوجستية والسلع الوسيطة حول العالم لاعتماد كثير من المصانع في القارة الأوروبية للاعتماد على السلع الوسيطة من الصين، كما أثر على تراجع الإنتاج على سلاسل الإمداد خلال أبريل ومايو مع تزايد انتشار الجائحة وتصاعدها خلال مارس وأبريل ومايو.
وبحسب التقديرات الدولية، سجل الانخفاض في حجم التجارة الدولية في مارس 12% وأبريل ومايو إلى 30%.
وأشار آل صالح إلى أن كثيراً من الدول تأثرت بحركة التجارة الدولية من حيث الاستثمارات، حيث بدأت كثير من الدول تعيد تدفقات الاستثمار الأجنبي نتيجة تعطل سلاسل الإمداد، وبدأ توجه إعادة الاستثمارات إلى موطنها الأصلي، خاصة في القطاعات الإنتاجية والصناعية سيؤثر على حركة التجارة الدولية.
ونبه إلى أن عودة الاستثمارات الخارجية المباشرة من دول المصب إلى موطنها الأصلي، سيؤثر على التعافي الاقتصادي للدول المستوردة للاستثمارات -أغلبها دول نامية- إضافة إلى التقلب في أسعار السلع، وضعف الموارد المالية، نتيجة أن كثيراً من الموازنات يتم إنفاقها حالياً على الأخطار الصحية، ما أثر على ضعف هذه البلدان بمساعدة القطاع الخاص في التعافي، بالتزامن مع زيادة النمو السكاني والطلب على السلع في أغلب الدول النامية.
وقال: هناك دول تستفيد ودول ستكون خاسرة، فالدول المصدرة للاستثمارات للخارج ستقوم عودة الاستثمارات بتحريك الاقتصاد الداخلي، بينما الدول التي تعتمد على الاستثمار المباشر لتحريك الاقتصاد ستتأثر بلا شك وستضعف القدرة الشرائية في الدول المستوردة للاستثمارات ونمو الطلب العالمي سيتراجع نتيجة وجود الطلب العالمي في الدول المستوردة للاستثمار.

ركيزتا التعافي من الجائحة
أكد عبدالله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، أن مرحلة التعافي من الجائحة تعتمد على ركيزتين، أولهما الجانب الصحي ومدى قدرة الحكومات على السيطرة وإيجاد لقاح للجائحة، والثاني يتمثل في السياسات الحكومية والإجراءات والتشريعات التي ستقوم بها الدول خلال مرحلة التعافي، فالإجراءات إما محفزة أو حمائية. وقال آل صالح: «إن المعطيات الحالية ستدفع العالم لإعادة التفكير في طريقة أداء الأعمال، وستخلق الطريقة الجديدة ثقافة جديدة تؤثر على رسم معالم التجارة الدولية في المستقبل، ولا بد أن يعيد قطاع الأعمال والقطاع التجاري والاستثماري التفكير في وضع خطط وسياسات للنمو الاقتصادي».   
وقال: «إن خطوات التعافي للتجارة العالمية، تتطلب تحسين الدول من عمليات الإنتاج ذات العلاقة في التجارة الدولية، واختصار الكثير من الإجراءات وتخفيض تكاليف أداء الأعمال وتكاليف انتقال السلع والخدمات عبر الحدود، وتعزيز إجراءات الشفافية في أداء الأعمال، والانتقال إلى إجراءات إلكترونية، والوضوح في الإجراءات والقوانين، وتعزيز العلاقات الاقتصادية في التعاون بين الدول».

إنقاذ منظمة التجارة بآليات جديدة
 استبعد عبد الله آل صالح، وكيل وزارة الاقتصاد لشؤون التجارة الخارجية، التوجه الدولي في الوقت الراهن لمنظمة دولية جديدة بديلاً لمنظمة التجارة العالمية، معرباً عن اعتقاده برفض الدول حدوث انهيار كامل للمنظمة، إذ تسعى البلدان الأعضاء لإنقاذ المنظمة ولكن بآليات جديدة، وأن التحدي الذي تواجهه المنظمة حالياً سيكون عاملاً دافعاً للدول بأن تقدم تنازلات لأن الخسائر الناجمة عن انهيار المنظمة ستكون أكبر بكثير من استمرار المنظمة الوضع الحالي.
وأوضح أن النظام التجاري العالمي سيشهد عملية تحول تواكب الأداء الجديد في قطاع الأعمال، لافتاً إلى أن نجاح المؤسسات الدولية في الانتقال لهذه المرحلة سيحدد شكل النظام التجاري بعد جائحة «كوفيد - 19»، مشيراً إلى أن منظمة التجارة العالمية لديها ملفات لا تزال عالقة منذ فترة طويلة، نتيجة اختلاف المصالح بين اللاعبين الرئيسين في المنظمة والدول النامية والأقل.
وقال آل صالح: «أثرت الأزمة على مستقبل عمل المنظمة، وطريقة تعاملها في المواضيع الخلافية والمفاوضات وآلية اتخاذ القرارات، والمواضيع الجديدة ستكون مختلفة عن آلية العمل قبل الأزمة».
وتابع آل صالح: «جاءت استقالة مدير عام المنظمة في وقت حرج، وتم تأجيل المؤتمر الوزاري للمنظمة، وهناك نقاط خلافية كبيرة بين المرشحين لمنصب المدير العام للنظمة، تتعلق بالتجارة الإلكترونية وتجارة الخدمات التي تأثرت بصورة كبيرة خلال الجائحة (النقل والشحن والسياحة عبر الحدود والقطاع الصحي)».

 



جميع الحقوق محفوظة لمركز الاتحاد للأخبار 2024©